السبت, 10 مايو 2025
106
خلال عشرة أعوام تقريباً توالى على رئاسة الحكومة أربعة: بحاح، بن دغر، معين، بن مبارك، وفي عهد كل منهم تستاء الأوضاع وتزداد معاناة الناس صعوبة، يتصاعد سعر الدولار وتهبط قيمة العملة المحلية الشرائية وترتفع الأسعار وتنهار الخدمات العامة، وفي مقدمتها خدمة الكهرباء والماء وغيرها من الخدمات الاجتماعية الأخرى المرتبطة بحياتهم والوصول بهم إلى كارثة المجاعة.
لا شك في أن هناك جملة من العوامل والأسباب الموضوعية منها والذاتية والحسابات السياسية أيضاً تقف وراء كل ذلك تستهدف في محصّلتها مكانة الانتقالي في الجنوب وتفكيك حاضنته الشعبية ومعاقبة الناس نكاية به وماذا عمل لكم الانتقالي، من تلك العوامل والأسباب برأينا:
1 - أن الاختيار لرئيس وأعضاء الحكومة بشكل عام يتم بحسابات سياسية تستهدف أيضاً إضعاف أداء الحكومة الذي ينعكس بصورة مباشرة على حياة الناس ومعيشتهم وخدماتهم الاجتماعية، يتم بمعايير الشراكة والتمثيل والمحاصصة لا بمعايير المؤهل -التخصص- الخبرة والكفاءة والتجربة وتوافر القدرات القيادية، إلا من رحم ربي.
2 - إن معا دلة الجنوب في الشراكة -بما هي شراكة فاشلة- معادلة مختلة، مناصفة شكلاً ومرابعة( الربع) موضوعاً لاسيما أن بعض من يأتون باسم تمثيل الجنوب هم في حقيقتهم ممثلين لأحزابهم وليس للجنوب، إن ذلك يستوجب تقويم معادلة مختلة هكذا يستوعب مكانة وأهمية الجنوب الجيوسياسية والاقتصادية وبيئته المدنية والثقافية الطاردة للإرهاب والتطرف والعمل في إطار شراكة حقيقية وفاعلة وتمثيل ومحاصصة عادلة ومساعدة رئيس الحكومة الحالية ابن بريك في إنجاح مهمته، وبما يضمن حق أبناء شعب الجنوب في الوقت الراهن الحصول على مقومات ومتطلبات الحياة والعيش الكريم.
3 - إن العبث والفساد بالمال العام قد صارا سيدا المشهد، تنمرت تماسيحه وطالت أيادي ومخالب هواميره جسد المال العام، وربما يكون الصمت عليه طالما لم نرى فاسداً قد مَثَلَ أمام القضاء رغم تقديم الجهاز المركزي لمراجعة الحسابات تقارير بقضايا فساد، ربما يكون ذلك قد ساعده -العبث والفساد- على الانتشار والتمدد.
4 - إن اعتداءات الحوثي العسكرية على موانئ تصدير النفط والغاز في شبوة وحضرموت وسفن الشحن البحري التي تنقله إلى الأسواق الخارجية، قد أحرم خزينة الدولة من عائدات أهم مورد اقتصادي وسيادي، كذلك اعتداءاته العسكرية على ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وعلى سفن النقل التجارية التي تأتي بالبضائع من السوق الخارجية إلى ميناء عدن للسوق المحلية ولإعادة التصدير قد أضعف نشاط ميناء عدن وأحرم خزينة الدولة من عائداته المالية ومن الضرائب الجمركية أيضاً، فضلاً عن آثار وتداعيات كارثة حرب عام 1994م الاحتلالية الغاشمة وما تلاها.
5 - إن انتشار محلات الصرافة بصورة غير مسبوقة وما يتم تداوله عن تسرّب الدولار إلى المناطق الشمالية من خلال شرائه من قِبَل الباعة الشماليين الذين يأتون بالخضار والفواكه والقات إلى مناطق الجنوب بسبب أن الطبعة الجديدة من العملة المحلية التي يتم تداولها في الجنوب لا يتم التعامل بها في مناطق سيطرة الحوثي، إن ذلك قد أسهم أيضاً في ارتفاع قيمة الدولار وتدهور قيمة العملة المحلية بهذا القدر أو ذاك.
في ظل أوضاع هكذا بعواملها وأسبابها يأتي تعيين ابن بريك رئيساً للحكومة، ولذا فمهما كانت كفاءاته وقدراته وعلاقاته بالمؤسسات المالية الدولية، فإنه أمام إرث عميق من العبث والفساد وتركة مثقلة بالعوامل والأسباب أوصلت البلد إلى ما هو عليه، أمام ذلك لا يمتلك عصى سحرية لتجاوزها، ولإنجاح مهمته يحتاج إلى مساعدة وتدخل عاجل من دول الرباعية الدولية السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا لإنقاذ الوضع المعيشي والخدمي وفي البدء دفع المرتبات وإعادة خدمة الكهرباء وعقلنة أسعار الصرف والارتفاعات السعرية ومعالجة أهم الاختلالات كأولوية، وفي كل الأحوال الرجل يحتاج إلى مساعدة لإنجاح مهمته، الوضع صعب ومعقد والتحديات كبيرة والتفاؤل خير.