الاثنين, 12 مايو 2025
85
مؤلم أن يفتش المرء عن بقايا وطنه في قمامة لا تستر عورة جوعه.
و الأكثر إيلاما أن يفتش الأثرياء عن الوطن الضائع في جيوب الفقراء والمعدمين.
الوطن الذي نحلم به ليس مدينة الفارابي الفاضلة ولا نموذج جمهورية أفلاطون، لكنه ذلك الوطن البسيط الذي لا تجرح فيه كرامة مواطن ولا تهان فيه لقمة فقير معدم.
لا نرى طحينا لوطن مسلوب يختنق بجعجعة من يدعون وصلا بالقيم الوطنية وتلك القيم لا تقر لهم بذلك.
كيف يمكنك أن تبني وطنا على أنقاض المعدمين وهم لا يجدون جرعة معنوية تخرجهم من تحت خط الفقر..؟
من الصعب أن تحدث الناس عن وطن يتشكل مع طواحين هواء (دون كيشوت) وأنت تكتنز الذهب والفضة والقناطير المقنطرة.
أمر هين أن تمارس التنظير الوطني من فيلا مكيفة في بلاد خلق الله، بينما من فرض عليهم الولاء والطاعة يواجهون موجات الحر دون كهرباء تقيهم شر الموت تحت حمامات الرطوبة.
من العسير أن تقنع مواطنًا جائعًا يعيش مع البعوض في ظلام دامس بالقيم الوطنية وهو يموت كل ثانية ويرى النجوم في عز الظهر.
يمكن لفرسان الولائم ومن يقبضون بالعملة الصعبة أن يرفعوا من إيقاع الوطنية، لكنهم لا يستطيعون غرسها في عقل مواطن يتضور جوعا.
في وسع أبواق دعاية الدفع المسبق الذين لا يكابدون شظف العيش أن يحدثونا عن التواصي بالصبر، لكنهم لن يخدعوا معذبين أيديهم في النار،فلا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها.
مفهوم الوطن والوطنية عند هذا الشعب المترب رغيف خبز وجرعة ماء وكهرباء وراتب يحفظه من هم الليل ومذلة النهار.
أمهاتنا وأخواتنا حرائر وماجدات عدن خاصة والجنوب عامة رسالتهن الثورية زلزلة عاتية لا تستثني أحدا، ومن لم يفهم سطورها وما بين سطورها أعمى البصر والبصيرة.