أخر تحديث للموقع
الخميس, 22 مايو 2025 - 12:22 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • الحرب تطال صناعة الأسمنت

    د. حسين الملعسي




    ضرب مصانع الأسمنت في اليمن لم يؤثر فقط على قطاع صناعي بعينه بل تسبّب في سلسلة من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية أبرزها ارتفاع الأسعار وركود في مشاريع البناء وارتفاع معدلات البطالة.

    صناعة الأسمنت في اليمن هي شريانا حيويا هاما للتنمية ولا سيما في مجال إقامة البنية الأساسية وتوفير فرص العمل وقد أصبحت اخيرا ضحية لصراعات محلية وإقليمية ودولية، ما يجعل مستقبلها مرهونًا بوقف الحرب والوصول إلى حل سياسي والاتفاق على إعادة الإعمار والبناء دون ذلك ستستمر اليمن في دوامة التدهور الاقتصادي والإنساني.

    بدأت صناعة الأسمنت في السبعينيات من القرن الماضي كرمز للتنمية الصناعية حيث تم إنشاء مصنع بآجل ومن ثم مصنع عمران ومصنع البرح كمصانع حكومية ثم في بداية القرن تم الاستثمار الخاص في صناعة الأسمنت بإنشاء مصانع الوطنية والوحدة والعربية وغيرها من مشاريع التعبئة والتغليف والطحن في محافظات مختلفة.

    تحولت مصانع الأسمنت إلى أهداف عسكرية حيث تم تدمير مصانع عمران وباجل وذلك على إثر الضربات الأخيرة في عام 2025، وكان مصنع البرح قد تعرض لضربات عسكرية أدت إلى توقفه منذ بداية حرب 2015.

    إن تعرض هذه الصناعة الحيوية لضربات مدمرة طالت بنيتها التحتية وعمالتها هو عمل مدان بشدة كونها منشآت مدنية تخدم المجتمع والتنمية حيث أدت تلك الضربات إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية في البلد.

    عموما تسببت الهجمات على مصانع الأسمنت الحكومية بخسائر أولية بلغت أكثر من 100 مليون دولار تقريبا حسب بعض المصادر هذه الهجمات لم تقتصر على توقف الإنتاج، بل أثرت على آلاف العائلات التي تعتمد على هذه المصانع في معيشتها، حيث تسبب ذلك التدمير في فقدان آلاف العمال لوظائفهم مع عدم وجود فرص عمل بديلة في سوق العمل الذي تشهد سوقة معدلات بطالة مرتفعة بسبب تدهور القطاعات الاقتصادية الأخرى بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من عشر سنوات.

    أدى تعطيل المصانع الحكومية الثلاثة إلى خسارة طاقة إنتاجية هامة تقدر بحوالي 3 ملايين طن كلنكر سنويا، ما سيسبب عجزًا ضخمًا في عرض سلعة الأسمنت الهامة في البلد ويؤدي إلى فوضى في العرض والطلب وعدم القدرة على ضبط اسعار الأسمنت.

    سوف تؤثر تلك الضربات على قطاع البناء والتشييد بشكل خطير نتيجة لـِ توقف أو تباطؤ مشروعات البنية التحتية العامة والخاصة (طرق، مدارس، إسكان) وخسائر لقطاع المقاولات، وانسحاب الاستثمار من قطاع البناء والتشييد، كما ستؤدي الضربات إلى انخفاض في وتيرة الإعمار وإعادة البناء، خصوصًا في المدن المتضررة من الحرب.

    ومن الجدير بالإشارة إلى أن مصانع القطاع الخاص التي لا زالت تعمل بوتائر محدودة في المناطق الجنوبية هي مصانع الوطنية والوحدة والعربية التي تبلغ طاقتها التصميمية حوالي 3.6 مليون طن كلنكر سنويا ستسد جزء بسيط من الطلب في سوق الأسمنت في حال تم استغلال كامل الطاقات الإنتاجية.

    بالإضافة إلى تلك المصانع المنتجة توجد مصانع طحن وتعبئة الأسمنت التي نأمل أن تسد جزء من الطلب في السوق بالإضافة إلى الاستيراد من الخارج الذي يتوقع أن يسد الجزء الأكبر من العجز في عرض الأسمنت الناتج عن تدمير مصانع الأسمنت الحكومية.

    بالإضافة إلى تدمير مصانع الأسمنت أدت الحرب الدائرة إلى تدمير البنية التحتية المرتبطة بصناعة الأسمنت بشكل خطير مثل تدمير محطات الكهرباء والموانئ حيث تم تدمير محطات كهرباء وكذا تدمير بعض موانئ الاستيراد الذي يمكن استخدامها لاستيراد الأسمنت أو المواد الخام الذي تستخدمها بعض مصانع طحن وتعبئة الأسمنت في المناطق الشمالية.

    يضاف إلى تلك المشكلات توجد مشكلات في السياسات الاقتصادية التي تطبقها سلطات صنعاء والمتصلة بسوق الأسمنت مثل منع استيراد الكلنكر وإلزام مصانع طحن الأسمنت شراء الكلنكر من المصانع التابعة لمؤسسة الأسمنت الحكومية مما يضاعف من أزمة سوق الأسمنت في المدّة القادمة.

    في ظل الحرب وعدم الاستقرار وتدمير مصانع الأسمنت، تنشأ مصانع أسمنت جديدة للتخفيف من الأزمة وفي صدارة تلك المصانع شركة صيرة للأسمنت المحدودة التي سوف تدخل منتجاتها السوق خلال الأيام القادمة، ونؤكد أن منتجات أسمنت صيرة ستكون بمواصفات عالمية وفقا للمواصفات الأوروبية ومما يساعد في تحقيق الجودة العالية هي التقنية الأوربية الحديثة المستخدمة في الإنتاج واستخدام الشركة تقنيات الجيل الرابع في مجال صناعة الأسمنت التي تضبط الجودة وتصادق البيئة.

    إن أهم التحديات المستقبلية التي ستواجه صناعة وسوق الأسمنت هي صعوبة إعادة بناء المصانع والموانئ المدمرة التي قد تتطلب عدة شهور.

    في الأخير ندعو السلطات المختصة إلى ضرورة تشجيع الاستثمار في مجال صناعة الأسمنت وإيجاد بيئة جاذبة ودعم المستثمرين في هذا المجال الحيوي الهام.


    الرئيس التنفيذي لشركة صيرة للأسمنت المحدودة
    عدن مايو 2025

المزيد من مقالات (د. حسين الملعسي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال