الثلاثاء, 08 يوليو 2025
67
في خضمّ عالم متلاطم الأمواج، تتجلّى المتابعة المستمرة لوسائل الإعلام، لا سيما العُمانية منها، كمقياس حقيقي لدورها المحوري. وبوصول نسختي اليومية من "صحيفة عُمان" عبر هاتفي من الأخ تمام باشراحيل، إضافة إلى رصدي لعدد من القنوات الفضائية العُمانية، يتأكد لي أمرٌ جوهري: أن الإعلام العُماني نجح في أن يكون حلقة وصل بالغة الأهمية بين السلطنة ومعظم دول وشعوب العالم، تلك التي تتناغم مواقفها مع الرؤى العُمانية المستنيرة، هذا التناغم لم يأتِ من فراغ، بل هو سعي دؤوب لتحقيق التفاعل الحضاري الشامل مع الجميع.
ما يميز الإعلام العُماني حقًا هو قدرته الفائقة على تحقيق هذا الانفتاح، دون أن يتنازل قيد أنملة عن تقاليده وعاداته الإسلامية الأصيلة.
هذه الأصالة اكتسبها الإعلام العُماني من تاريخ الدولة "البوسعيدية" التي تأسست على يد مؤسسها الإمام أحمد بن سعيد عام 1744م، والتي يُمثل السلطان الحالي هيثم بن طارق آل سعيد امتدادًا حيًا وملهمًا لها، هذا التاريخ هو صمام الأمان الذي يحفظ الهوية ويُثري الخطاب الإعلامي.
ولعلّ من أروع تجليات هذا الإعلام هو تعامله الرشيد مع حرية التعبير، فالقانون العُماني لم يدع هذه الحرية فوضى تُستغل في الإساءة إلى الإنسان العُماني، أو الإساءة إلى من يقاسمه العيش الكريم على أرضها الطيبة بل جاء القانون صارمًا في حظر كل ما يؤدي إلى الفتنة، أو يمسّ كرامة الإنسان وحقوقه، وهذا ما نلمسه بوضوح في الواقع العملي، فالمشهد الإعلامي العُماني لا يزال يحتفظ برزانته واحترامه للمبادئ والقيم.
لقد أثبت الإعلام العُماني، قولًا وفعلًا، أنه أداة فعالة في تقريب وجهات النظر المتباينة، ومحرك رئيس في دفع عجلة الاستقرار الداخلي إلى الأمام..وهو ما نفتقده في كثير من الدول العربية التي تُنجد وسائلها الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي في الإساءة للغير أو تتبع عثراته، أو تقديم برامج لا تُحاكي الواقع، ولا تُناقش هموم الناس.
لم يقتصر أثر الإعلام العُماني على الصعيد السياسي والاجتماعي فحسب، بل امتد ليصبح عامل جذب أساسي للاستثمارات العربية والأجنبية، فما لم تُعد عُمان مجرد وجهة سياحية مثل "خريف صلالة" وحسب، بل أصبحت من أفضل الدول في مجال جذب رؤوس الأموال، وهو ما انعكس إيجابًا على نصيب المواطن العُماني من الناتج المحلي الإجمالي، فقد بلغ حوالي 17315.71 دولار أمريكي في عام 2024م (وفقًا لبيانات الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد)، مع مؤشرات إيجابية لاستمرار هذا الارتفاع.
ولم تكتفِ قيادة السلطنة بتطوير إعلامها -الذي سبق عُمره ـ إنما رافقه الاهتمام بالاقتصاد؛ حيث تشهد عُمان نموًا ملموسًا في مؤشراتها الاقتصادية، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان بالأسعار الثابتة بنسبة 2.5 % بنهاية الربع الأول من عام 2025م، ليصل إلى 9.43 مليار ريال عُماني. كما تجاوز إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السلطنة 30 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2024م، بزيادة قدرها 4.58 مليار ريال عُماني مقارنة بالربع الرابع من عام 2023م.
وتتزايد حصة القطاعات غير النفطية في هذه الاستثمارات، مما يعكس جهود التنويع الاقتصادي.
وتُعد هذه الأرقام دليلًا واضحًا على ارتفاع مستوى المعيشة للمواطن العُماني وتحقيق الرفاه الاقتصادي.
إن ارتفاع الدخل وتحسُن مستوى المعيشة هو ما ينشده المواطن عادة في وطنه، قبل أن يساوره التفكير في مرارة الغربة والابتعاد عن الأهل والوطن. وهذا بالضبط ما يقدمه النموذج العُماني، حيث يؤدي الإعلام دورًا لا يقل أهمية عن باقي المؤسسات في بناء وطن مزدهر ومستقر، يلبي طموحات أبنائه ويحافظ على إرثه العظيم.