> «الأيام» علي سالم اليزيدي:

حامد البار وزير خارجية ماليزيا والسفير د.المنيباري مع الزميل علي سالم اليزيدي
حامد البار وزير خارجية ماليزيا والسفير د.المنيباري مع الزميل علي سالم اليزيدي
تزامنت هجرة العرب اليمنيين الحضارمة إلى جنوب شرق آسيا مع مجيء الإسلام إلى المنطقة والإقرار بأن المهاجرين الأوائل هم أفضل ممثلين للإسلام وأعظم دعاة لحضارته وعملوا بعدئذ بالانشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والانشطة الدعوية والتعليم الإسلامي والعمل الدبلوماسي، وتولى عدد من الحضارمة المهاجرين زمام السلطة السياسية وكونوا أسراً حاكمة، ووتنسب إلى الأصل العربي، وفي فترة مقاومة الاستعمار انضم كثيرون منهم إلى فصائل المقاومة وتحقيق الاستقلال لدولهم الجديدة في جنوب شرق آسيا، وباستثناء سنغافورة نلحظ أن العرب الحضارمة في جنوب شرق آسيا قاطبة قد وصلوا إلى نوع من الإنصهار في المجتمع المحلي، ولكن الحوار هنا حول صلة الحضرمي المعاصرة بالمنطقة، ولهذا يعد المؤتمر الدولي حول دور وتأثير اليمنيين الحضارم في ماليزيا (26 - 28 أغسطس 2005م) امتدادا لمؤتمرات عقدت في لندن 1995م والدنمارك 1997م والقاهرة 2003 ومن ثم القادمات، فما الذي حدثني به هؤلاء المشاركون والضيوف.

حامد البار: الحضارمة في ماليزيا تمكنوا من الانصهار
بعد ان القى خطابه الساخن وانفضت الجلسة الاولى ذهبت لمصافحة السيد داتوسري حامد البار وزير الخارجية الماليزي، وقف مع الجميع وتبادل الاحاديث وعندها سألته عن ما بين الشتات والانصهار من خلال خطابه، ضحك الرجل ووضع يده على كتفي وقال: «انا حضرمي ماليزي وقلت هذا منذ لحظات والحضارمة من اهل اليمن ليسوا شتاتا وانما اندمجوا وانصهروا وقد استطاعوا ان يستوعبوا اللغة والعادات والحياة الاجتماعية، ولكنهم على علم بأصلهم البعيد، ولكن اسباب الهجرة هنا هي الدعوة للإسلام، فاجتهدوا في الدين ونشروا المذهب الشافعي وعاملوا الناس بلطف وقاد بعضهم المقاومة ضد البرتغاليين والهولنديين وسقطت سياسة فرق تسد وهذا جعلهم ينصهرون مع السكان المحليين ووحدتهم هي النضال ضد الاستعمار، وجدي نفي الى سومطرة بسبب معارضته للاستعمار»، وواصل حديثه بقوله: «حاول الاستعمار ان يدخل الاجانب ليوجد جدارا فاصلا ما بين الحضارم والسكان المحليين وهذا سقط أيضاً وتوحد العلماء والمثقفون وكانت لنا اتصالات مع رجال الثورة الذين نذكرهم مثل الشيخ الامام محمد عبده وجمال الدين الافغاني وايضا السلطان عبدالحميد»، وعدت بسؤال سريع: تفضلتم في خطابكم وذكرتم الحديث عن قصة الاصلاحات هنا ما بين حضارمة جنوب شرق آسيا، ما هي لو تكرمتم ؟

اجاب سعادة الوزير الماليزي بقوله: «ما قام به من دعوات اصلاحية في المنطقة العربية الشيخان محمد عبده وجمال الدين الافغاني اثرت في جنوب شرق اسيا وكنا على صلة بها والفضل للحضارمة في هذا الصراع فأسهموا في التوعية الاسلامية والاصلاحية واتحاد منظمة الملايو وتنمية حركة الاستقلال، كما كان هناك دور لعائلات كثيرة مثل آل السقاف والبار وآل باعلوي، اصحاب منابر دينية ومقاومة ومقام وشكرا».

د. القدال: هذه خصائص حضرموت الحقيقية
القدال باشا، وزير السلطنة القعيطية 1950م، احب ابنه الدكتور محمد سعيد القدال حضرموت ومثل ما عشقها والده كتب وترجم عن حضرموت الكثير وابرز الترجمات (حضرموت تكشف عن بعض غموضها)، وجدته في قاعة المؤتمر يعمل دراسة اعدها برفقة الاستاذ عبدالعزيز القعيطي، فقال: الحضارم لهم دور كبير في هذه المنطقة واصبحوا جزءا من السكان الاصليين، وانا ركزت على شيء اسمه خصوصية حضرموت وما هو الشيء الخاص في المجتمع الحضرمي وهذه الخصوصية تتشكل في خمس عوامل.. الجغرافيا في حضرموت والتراث الاجتماعي والحكام المستنيرين والشرائح المستنيرة في بداية القرن العشرين وطبيعة الاستعمار البريطاني التي تختلف عن طبيعة الاستعمار الآخر واخيرا الهجرة هذه العوامل الخمس شكلت حضرموت وجعلتها تختلف عن خصوصيات البلاد العربية وكل هذا لعب دورا في القضاء على الصراع القبلي في حضرموت وهذا محور دراسة مشتركة مع الاستاذ عبدالعزيز القعيطي .

وعدت بالسؤال :لو سلطنا الضوء، كيف نقدم هذه الخصوصية للقارئ؟ اجاب الدكتور محمد سعيد القدال، الكاتب والمفكر والباحث السوداني البارز، باختصار: الوضع الجغرافي له اثره في الصراع القبلي ،الساحل ضيق بينما الجبال الصحراوية موطن صراع، المناطق الوسطى خليط بين هذا وذاك والتراتب الاجتماعي له خصوصية شدت انتباه الباحثين ،ويختلق التراتب الاجتماعي Stratification social عن التركيب الطبقي class structure وعالم الاجتماع الشهير عبدالله بوجراكين من اصل حضرمي من اول الباحثين في هذه الظاهرة، (حريضة من وادي حضرموت) وتحدث عكاشة عن هذا ايضا وفسروا وضع السادة والمشائخ والقبائل الحموم وسيبان ويافع وخصوصية حضرموت البارزة في القيادات المستنيرة من النصف الثاني من القرن 20 فقد برز السلطان صالح بن غالب القعيطي وعلي بن صلاح القعيطي والسلطان الكثيري والسادة منهم السيد ابوبكر بن شيخ الكاف وسعيد عوض باوزير ثم المهجر والدعوة من هنا للاصلاح.

المفكر الاصبحي.. التثاقف والحوار الحضاري
في قاعة المؤتمر بالجامعة بماليزيا .. ذهبت الى المفكر والشخصية السياسية الاجتماعية اليمنية المعروفة احمد محمد الاصبحي، كان معي بالطائرة وانتظرت حتى يحط ويهدأ فنتكلم، قال الرجل وهو يقدم بحثا في هذا الاتجاه بل وترأس الجلسة الثانية خلال المؤتمر وكان لحضوره مكانة من حيث طباعه وحسن لباقته وثقافته: لكم يسعدنا ان يكون هذا المؤتمر الرابع لتسليط الأضواء على دولة شقيقة وعزيزة علينا وهي ماليزيا وفي رحاب الجامعة الاسلامية وبالتنسيق مع سفارة الجمهورية اليمنية ويحضره مؤرخون وعلماء يتمتعون بالموضوعية والعقلانية وبلدان عربية واسلامية ويهمنا كثيرا ان يقف الجميع على القيم التي اعطت للمهاجرين الحضارمة خصوصية الاندماج بالمجتمعات الاخرى لأن عملية الاندماج هي نقلة حضارية في نهاية المطاف لشعوب قادرة على ان تتعايش وتتحاور والحوار الحضاري لا قيمة له ولا اهمية ما لم يأت بالايجابية التي وصل اليها اهلنا في هذه البلدان، وابرز ما في الحوار الحضاري هو التثاقف.

واستوقفتني هذه الكلمة فعدت اطلب توضيحا فاجاب مشكورا: ان التثاقف يعني ان تقدم ما لديك وتأخذ من الآخرين وتصل معهم الى حل مشترك يحقق الاندماج وهذه عملية جديرة بأن تدرس من علماء الاجتماع، وقد اعطانا الماضي صورة مشرفة فهل يمكن ان نصل الى ما اسهم به اجدادنا من القدوة الحسنة، وهذا ما نركز عليه في بحثنا حاليا ولاحق،ا وفق الله الجميع.

من نيويورك وهولندا وادنبره
ابحاث جريئة

د. وليم روف، الباحث الشهير من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الامريكية قال: المؤتمر فرصة ممتازة وتأكيد على التأثير المباشر للمهاجرين الحضارم اليمنيين في جنوب شرق آسيا وجنوب الهند وانا تقدمت بدراسة حول هذا وساواصل ابحاثي بعد اليقين الذي وصلت له حول الوجود الحضرمي في شرق آسيا ودوره القديم والجديد.

البروفيسور هوب دي جونيق من جامعة راديود الهولندية تقدم ببحث يخص المميزات التي اثرت في حياة سكان جنوب شرق آسيا والهجرة الحضرمية الى هناك، قال باختصار شديد: انا متابع لكل ما نتج عن الهجرة الحضرمية الى جنوب شرق آسيا ومشاركتي هذه تعتبر احدى المشاركات منذ بدأت اهتم بهذا الموضوع.

د. وليم جرافيس، من لندن معهد الدراسات الشرقية والافريقية، قدم لي ملخصا لدراسته، وانتظرت حتى قال كلمة موجزة في الحفل الختامي نيابة عن الباحثين ،وعندها نطق هذا الباحث بما هو شهادة للحضارمة اليمنيين في عمق التأثير والتدين ايضا.

وختامها مسك عند زين العابدينإ
أن اولئك الأوائل اسسوا في تعاملهم فهما في التعامل مع غير المسلم وفي ظل وجود اقلية مسلمة، والعالم اليوم احوج ما يكون لذلك بوجه خاص، نظرا لما يشهده العالم من نزاعات، هكذا تكلم الداعية الاسلامي السيد على زين العابدين الجفري اثناء وجوده في هذا المؤتمر واضاف: الذين خرجوا من حضرموت الى هذه البلاد نقلوا معهم حسن المعاملة والوعي والادارة الحسنة لفهم الواقع، تبرز بعد ذلك وتظهر تأثيرا طوعيا في نفوس من حواليهم ومن ثم دخل الاسلام دون نزاع وقتال، وهذا بحق ما هو احوج اليه وليس في المنطقة العربية فقط، بل والعالم الذي يعيش صراعا نراه ونسمعه.

وقد قدم هذا الداعية ورقة بحثية لاقت اهتماما بالغا حول تكامل الحضارات، كما القى محاضرة حضرها جمع غفير من المسلمين في ماليزيا.