> غزة «الأيام» مهدي البوعشيرة :
الفلسطينيون على شاطئ غزة
والشاطئ هنا لا يكتظ بالمتنزهين مثل شاطئ مدينة غزة لكن بعض العائلات قصدته لتناول غداء في الهواء الطلق بالرغم من الصدمة التي اثارتها مشاهد الطفلة هدى البالغة من العمر عشر سنوات وهي تبكي الى جانب جثة والدها الذي قتل على هذا الشاطئ تحديدا.
ويحدق احمد (30 عاما) في الافق حيث يعبر زورق دورية للجيش الاسرائيلي الذي اوقف عمليات القصف المدفعي بعد وقوع ثمانية قتلى في "مأساة شاطئ غزة"، ويقول "نخشى ان يحصل الامر نفسه الذي حصل قبل اسبوعين".
ويحمل الفلسطينيون المدفعية الاسرائيلية مسؤولية وقوع الضحايا فيما ينفي الجيش الاسرائيلي ذلك.
وليس امام سكان قطاع غزة من متنفس سوى البحر لنسيان حياة يومية باتت شاقة للغاية.
ويروي احمد وهو اب لفتاتين وولد "لا يمكننا اصطحاب الاطفال الى اي مكان اخر ليلعبوا,يعيشون محتجزين باستمرار داخل المنازل بسبب الخطر,وحياتهم محصورة بين البيت والمدرسة ثم المدرسة والبيت".
ويتابع بصوت يكشف عن مشاعر اقرب الى اليأس منها الى الغضب "حتى الكلاب في اوروبا تعيش افضل منا. نحن لا نملك شيئا: لا دولة ولا وظيفة ولا ارض، لا شيء. ويقصفون حتى الشاطئ".
وعلى مقربة يحتمي موسى متى وزوجته شهد من اشعة الشمس داخل خيمة فيما يلعب اولادهما الصغار على الشاطئ ويبنون قصورا من الرمل.
ويؤكد موسى انه قرر اصطحاب عائلته الى شاطئ السودانية من باب التحدي ويقول "جئت الى هنا لاظهر لليهود اننا لسنا خائفين".
وتضيف زوجته "ان الوضع خطير في اي مكان. فقبل ثلاثة ايام تعرض منزل في خان يونس للقصف وقبل ذلك قتل اطفال في جباليا"ويقاطعها زوجها قائلا "يجب ان تستمر حياتنا".
غير ان مشاهد جثث العائلة ممددة على الرمال لا تغيب عن ذهنهما وتقول شهد "شعرنا بحزن بالغ عندما شاهدنا هدى تصيح وتبكي على التلفزيون".
وتسود شواطئ مدينة غزة اجواء اكثر انشراحا فيعرج باعة متجولون بين المصطافين عارضين عليهم سكاكر واكوابا من الشاي وكرات وعوامات لاطفالهم.
وترفرف عشرات طيارات الورق فوق الشاطئ فيما يراقب الاهل اطفالهم وهم يتبادلون الاحاديث ويدخنون الاراكيل.
ويقول احمد رجب الدهشان (57 عاما) جالسا تحت مظلة ومحاطا باحفاده "قال لي الاولاد بعد القصف على السودانية انهم يخشون المجيء الى هنا".
ويتابع "ماذا يسعنا ان نفعل؟ انني اعمل بكد من السبت الى الخميس وسلواي الوحيدة هي المجيء الى الشاطئ الجمعة"، فيما تقدم زوجته اكوابا من المشروب البارد.
ويصف احمد القصف الاسرائيلي "الاعمى" على حد تعبيره بانه "جريمة غير انسانية" معتبرا ان "هدفها نشر الخوف في قلوب الفلسطينيين".
ويقول ابنه حسام غاضبا "يقولون انه رد على اطلاق صواريخ,لكنها تسقط في الصحراء ولا توقع ضحايا".
ويضيف احمد "حين يثير اطلاق هذه الصواريخ الخوف لدى ثلاثة اشخاص في سديروت (جنوب اسرائيل)، يقتلون 15 شخصا هنا. لا اهمية لقتلانا بنظرهم". (أ.ف.ب)