> سالم صالح محمد:

سالم صالح محمد
سالم صالح محمد
{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}... سورة الأنفال .. (ولأن الفتنة أشد من القتل) فقد تداولت الأوساط الشعبية في دول الخليج واليمن باهتمام كبير حديث الشيخ الكناني مع فضائية المستقلة وهو أحد شيوخ (العقيدة الجعفرية) وسجل حديثه الذي تتبادله الناس بالجوال وخاصة ما أشار إليه من أن استلام السلطة في الكويت والبحرين واليمن ومصر هو أقرب إلى الشيعة من حبل الوريد!!

بينما لم تتداول هذه الأوساط ما كتبه الشيخ حسين الصفار وهو أحد أئمة الشيعة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية في تحذيره الأمة من الفتنة الطائفية ونذر الحرب التي يخطط لها الأعداء لإيقادها في العراق وتطال كل المنطقة ودعا في خطبة له ألقاها يوم الجمعة من شهر صفر 1427هـ إلى تكريس مفهوم الوحدة بين أبناء الأمة للوقوف معا في وجه ما يرسم لها من مخططات.

لقد برزت مظاهر الفتنة الطائفية السياسية بصورة جلية بعد احتلال بغداد وأخذت بالتصاعد مع المراحل التي مرت بها العملية السياسية منذ أن تم تشكيل مجلس الحكم في يوليو 2003م، على أساس عرقي وطائفي.

ونجحت قوات الاحتلال الأمريكية والغربية وأطراف أخرى في إذكاء وإشعال الفتنة الطائفية في العراق وفي المنطقة العربية والإسلامية وتعمل هذه الجهات ليل نهار لتوجيه المسلمين إلى حرب طائفية لا تبقي ولا تذر حيث تحاول جعل الساحة العراقية ساحة حرب أهلية طائفية وخلق معارك وكأنها معارك مقدسات بين أتباع هذا المذهب أو ذاك.

في يوم عيد الأضحى (المبارك) من العام الماضي 1427هـ، أعدم وبتلك الطريقة الهمجية الرئيس العراقي صدام حسين.

وفي عام 134 هـ وفي يوم عيد الأضحى (المبارك) أعدم والي بغداد خالد بن عبدالله القسري القائد (الخارجي) الجعد بن درهم قائلاً لأهل بغداد: «اذبحوا ضحايا عيدكم أما ضحيتي أنا فهو رأس هذا المرتد» وبطريقة همجية ليس لها علاقة بالآدمية، فصل رأسه عن جسده بالسيف.

يا ترى من يشعل (ويشعلل) هذه الفتنة ومن يخطط لها ويمولها؟

إسرائيل؟ أمريكا؟ دول الغرب؟ الأوساط المتطرفة في هذا المذهب أو ذاك؟ أم إيران؟

أسئلة ستقودنا إلى من هو المستفيد من هذه الصراعات ومن هو الذي يريد الهيمنة على المنطقة؟

كادت أصابع الموساد أن تنجح في إشعال الفتنة بين الفلسطينين (فتح- حماس) لولا الجهود العظيمة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في رعايته وإشرافه على اتفاق (مكة المكرمة).

لكن ما فشل فيه العدو الصهيوني في حربه ضد لبنان الشقيق وضد المقاومة الوطنية الإسلامية في جنوب لبنان يحاول تحقيقه عن طريق إشعال الفتنة بين الشيعة والسنة في لبنان.

في يوم 4 مارس 2007م خرجت في طهران وأمام السفارة اليمنية مظاهرة طلابية تطالب بطرد السفير اليمني من العاصمة الإيرانية وتؤيد (الحوثيين) الذين يقاتلون القوات المسلحة اليمنية في محافظة صعدة وتطالب بتغيير اسم الشارع الحالي في طهران إلى شارع حسين الحوثي. هذا الخبر أظهر ما كان مخبأ في صدور بعض الأوساط الإيرانية التي تشجع الأعمال الطائفية في المنطقة ويبدو أن الموساد والأمريكان ليسوا لوحدهم يلعبون هذه اللعبة فهذا الفعل يرتبط بما صرح به قبل أشهر الإمام (الكناني) في حديثه للفضائية المستقلة، وأصبح المواطن العربي يعيش في حالة انقسام بين الأقوال وما يشهده من أفعال.

فالقتال الدائر في صعدة منذ أشهر هو عمل منظم ومدعوم من قبل قوة إقليمية ودولية وله آثار خطيرة على الوحدة الوطنية وعلى إبعاد اليمن عن المشاركة في العمل العربي المشترك، وهم بإشعال هذا الصراع يجرون المنطقة إلى واقع جديد يرتبط بتلك النظرية التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية (الفوضى الخلاقة) في منطقة الشرق الأوسط تسهل لأمريكا وإسرائيل الهيمنة والسيطرة على المنطقة وتأمين مصالحهما فيها.

لقد زار الرئيس الإيراني أحمدي نجاد العاصمة السعودية الرياض والتقى بأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبعدها بأيام زار الدكتور أبوبكر القربي، وزير خارجية اليمن طهران والتقى الرئيس أحمدي نجاد وسلمه رسالة الرئيس علي عبدالله صالح ولعل أبرز القضايا التي بحثت في تلك اللقاءات المكثفة هي درء الفتنة الطائفية والإرهاب في المنطقة، التي أصبحت تقض مضاجع الأمة وتهدد مصالحها وتنميتها القائمة على التعايش والتسامح بين المذاهب والأديان المختلفة.

إن أنظار الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع متجهة اليوم صوب اجتماع القمة العربية الذي سينعقد في الرياض نهاية الشهر والذي سيقف أمام هذه الأوضاع وتلك القضايا المهمة والشائكة ويأتي تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة حضور هذه القمة في سياق هذه الأهمية وهذه الضرورة وهذا التوقيت.

إن نتائج ملموسة وفعالة وجماعية من قبل الدول العربية تحديدا والإسلامية والمنظمة الدولية للوقوف أمام هذه الأعمال البشعة أمر ملح ومطلوب وفوري.

18/3/2007م - دبي