> تقرير/ خاص
تقرير/ خاص
معاناة مستمرة يعيشها مرضى الفشل الكلوي في محافظة الحديدة (غرب اليمن)، نتيجة للدمار الذي تعرض له مركز الغسيل الكلوي ونهب المساعدات المقدمة له من قبل عديمي الإنسانية والضمير.
ما يقارب 852 من مرضى الفشل يستقبلهم المركز من مديريات ومحافظات مجاورة، وهو عدد يفوق الطاقة الاستيعابية للمركز لإجراء جلسات الغسيل، في الوقت الذي لا تزيد فيه عدد الأجهزة الخاصة عن 17 جهازاً تعمل على مدار 24 ساعة، إلى جانب عجز المركز عن توفير المحاليل والمتطلبات الخاصة بالغسيل، الأمر الذي يضاعف معاناة المرضى ويسوقهم نحو الموت المحتوم ولكن ببطء مؤلم.
وفي العادة يخضع مرضى الفشل لغسلة كل ثلاث أيام، غير أن المرضى في مركز الحديدة يغسلون مرة واحدة فقط في الأسبوع، وهو ما يُعد كارثة إنسانية لمرضى يظلون في طوابير وأوقات طويلة بانتظار أدوارهم، في مركز أصبح فيه الموت أقرب من عملية الغسيل المنتظرة.
*نهب المساعدات المقدمة
وتفيد معلومات مؤكدة بوجود أكثر من 29 جهازا للغسيل في المركز، الصالحة منها 17 جهازا فقط، فيما تحتاج الأخرى لصيانة أو أضحت منتهية الصلاحية.
ووجه المركز خلال الفترات الماضية العديد من المناشدات للمنظمات الإنسانية العاملة في المحافظة بذات المجال كمنظمة الصحة العالمية، والصليب الأحمر، طالب عبرها بضرورة تقديم المساعدات اللازمة للمركز، غير أن المساعدات المالية القليلة التي تم تقديمها تم نهبها من قبل القائمين على المركز، فضلاً عن المساعدات المقدمة للمرضى أنفسهم، والتي لا يحصلون منها إلا على الفتات، لتظل معاناة المرضى قائمة، وليصبح بموجبها طريق الموت أقرب لهم من الحياة المؤلمة.
*مصادرة الأجهزة
وأكد موظف في مركز الغسيل الكلوي - طلب عدم ذكر اسمه - أن "المساعدات المقدمة للمركز لا يصل منها إلا القليل، بسبب غياب دور الرقابة".
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: "الأجهزة التي يتبرع بها التجار ورجال الخير يتم مصادرتها من المركز دون علم أحد، فالمرضى منشغلون بانتظار وصول أدوارهم للقيام بعملية الغسل، والموظفون يصمتون خوفًا من تعرضهم للمخاطر، بل إن الأموال التي تصل للمركز يتم تقاسمها بين من يديرون المركز، دون أي وازع من ضمير أو إحساس بالمسؤولية تجاه المرضى في المركز الذي يأتون إليه من مختلف مديريات القناوص، وزبيد، والمراوعة وبعض المديريات التي تتواجد فيها مراكز وقدرتها الاستيعابية تعجز عن استقبال أعداد كبيرة من المرضى، والذين يدفعهم تشبثهم بالبقاء على قيد الحياة لقطع مسافات طويلة، فضلاً عن المرضى القادمين من المحافظات الأخرى كحجة، وريمة، والمحويت، وذمار، الأمر الذي يضاعف من معاناتهم ويجعلهم يتدافعون على الأجهزة بشكل كبير جدا".
*انتظار الموت
المريضة (د.ه)، والبالغة من العمر 35 عاما، أصيبت بالفشل الكلوي في مرحلة الطفولة منذ أن كان عمرها سبعة أعوام، ولأنها من مواليد محافظة تعز وتنتمي لأسرة فقيرة تسكن بالريف، عجزت عائلتها عن توفير سكن لها في المدينة، لتتمكن من إجراء الغسيل الكلوي كل ثلاث أيام.
تقول (د.ه) في حديثها لـ«الأيام» عن معاناتها: "لما عجزت أسرتي عن توفير سكن لي في المدينة، وما يتطلبه من غذاء ودواء تكفل بذلك الأمر فاعل خير من قريتنا، حيث وفر لي سكنا في قلب المحافظة ومبلغا شهريا مصروفا لي ولأخي".
وتضيف: “أنا مصابة بفيروس عجزت بسببه عن تركيب كلية، حيث قال لي الأطباء بأن هذا الفيروس من شأنه أن يقضي على أي كلية قد أستبدلها".
وبحرقة تُختم قولها: "ماتت خيرية ومش عارفات على من الدور الآتي، وما نوصل لدورنا إلا وقد شفنا الموت بأم أعيننا، والأدوات أحيانًا تتأخر ونرجع نروح للبيوت.. فالحمدلله على كل حال، وحسبنا الله على من كان السبب بمعاناتنا".
يقول أخوها: "إذا مر عليها أكثر من ثلاث أيام دون أن تخضع لجلسة غسيل تتورم ويظهر في جسمها علامات انحباس السوائل، ولهذا علاجها في الخارج هو الحل الوحيد لإبقائها على قيد الحياة".
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: "مأساة مرضى الفشل الكلوي مختبئ في المراكز، وهذه المراكز تُعاني مشكلات كثيرة منها تعطل الأجهزة وشحة المحاليل، حيث تجعل الموت حتميا لكل مريض، لهذا نريد أن نسافر بها للعلاج إلى المملكة العربية السعودية".
*اللجوء للنار من الرمضاء
ودفعت المعاناة التي يتلقى ضرباتها المريض في مركز الغسيل الكلوي بالبعض للجوء، اضطراراً، للمستشفيات الخاصة في صنعاء ومدن أخرى هربًا من الموت، ليجد المريض نفسه في مواجهة موت آخر أشد قسوة، حيث غلاء جلسات الغسيل تمثل أكثر مرارة وإيلاماً.
تقول المريضة (د.ه) في صيف 2017 م انقطع التيار الكهربائي عن مركز الغسيل، الأمر الذي جعل كل المرضى يتخبطون بالبحث عن طرق نجاة، فمنهم من غادر البلد ومنهم من قرر الانتقال لبعض المدن والاستعانة بالمستشفيات الخاصة إلا أنه واجه فيها ذات الوجع، فالجلسة الواحدة في مشافي صنعاء تُكلفك 30 ألف ريال، وهو مبلغ يعجز دفعه الغالبية من المرضى، ولهذا يرون في الموت راحة لهم من معاناة يجدونها أينما رحلوا".
*عمل نبيل
من باب الإنسانية تعمل الممرضة سالي في المركز خدمة للمرضى، ابتغاء مرضاة الله، ولتخفف قليلاً من معاناة المرضى، تقول سالي في حديثها لـ«الأيام»: "أحضر إلى المركز مشياً على الأقدام لأقوم بواجبي، وأنا أعمل بدون راتب، كون حياة الناس أهم عندي منه، والله هو المعوض، وهنا الكثير من الموظفين يأتون من أماكن بعيدة رغم انقطاع المرتبات، تلبية لنداء الواجب والضمير الإنساني، في الوقت الذي تذهب فيه الأموال المقدمة للمركز لمن لا يستحقونها".
*ضحايا أبريا
وتسببت الحرب المستعرة في المحافظة بتزايد معاناة أبناء المحافظة بشكل كبير جداً، بل إن تداعياتها المتصاعدة يوما إثر يوم باتت لا تطاق ولا يقوى المواطنون على تحملها، فأضحوا ضحايا ما بين قتلى وجرحى ومرضى يصارعون قساوة الحياة ومرارتها بصبر جميل، في انتظار فرج لا يبدو أنه سيكون قريباً.
معاناة مستمرة يعيشها مرضى الفشل الكلوي في محافظة الحديدة (غرب اليمن)، نتيجة للدمار الذي تعرض له مركز الغسيل الكلوي ونهب المساعدات المقدمة له من قبل عديمي الإنسانية والضمير.
ما يقارب 852 من مرضى الفشل يستقبلهم المركز من مديريات ومحافظات مجاورة، وهو عدد يفوق الطاقة الاستيعابية للمركز لإجراء جلسات الغسيل، في الوقت الذي لا تزيد فيه عدد الأجهزة الخاصة عن 17 جهازاً تعمل على مدار 24 ساعة، إلى جانب عجز المركز عن توفير المحاليل والمتطلبات الخاصة بالغسيل، الأمر الذي يضاعف معاناة المرضى ويسوقهم نحو الموت المحتوم ولكن ببطء مؤلم.
وفي العادة يخضع مرضى الفشل لغسلة كل ثلاث أيام، غير أن المرضى في مركز الحديدة يغسلون مرة واحدة فقط في الأسبوع، وهو ما يُعد كارثة إنسانية لمرضى يظلون في طوابير وأوقات طويلة بانتظار أدوارهم، في مركز أصبح فيه الموت أقرب من عملية الغسيل المنتظرة.
*نهب المساعدات المقدمة
وتفيد معلومات مؤكدة بوجود أكثر من 29 جهازا للغسيل في المركز، الصالحة منها 17 جهازا فقط، فيما تحتاج الأخرى لصيانة أو أضحت منتهية الصلاحية.
ووجه المركز خلال الفترات الماضية العديد من المناشدات للمنظمات الإنسانية العاملة في المحافظة بذات المجال كمنظمة الصحة العالمية، والصليب الأحمر، طالب عبرها بضرورة تقديم المساعدات اللازمة للمركز، غير أن المساعدات المالية القليلة التي تم تقديمها تم نهبها من قبل القائمين على المركز، فضلاً عن المساعدات المقدمة للمرضى أنفسهم، والتي لا يحصلون منها إلا على الفتات، لتظل معاناة المرضى قائمة، وليصبح بموجبها طريق الموت أقرب لهم من الحياة المؤلمة.
*مصادرة الأجهزة
وأكد موظف في مركز الغسيل الكلوي - طلب عدم ذكر اسمه - أن "المساعدات المقدمة للمركز لا يصل منها إلا القليل، بسبب غياب دور الرقابة".

وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: "الأجهزة التي يتبرع بها التجار ورجال الخير يتم مصادرتها من المركز دون علم أحد، فالمرضى منشغلون بانتظار وصول أدوارهم للقيام بعملية الغسل، والموظفون يصمتون خوفًا من تعرضهم للمخاطر، بل إن الأموال التي تصل للمركز يتم تقاسمها بين من يديرون المركز، دون أي وازع من ضمير أو إحساس بالمسؤولية تجاه المرضى في المركز الذي يأتون إليه من مختلف مديريات القناوص، وزبيد، والمراوعة وبعض المديريات التي تتواجد فيها مراكز وقدرتها الاستيعابية تعجز عن استقبال أعداد كبيرة من المرضى، والذين يدفعهم تشبثهم بالبقاء على قيد الحياة لقطع مسافات طويلة، فضلاً عن المرضى القادمين من المحافظات الأخرى كحجة، وريمة، والمحويت، وذمار، الأمر الذي يضاعف من معاناتهم ويجعلهم يتدافعون على الأجهزة بشكل كبير جدا".
*انتظار الموت
المريضة (د.ه)، والبالغة من العمر 35 عاما، أصيبت بالفشل الكلوي في مرحلة الطفولة منذ أن كان عمرها سبعة أعوام، ولأنها من مواليد محافظة تعز وتنتمي لأسرة فقيرة تسكن بالريف، عجزت عائلتها عن توفير سكن لها في المدينة، لتتمكن من إجراء الغسيل الكلوي كل ثلاث أيام.
تقول (د.ه) في حديثها لـ«الأيام» عن معاناتها: "لما عجزت أسرتي عن توفير سكن لي في المدينة، وما يتطلبه من غذاء ودواء تكفل بذلك الأمر فاعل خير من قريتنا، حيث وفر لي سكنا في قلب المحافظة ومبلغا شهريا مصروفا لي ولأخي".
وتضيف: “أنا مصابة بفيروس عجزت بسببه عن تركيب كلية، حيث قال لي الأطباء بأن هذا الفيروس من شأنه أن يقضي على أي كلية قد أستبدلها".
وبحرقة تُختم قولها: "ماتت خيرية ومش عارفات على من الدور الآتي، وما نوصل لدورنا إلا وقد شفنا الموت بأم أعيننا، والأدوات أحيانًا تتأخر ونرجع نروح للبيوت.. فالحمدلله على كل حال، وحسبنا الله على من كان السبب بمعاناتنا".
يقول أخوها: "إذا مر عليها أكثر من ثلاث أيام دون أن تخضع لجلسة غسيل تتورم ويظهر في جسمها علامات انحباس السوائل، ولهذا علاجها في الخارج هو الحل الوحيد لإبقائها على قيد الحياة".
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: "مأساة مرضى الفشل الكلوي مختبئ في المراكز، وهذه المراكز تُعاني مشكلات كثيرة منها تعطل الأجهزة وشحة المحاليل، حيث تجعل الموت حتميا لكل مريض، لهذا نريد أن نسافر بها للعلاج إلى المملكة العربية السعودية".

*اللجوء للنار من الرمضاء
ودفعت المعاناة التي يتلقى ضرباتها المريض في مركز الغسيل الكلوي بالبعض للجوء، اضطراراً، للمستشفيات الخاصة في صنعاء ومدن أخرى هربًا من الموت، ليجد المريض نفسه في مواجهة موت آخر أشد قسوة، حيث غلاء جلسات الغسيل تمثل أكثر مرارة وإيلاماً.
تقول المريضة (د.ه) في صيف 2017 م انقطع التيار الكهربائي عن مركز الغسيل، الأمر الذي جعل كل المرضى يتخبطون بالبحث عن طرق نجاة، فمنهم من غادر البلد ومنهم من قرر الانتقال لبعض المدن والاستعانة بالمستشفيات الخاصة إلا أنه واجه فيها ذات الوجع، فالجلسة الواحدة في مشافي صنعاء تُكلفك 30 ألف ريال، وهو مبلغ يعجز دفعه الغالبية من المرضى، ولهذا يرون في الموت راحة لهم من معاناة يجدونها أينما رحلوا".
*عمل نبيل
من باب الإنسانية تعمل الممرضة سالي في المركز خدمة للمرضى، ابتغاء مرضاة الله، ولتخفف قليلاً من معاناة المرضى، تقول سالي في حديثها لـ«الأيام»: "أحضر إلى المركز مشياً على الأقدام لأقوم بواجبي، وأنا أعمل بدون راتب، كون حياة الناس أهم عندي منه، والله هو المعوض، وهنا الكثير من الموظفين يأتون من أماكن بعيدة رغم انقطاع المرتبات، تلبية لنداء الواجب والضمير الإنساني، في الوقت الذي تذهب فيه الأموال المقدمة للمركز لمن لا يستحقونها".
*ضحايا أبريا
وتسببت الحرب المستعرة في المحافظة بتزايد معاناة أبناء المحافظة بشكل كبير جداً، بل إن تداعياتها المتصاعدة يوما إثر يوم باتت لا تطاق ولا يقوى المواطنون على تحملها، فأضحوا ضحايا ما بين قتلى وجرحى ومرضى يصارعون قساوة الحياة ومرارتها بصبر جميل، في انتظار فرج لا يبدو أنه سيكون قريباً.