> بدر العرابي
غيوم صلبة من الألم تتداعى الآن وتحشد جحافلها على عتبة القلب، الذي يخرّ الآن ببطء بين كتفي الوداع، ويسكب دمه بوجع.
آه أيها الوجع القادم بعد ساعات، كيف لي أن أفلَّ منك؟.. يضيق الفضاء الآن بي، ويكاد ينطبق على جسدي فيطمره بهذا البحر، الذي تدفعه عيناك دفعا، ليغرقني في لجَّة من عينيك، لا نفاذ منها.
زوبعة ضاجة في داخلي الآن، تبثّ أصواتا من الشجن والحنين بأثر تقدمي وتكثّفها بجنون على حنجرتي، ثم تمدّ حبالها لتشنق الجفون وتصلبها على معمدان يطلّ على لجة من بحيرة خوت منها المياه، وتتعطش الآن لاندياح عينيَّ، لتعيد امتلاءها واكتظاظها بالمياه الزرقاء والأسماك والزوارق وكل وسائل الغرق.
حشود من الحسرة متوَّجة برغبة رفض العودة بلا عينيك، قد لا أستطيع العودة، بعد أن بدأ القلب الآن يعقد اجتماعا طارئا مع النبض، في رغبة جامحة، لإخراج بيان الانقعار عن الجسد، واختيار عينيك مثوى له، ويهتف الآن: «ليعود الجسد خاليا من القلب وعشيرته من حيث أتى».
أيتها الحسرة، وأنت الآن تهتفين لعشيرتك وجماهيرك وأرصفتك، بأن ثمة قلب يهم بالبعد عن عينيها، وعليكم بمحاصرته، وإن تمرَّد، فلينزف على عتبات عينيها حتى الموت.
ثمة طوارئ وأصوات أبواق تشنق القلب الآن بداخلي، وضجيج مدرعات تعبر أوردتي، وطلقات نارية كثيفة ترعب الجسد، إن لم ينزل عند رغبة عينيك، بعد أن يسقط منفذ العودة من قارعة الإسفلت المعلقة بواقع الذهن، ليقر الموت على عتبات عيونك، دون العودة في لجج من الغياب والبعد.