> «الأيام» عن «إنترناشونال بوليسي»
في الشهر الماضي، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، إنها ستخفض قواتها بشكل كبير في اليمن، وبعد الإعلان، بدأ الإماراتيون بسحب معداتهم العسكرية وآلاف من القوات من اليمن.
منذ بداية الحملة العسكرية التي تقودها السعودية، اعتمدت المملكة اعتمادا كبيرا على الإمارات للحصول على الدعم الجوي، وجمع المعلومات الاستخباراتية والعمليات الميدانية، وتدريب المقاتلين اليمنيين المناهضين للحوثيين.
كانت الأهداف السعودية في حرب اليمن تتمثل في طرد الحوثيين من العاصمة وإضعاف قدرتهم العسكرية على طول الحدود السعودية اليمنية، وطيلة سنوات من شن الغارات الجوية المدمرة والمميتة، لم تتمكن السعودية من تحقيق أي من تلك الأهداف السابقة.
وقامت الإمارات بالفعل بتدريب الآلاف من القوات اليمنية المتحالف معها، والمقاتلين الذين يعملون في الجنوب.
وتدير الإمارات على نحو فعال أيضا، قوة شبه عسكرية تعرف باسم "الحزام الأمني" وهي خارج سيطرة السعودية والحكومة اليمنية وتأخذ أوامرها فقط من الإماراتيين، والآن الإمارات تثق أن يمكن لهذه القوات القيام بعملها وحماية مصالحها في اليمن.
وبهذه الطريقة، ستتمكن أبوظبي من تأمين طرق التجارة عبر ميناء عدن إلى بقية دول العالم، واستغلال الموارد الطبيعية في اليمن، وللدفع نحو تحقيق هذه الأهداف، تدعم الإمارات بفعالية أنشطة الحركة الانفصالية الجنوبية التي تسمي "المجلس الانتقالي الجنوبي".
وهذه العملية جارية وبمجرد الانتهاء منها، سيتجاوز قوام القوة العسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي 50 ألفا، وسيتم دعمها من قِبل عدد كبير من المستشارين الفنيين الإماراتيين.
وعبر تمكين قواتها المحلية المتحالفة معها، تثق الإمارات أنها ستكون قادرة على حماية هيمنتها في جنوب اليمن، ومنع الاضطرابات الشعبية واسعة النطاق، التي من شأنها إضعاف نفوذها على المدى البعيد.
وتشعر أبوظبي بقلق بالغ إزاء صورتها الدولية، ولا تريد أن يتم وصمها بأنها الدولة التي لا تأبه بجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان.
عبر الخريطة اليمنية، أنشأت الإمارات شبكة معقدة من الحلفاء المحليين والتشكيلات العسكرية الموالية التي تدير مصالحها في اليمن، وقادرة على تحقيق الطموحات الجيوسياسية للإمارات بالنيابة عن أبوظبي.
لذلك، يجب ألا يُنظر إلى التخفيض في القوة العسكرية الإمارات على أنه خروج إماراتي من الصراع اليمني، وبدلا من ذلك يجب النظر إليه على أنه بداية المرحلة التالية من انخراط أبوظبي.
وتعد الإمارات شريكا رئيسيا في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، والذي تم تشكيله لسحق الحوثيين المدعومين من إيران، وقد انخرط الإماراتيون في الحرب اليمنية منذ مارس 2015.
ومنذ بداية الربيع العربي، وتزايد مطالب التغيير الديمقراطي في العالم العربي، تطورت علاقة خاصة بين السعودية والإمارات، خدمت مختلف القضايا المشتركة، لكن يبدو الآن أن أبوظبي تفترق عن السعودية في اليمن.
الانسحاب الإماراتي لم يمكن قرارا عشوائيا ولكنه قرار مدروس جيدا، وجرى التخطيط له منذ فترة طويلة، فأبوظبي شعرت أن أهدافها في اليمن تتحقق تقريبا، وهذا هو الوقت المناسب لكي تقلص من تواجدها.
يتشكل هؤلاء الوكلاء من رجال قبائل وقوات أمنية سابقة وانفصاليين جنوبيين، ويعتمدون بشكل بقدر كبير على الإمارات في الحصول على الأسلحة والمال.
الأهداف طويلة الأجل لدولة الإمارات في اليمن واضحة للغاية، وتتمثل في إنشاء دولة جنوبية ستكون في واقع الأمر دولة تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلاوة على ذلك، أصدرت الإمارات تعليمات للمجلس الانتقالي الجنوبي بتشكيل جيش مواز للرئيس "عبدربه منصور هادي".
لذلك، تشعر أبوظبي أن عليها فقط، رعاية القوات المتحالفة معها بدلا من وجود قواتها النظامية في البلد الذي مزقته الحرب، كما أن تزايد عدم شعبية الوجود العسكري.
كان المشاركون في التحالف العربي هدفا لإدانة عالمية؛ بسبب الطريقة التي أداروا بها الحرب اليمنية التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين.
لذا فإن سحب معظم قواتها سيحول التركيز العالمي فيما يتعلق بقتل المدنيين بشكل مباشر على السعودية، حيث من المرجح أن تستمر الرياض في حملة القصف.
لا تزال الإمارات ملتزمة التزاما راسخا بتعزيز مصالحها الإستراتيجية في اليمن، ومن المرجح أن تحافظ الإمارات على هيمنتها على جنوبي اليمن ويمكن أن تمارس نفوذا كبيرا على المسار السياسي المستقبلي لليمن.