لست هنا بصدد الكتابة عن العلاقة التاريخية بين اليمن وحضرموت من جهة والكويت، فهذا أمر موغل في القدم، إذ ثمة روابط تجارية متبادلة عبر البحر
من وإلى حضرموت والكويت منذ عشرينيات القرن الماضي، وتصاعدت أكثر من أربعينيات وستينيات القرن الماضي فكانت ومازالت دولة الكويت تحتضن أعداداً من أبناء اليمن جلهم من أبناء الجنوب، ويشكل أبناء حضرموت المقيمون العدد الغالب، ولهم تقديرهم واحترامهم من أبناء الكويت.

دولة الكويت منذ ظهور النفط شهدت تنمية في زمن قياسي سريع سخرت قيادتها من حكامها آل الصباح عائداتها لجميع الدول العربية الخليجية وغير الخليجية.
كما كانت قبلة للثقافة والإبداع لعموم العرب، وكان للحضارم الارتباط بالهجرة إلى الكويت للعمل هناك وللدراسة، فقد أنشئ في الستينات دار الطلبة الحضارم.

كما ابتعث إلى جامعة الكويت طلبة حضارم وجنوبيون وشماليون للدراسة مجاناً بالكويت جامعياً. كما عملت الكويت على إقامة مشاريع مهمة جداً ساعدت على نمو الإنسان اليمني شمالاً وجنوباً كبناء كليات جامعتي صنعاء وعدن ومستشفيات ومدارس على نفقة الكويت، ودفع نفقات المعلمين من مختلف الأقطار العربية الذين يدرسون بالثانويات في اليمن.

علي ناصر يتوسط أمير دولة الكويت  الشيخ جابر أحمد الصباح ووزير خارجية الكويت حينها الأمير الراحل صباح الأحمد الصباح خلال زيارتهم عدن
علي ناصر يتوسط أمير دولة الكويت الشيخ جابر أحمد الصباح ووزير خارجية الكويت حينها الأمير الراحل صباح الأحمد الصباح خلال زيارتهم عدن

وفي حضرموت، مثالاً لا حصراً، قدمت دولة الكويت الشقيق مدارس ثانوية ومعهداً للمعلمين ومستشفى ابن سيناء بالمكلا، وموّلت عدداً من المعامل والمصانع حينها كانت البلاد تبحث كثيراً عن تمويل خطط تنموية خاصة اليمن الديمقراطي، فكان اعتماده على الكويت أكثر من الدول الشرقية أو المعسكر الاشتراكي الذي يعد حضناً، فكانت الكويت حاضرة بتمويل المشاريع سواء بقروض ميسرة أو على شكل منح وهبات مالية، وكان صندوق التنمية الكويتي يقدم لليمن الديمقراطي واليمن الشمالي بسخاء وساعد على نهضة الشطرين بتساوٍ.

وقبل أن يفتتح الكويت سفارة له بصنعاء أو عدن كان له مكتب هيئة الجنوب والخليج العربي مكتب بصنعاء وآخر بعدن يتبع حكومة الكويت -الخارجية- وهذا المكتب تنموياً أكثر منه سياسياً، إذ قدم مشاريع صحية وتعليمية وطرقات وتطوير موانئ وتبادل ثقافي وغيرها من الاحتياجات الضرورية التي لازال الشعب اليمني في محافظاته الجنوبية والشمالية يستفيد منها حتى اليوم.

أما الحالة السياسية، فإن الأزمات التي عصفت بالبلاد يكون الكويت حاضراً لإخمادها، ورمانة ميزان بين الأطراف المتخاصمة وذلكم ليس من الأزمة الحالية، بل منذ الصراع الجمهوري الملكي في الستينات مروراً بالحرب والصراع بين الشطرين قبل الوحدة وأثناء حرب 94م.
وعند وقوع الأزمات الإنسانية أو الكوارث يبادر الكويت بتسيير جسر جوي وكذا عبر البحر لإغاثة البلاد، وزلازل ذمار في الثمانينات تشهد بذلك، وكوارث 2008م بحضرموت دليل على وصول الكويت بمعوناتها.

وحتى اليوم، فإن الأشقاء يقدمون من المساعدات والعون والإغاثات في كل المحافظات دون ضجيج إعلامي.
إنها الكويت التي عرفها العالم والعالم العربي دولة تقدم بدون منة أو شروط، فهي تساعد اليوم 160 دولة من العرب والآسيويين والأمريكان الجنوبيين.

إنها دولة متحضرة وديمقراطية فيها حرية صحافة وبرلمان ودستور من أقدم دساتير المنطقة العربية.
إنها الكويت.. ديرتنا وفيها ربعنا

تعازينا لشعب الكويت وأسرة آل الصباح بوفاة المغفور له بإذن الله تعالى الأمير صباح الأحمد الصباح، وتمنياتنا لسمو الشيخ الأمير الذي نودي به نواف الأحمد الصباح كل التقدم والازدهار، وعاشت لنا الكويت وعاشوا أهلها.
(مرفقة وثيقة أرشيفية توضح مشاريع في الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية لجمهورية اليمن الديمقراطية قدمت مشاريع لإقامتها بتمويل من الكويت).