اليوم تحتفل مصر بالذكرى الـ 47 لنصر 6 أكتوبر على اسرائيل، ومعها يحتفل كل العرب. كان نصر أكتوبر أول انتصار حقيقي للعرب على العدو الصهيوني بعد عدة حروب خاضتها مصر نيابة عنهم من أجل فلسطين والقضية الفلسطينية منذ احتلال اسرائيل لفلسطين عام 1948م لكن حرب أكتوبر الوطنية التي تسمى أيضاً حرب العاشر من رمضان كانت معركة حُشدت لها كل عناصر القوة والاستعداد والمشاركة العربية بحيث تكون معركة قومية بكل معنى الكلمة، معركة لا تحتمل الفشل، وتكون رداً على الهزيمة التي ذاقها العرب في 5 يونيو 1967م، وتعيد لمصر والعرب جميعاً هيبتهم.
أولاً: الرغبة في محو هزيمة يونيو ومحو آثار العدوان، وهو أمر عملت له مصر منذ النكسة برفض نتيجة العدوان، وتجسد ذلك عربياً في قمة اللاءات الثلاث في الخرطوم عام 1967م: لا للهزيمة.. لا للعدوان.. لا للاستسلام. وجرى إعادة بناء القوات المسلحة، وخوض حرب الاستنزاف والإعداد لمعركة استعادة الأرض والكرامة.
ثانياً: المصالحة التاريخية التي جرت بين مصر والسعودية، وبين جمال عبد الناصر والملك فيصل رحمهما الله عام 1967م. وقد سمحت تلك المصالحة أن تستعيد مصر قواتها من اليمن وأن يتوقف نزيف الدم اليمني والمصري لتتفرغ مصر لمحو آثار العدوان، وتحشد كل إمكانياتها لمعركتها مع اسرائيل.
ثالثاً: البعد الاستراتيجي الذي تبنته مصر عبد الناصر بدعم حرب التحرير الوطنية من أجل استقلال الجزائر وجنوب اليمن من الاحتلالين الفرنسي والبريطاني، أعطى نتائجه وصوابيته من خلال ما قامت به الجزائر واليمن الديمقراطية من دور في حرب أكتوبر مما أعطاها بعدها القومي العربي.
رابعاً: إن المعركة لم تقتصر على جانبها العسكري المحض، وهو أمر في غاية الأهمية في تحقيق النصر دون شك، بل أخذت بعداً اقتصادياً أثّر في معادلات النصر عندما أيد الملك فيصل قرارات أوبك بقطع النفط عن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، فدخل المعركة عامل جديد لم يكن في حساب اسرائيل والدول التي تؤيدها، ودول مثل السعودية كانت بعيدة عن الحرب.

الرئيس السادات بطل القرار التاريخي والشجاع بخوض حرب اكتوبر، قدر دور اليمن الديمقراطية في حرب أكتوبر من خلال إغلاق باب المندب في وجه السفن الإسرائيلية، وتواجد الأسطول البحري المصري في الممر الاستراتيجي الخطير، وقد أزعج ذلك اسرائيل واحتجت لدى الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، لكن ذلك كان قرارنا الوطني كدولة مستقلة ذات سيادة تتخذ قراراتها وفقاً للمصلحة الوطنية والقومية وكنا ندرك ذلك وتبعاته، وأيضاً أهميته في تلك اللحظة للمعركة العربية الكبرى.
وقد كلف السادات مستشاره لشؤون المعلومات أشرف مروان بهذا الملف الذي تولى المهمة وقام بعدة زيارات بين عدن والرياض وتوّجت في الأخير بإعلان العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء بين البلدين. ومهد ذلك لإقامة علاقات عدن مع كل من قطر والبحرين والإمارات وسلطنة عُمان لاحقاً.
وفي لقاء لاحق جمعني مع مدير المخابرات الوزير اللواء عمر سليمان قال لي: إن عدن وباب المندب يشكلان عمقاً استراتيجياً لمصر لما لذلك من أهمية في الملاحة لقناة السويس والمتوسط.
وقد شعرت باعتزاز كبير وأنا أُشاهد على أرض الواقع ذلك الخط والتحصينات التي اقتحمها الجيش المصري خيرة أجناد الأرض.
ولأول مرة أمرُّ في نفق الشهيد أحمد حمدي تحت قناة السويس التي زرتها بالزوارق لأول مرة عام 1969م أثناء تدريبي في مدرسة الصاعقة، مع عدد من أفراد الصاعقة، وكان هذا النشاط هو نهاية الدورة الشاقة في مدرسة الصاعقة بأنشاص..
وكل عام وأنتم بخير