الخوارزمي من مواليد مدينة بغداد في 780م، ولد ونشأ فيها، وبحسب ما تورده بعض المصادر، فأن أصله يعود إلى منطقة في أوزبكستان، يطلق عليها اسم خوارزم، اسمه الكامل محمد بن موسى الخوارزمي، ويعد من أعظم علماء الرياضيات المسلمين، وكان له دورًا كبيرًا في تطور علم الرياضيات، وتوفي الخوارزمي في سنة 850م، مخلفًا إرثًا علميًا عظيمًا.
كان محمد بن موسى الخوارزمي في قمة ازدهاره أبان الدولة العباسية في فترة الخليفة المأمون، حيث تفرغ لجمع، وحفظ، أعمال ومؤلفات العلماء في الهيئة التي أنشأها المأمون، والتي سميت بـ (خزانة الحكمة)، أو دار الحكمة، وكان الهدف منها هو حفظ، ونشر، وتوثيق المواد العلمية، ومؤلفيها، وكذا البحث في المؤلفات الأجنبية، وترجمتها، وخاصة المؤلفات العلمية والفلسفية، وكان تولي الخوارزمي لدار الحكمة في الفترة 813 – 833م، وعلى الرغم من قصر هذه الفترة، إلى أن الخوارزمي، قد استغل قربه من المؤلفات والأعمال العلمية، ليغوص في فيها، وترجمتها من اللغات الهندية، واليونانية إلى اللغة العربية، وهو الأمر الذي أدى إلى رفد المكتبات العربية بالغزير من العلوم والمؤلفات، كما أهتم الخوارزمي بالدراسات الجغرافية، وعلم المثلثات، والجبر، ورسم الخرائط.
ولا خلاف في أن الخوارزمي، أصبح أحد النابغين العرب والمسلمين، كما أنه لا خلاف في أنه كان صاحب اليد الطولى في تطور علوم الرياضيات، فكان فضله كبيرًا ليس فقط على العلماء العرب والمسلمين؛ بل أن فضله قد استطال حتى بلغت شهرته أوروبا وعلماءها، وجعل المعادلات على عدة أشكال، وهي ما تشكل في كتب الجبر الحديثة، ما يعرف حاليًا بالمعادلات من الدرجة الأولى، والدرجة الثانية، إضافة إلى دور الخوارزمي في علم الجبر algebra، وله كتاب في الحساب، يُعَد فريد في محتواه، وترجم جراء ذلك إلى اللغة اليونانية، وتمَّ تداوله في أوروبا، باعتباره يتناول علم الحساب بشكل مختلف، فسمي علم الحساب بـ(الجوارتمي) نسبة إلى العالم العربي المسلم الخوارزمي.
وبفضل الخوارزمي أصبح العرب والمسلمين، أصحاب الفضل في وضع الأرقام المستخدمة حتى الآن، حيث كانت الحضارات والشعوب القديمة كالفراعنة، والبابليين يواجه علماؤها مشكلة في إجراء العمليات الحسابية، والسبب في ذلك عدم وجود نظام ترقيم مناسب، لإجراء هذه العمليات، فكان الخوارزمي أول من استخدم الصفر في العمليات الحسابية عند العرب، ومنهم انتقل إلى الأوروبيين، واللذين عدلوا في طريقة كتابته ليصبح دائري الشكل (0) بينما كان يكتبه العرب في فترة الخوارزمي على شكل نقطة (.) وهو المستمر حتى الآن عند العديد من العرب، وخاصة في بلاد المشرق العربي، بينما تتم كتابته في معظم دول المغرب العربي بشكله الدائري كما هو الحال عند الأوروبيين.
ولم يتوقَّف إبداع الخوارزميّ على مجالَي الجَبر، والحساب فقط؛ بل فاقَ ذلك ليصلَ إلى عِلم الفَلَك، فقد كان الخوارزميّ عالمًا فلكيًّا مُبدِعًا، حيث وَضَع جدولًا فلكيًّا سُمِّي بـ (زيج الخوارزميّ)؛ إذ كان له الدور الأكبر من بين الجداول الفلكيّة الأخرى التي وُضِعت من قِبَل العلماء العرب فيما بعد، وكان مرجعًا اعتمدَ عليه العلماء في وَضْع الجداول الفلكية الأخرى، فقد كان يُمثِّل مصدرًا موثوقًا لهم، كما ألَّف كتابًا يُبيِّن كيفيّة العمل باستخدام الإسطرلاب، وهو آلة تحل المسائل المتعلقة بأماكن الأجرام السماوية، مثل الشمس والنجوم، والوقت أيضًا. وقد كانت بمثابة ساعات جيب لعلماء الفلك في القرون الوسطى. وقد تمكنوا بواسطته أيضًا من قياس ارتفاع الشمس في السماء، وهذا مكَّنهم من تقدير الوقت في النهار أو الليل، كما يمكنهم من تحديد وقت بزوغ الشمس، وحاليًا يمكن أن يُعرَّف الإسطرلاب بأنّه آلة تُشبه إلى حدٍّ كبير التلسكوب، غير أنه ليس بصريًا، لكنه يؤدي وظيفته في جعل مستخدمه يقدر كل ما سبق ذكره.