> «الأيام» العرب:
كشفت مصادر يمنية مطلعة عن تصاعد الخلافات داخل الجماعة الحوثية خلال فترة الهدنة، وخروج عدد من الصراعات بين أجنحة الميليشيات المدعومة من إيران إلى وسائل الإعلام بعد أن ظلت طي الكتمان خلال السنوات الماضية.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن صراعا محتدما يجري بين عدد من قيادات الجماعة على النفوذ والمكاسب المالية وبدأ يتسرب إلى وسائل إعلامية بعضها محسوب على الحوثيين أنفسهم، من خلال تصريحات متبادلة تتضمن الاتهام بالفساد.
وأكدت المصادر أن الصراع بين القيادات الحوثية البارزة في صنعاء انعكاس مباشر لما تعتبره تلك القيادات انتهاء لفترة التصالح التي كانت تمليها ظروف الحرب، وهو السبب ذاته الذي ساهم في تحفيز حملة الحوثيين التي تستهدف التخلص من الحلفاء السياسيين من داخل القوى الأخرى مثل حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صنعاء)، بالتوازي مع حملات أخرى ذات طابع مناطقي وطائفي كشفت عنها تصريحات قيادات عسكرية جنوبية موالية للحوثيين تحدثت عن تهميشها وإقصائها لأسباب جهوية، كما هو حال اللواء عبدالله الجفري عضو مجلس الشورى الحوثي الذي قال في تصريحات إعلامية إن المجلس يتعامل معه بعنصرية بسبب انتمائه إلى جنوب اليمن.
وأعلن عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين سلطان السامعي في تغريدة على تويتر مغادرته صنعاء بسبب مضايقات تعرض لها، كما شن محافظ محافظة ريمة المعيّن من قبل الحوثيين فارس الحباري هجوما على قيادات في الحكومة الحوثية اتهمها بالفساد وإقصاء كوادر في المحافظة لأسباب طائفية ومذهبية.
وكانت قيادات حوثية قد شنت هجوما إعلاميا غير مسبوق على رئيس المؤتمر الشعبي العام في صنعاء الموالي للجماعة صادق أمين أبوراس، بذريعة أنه طالب بفصل ابن الرئيس السابق من منصبه نائبا لرئيس الحزب وتعيين قيادي موال للجماعة بدلا منه.
وعن أبعاد وخلفيات هذا الصراع قال الباحث العسكري والإستراتيجي اليمني العميد محمد الكميم في تصريح لـ”العرب” إن “فترة الهدنة شهدت تعالي أصوات من داخل صنعاء ومن قيادات حوثية كبيرة تشتكي من الإهمال والإقصاء رغم أنها من السلالة نفسها مثل عبدالسلام جحاف الذي اشتكى قبل فترة من أنه منبوذ من الجماعة لأنه من محافظة ريمة وكذلك سلطان السامعي وأحمد حاشد هاشم لأنهما من تعز ومحمد المقالح الذي بعد أن فصلوا ابنه من العمل تحول ضدهم وهو من إب، وأخيرا اللواء عبدالله الجفري الذي يقول إنه تعرض للإقصاء لأنه هاشمي جنوبي، إلى جانب الخلاف بين محافظ المحويت ومدير عام مؤسسة الكهرباء، وهو الخلاف الذي بسببه تم قطع الكهرباء عن المحافظة”.
وتابع الكميم “ظللت في صنعاء حتى نهاية 2019 وكنت على علم بالكثير من الخلافات الموجودة بين القيادات الحوثية على كل المستويات والصفوف، حيث تبدأ الخلافات من مستوى الصف القيادي الأول وتنتهي إلى مستوى مشرفي الحارات والمربعات، وكل الخلافات تنحصر في الصراع على السلطة والمال. كما كانت خلافاتهم بارزة في مجال التعيين في المناصب العليا ومراكز صنع القرار أو المناصب القيادية المؤثرة على التحصيل المالي، واقتصارها على هاشميي صعده دون غيرهم، هذا إضافة إلى أن تصاعد الخلافات بين هواشم صعدة يعود إلى الأسباب نفسها”.
وأردف “لولا الحرب ضد الشرعية لكانوا اقتتلوا فيما بينهم، وقد تكون فترة الهدنة كشفت سوءاتهم بشكل أكبر وأظهرت خلافاتهم بوضوح”.
ومن جهته علق الباحث السياسي اليمني رماح الجبري على تصاعد الخلافات داخل الميليشيات الحوثية في زمن الهدنة بالقول إن “هذه عادة العصابات؛ تختلف عندما تتقاسم ما نهبته أو سطت عليه، وهو أيضا حال الميليشيا الحوثية التي ظهرت خلافاتها بشكل جليّ بعد أشهر من إعلان الهدنة”.
وأضاف “إذا افترضنا جدلا أن الحرب توقفت وبقي الحوثي يسيطر على صنعاء ستكون هناك حروب ومواجهات مسلحة بين أذرع الميليشيا وقياداتها على المكاسب والأموال”.