> «الأيام» الخليج الجديد:
سلط الرئيس التنفيذي لشركة تحليلات الخليج، جورجيو كافيرو، الضوء على زيارة وفد من الحوثيين والدبلوماسيين العمانيين إلى الرياض، في 14 سبتمبر، لإجراء محادثات حول حل الصراع اليمني، واصفًا إياها بأنها "أعلى مستوى من المفاوضات الرسمية بين الطرفين منذ بدء الحرب الأهلية في اليمن قبل 9 سنوات.
وذكر كافيرو، في تحليل نشره موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" أن المحادثات جاءت بعد توقف دام 5 أشهر في مفاوضات السلام منذ الجولة الأخيرة من المفاوضات الحوثية السعودية التي تيسرها عمان، والتي جرت بصنعاء في أبريل الماضي، وأن مسؤولين سعوديين قالوا، في 20 سبتمبر، إنها أسفرت عن "نتائج إيجابية".
- لغة جديدة
وفي الرياض، التقى وفد الحوثيين بوزير الدفاع السعودي الأمير، خالد بن سلمان، الذي أشار إلى ممثلي الحوثيين الزائرين باسم "وفد صنعاء"، بدلًا من جماعة "أنصار الله"، وهو الاسم الرسمي للحوثيين.
ويبدو أن مثل هذه المصطلحات تشير إلى اعتراف الرياض بأن الحوثيين يديرون بالفعل حكومة، ما يؤكد رغبة السعودية المتزايدة في إيجاد تسوية مؤقتة مع القوة القوية التي عززت سلطتها بشكل فعال في شمال اليمن، بحسب كافيرو.
وفي السياق، نقل كافيرو عن إليزابيث كيندال، مدرسة الدراسات العربية في جامعة كامبريدج، قولها: "لقد تم التشهير بالحوثيين وأنصار الله منذ فترة طويلة في وسائل الإعلام السعودية، لذا فإن إزالة الإشارات إليهم يبدو أنها تهدف إلى إزالة وصمة العار عن المحادثات وتجنب أي فكرة عن التنازل السعودي".
- معوقات الاتفاق
القضية الأولى: تتمثل في دفع رواتب موظفي القطاع العام في الشمال اليمني، الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث يعيش حوالي 80 % من سكان اليمن.
ويطالب الحوثيون بصرف رواتب العاملين بالقطاع العام في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لكن خصومهم يشعرون بالقلق من استخدام هذه الأموال في تمويل آلة الحرب التابعة لأنصار الله.
ومع ذلك، هناك بعض الغموض في هذا الطلب الحوثي لأن أنصار الله يصوغون مطلبهم، في بعض الأحيان، كما لو أنهم يريدون جميع الدفعات المتأخرة، بينما في مناسبات أخرى يجعلون الأمر يبدو كما لو أنهم يطالبون فقط بدفع الرواتب القادمة.
القضية الثانية: توزيع عائدات النفط والغاز الوطنية في اليمن، إذ سيحصل الحوثيون على حصلتهم التي كانوا يطالبون بها لفترة طويلة، "أو لن يسمحوا بمواصلة تصدير النفط والغاز بسلام"، حسبما أشار الزميل غير المقيم في المركز العربي بواشنطن، نبيل خوري.
القضية الثالثة: تتعلق بمطالب الحوثيين بأن يسمح السعوديون بإعادة فتح مطار صنعاء الدولي دون قيود، بالإضافة إلى المطارات الأخرى في اليمن والموانئ البحرية في البلاد.
وفي حين أن هذه المطارات والموانئ قد فتحت بالفعل خلال العام الماضي بنسبة كبيرة، فإن الحوثيين يطالبون بإعادة فتحها بالكامل.
وإضافة لذلك، تطالب أنصار الله برحلات جوية من وإلى مطار صنعاء من دول أكثر مما هو مسموح به حاليًا.
القضية الرابعة: تتعلق بوصول الحوثيين إلى الأموال في البنك المركزي اليمني في عدن. وقد تناولت محادثات الرياض كيفية إعادة توحيد البنك المركزي، سواء في اليمن أو ربما في بلد آخر مثل عمان أو الأردن.
وهنا يشير خوري إلى أن الحوثيين "يطالبون بأن تكون الأموال التي تذهب إلى البنك المركزي متاحة لهم أيضًا. وستكون الخدمات اللوجستية لهذا الأمر من الاعتبارات المهمة".
ويلفت كافيرو، في هذا الصدد، إلى أن الزخم وراء المفاوضات تسارع، إلى حد كبير، بفضل مهارات الوساطة التي تتمتع بها عمان والتي حظيت بإشادة كبيرة.
ومع ذلك، من المحتمل أن تتحرك هذه المحادثات ببطء، مع تحقيق تقدم تدريجي نظرًا لانعدام الثقة القائم منذ فترة طويلة بين الحوثيين والسعوديين. ورغم أن بناء الثقة بين الجانبين لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، إلا أنه من المهم أن يرسل الحوثيون وفدًا رفيع المستوى إلى الرياض.
وإضافة لذلك، فإن الهجوم الذي شنه الحوثيون بطائرة مسيرة في 25 سبتمبر على طول الحدود اليمنية السعودية، والذي أدى إلى مقتل 3 جنود بحرينيين على الأقل، قد يعيق المحادثات.
وسيكون من المهم معرفة ما إذا كان الحوثيون سينفذون المزيد من هذه الهجمات ومتى وكيف يمكن أن ترد السعودية والإمارات.
- الصورة الأكبر
وإذا تم التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والسعودية، فلن يضمن السلام بين أنصار الله والجماعات المسلحة الأخرى في اليمن.
وبحسب كيندال، فإن "المسألة هي أن الحوثيين سيكونون قد توصلوا إلى اتفاق مع السعوديين، وليس مع أعدائهم ومنافسيهم المحليين".
وأضافت: "إذا لم يعد الحوثيون في مواجهة أي تهديد عسكري من السعودية، فقد يشعرون بالقدرة على تعزيز تفوقهم محليًا للحصول على المزيد من الأراضي والموارد والقوة السياسية".
ومع انقسام الأحزاب المحلية نفسها بشكل كبير، فإن خطر نشوب حرب أهلية أو صراع متجمد يظل مرتفعًا، بحسب كافيرو.
وأضاف: "المحادثات السعودية الحوثية الجارية هي طبقة واحدة، لكنها لم تعالج بعد تعقيد ما يهم اليمنيين أكثر".
ويشير خوري، في هذا الصدد، إلى أن المجلس الرئاسي اليمني، الضعيف والهش، لم يشارك في المحادثات الحوثية السعودية، ولا الإمارات، وأن هناك دلائل على أن أبو ظبي "منزعجة للغاية" من استبعادها. ويعني ذلك أن الهدنة المحتملة بين الحوثيين والسعودية يمكن أن تؤدي إلى تعزيز أنصار الله قبضتهم على الشمال، في حين يعلن النظام الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والذي يحكم عدن وأجزاء أخرى من جنوب اليمن، انفصاله عن اليمن.
ويخلص كافيرو إلى أن المحادثات التي عقدت في الرياض مع وفد الحوثيين ستمهد الطريق بشكل مثالي لإجراء محادثات يمنية يمنية شاملة لوضع خارطة طريق نحو سلام أوسع في جميع أنحاء اليمن.