> عدن «الأيام» خاص:
أصدر حزب رابطة الجنوب العربي الحر(الرابطة)، أمس، بيانًا بمناسبة الذكرى الـ73 لإعلان تأسيس الحزب، ودعا فيه إلى تصعيد النضال ومواصلة العمل نحو التحرير والاستقلال وإقامة دولة الجنوب العربي.
وجاء في البيان الذي اطلعت "الأيام" على نسخه منه: "في هذه المناسبة العظيمة، الذكرى (73) لقيام حزب رابطة الجنوب العربي الحر(الرابطة)، أول حزب جنوبي أصيل في الوطن (الجنوب العربي)، بل ومن أقدم الأحزاب في الوطن العربي.. نجدها مناسبة بأن نحيي ونهنئ شعبنا الجنوبي قاطبة وقيادات وقواعد حزب رابطة الجنوب العربي في الداخل والخارج ونشد على أيدي الجميع بتصعيد النضال ومواصلة العمل نحو التحرير والاستقلال وإقامة دولة الجنوب العربي
الفيدرالية كاملة السيادة وعلى كامل تراب الوطن المتعارف عليه دوليًا".
بدأ نضال حزب الرابطة في أغسطس 1948م وأُعلن رسميًا من عاصمة النور عدن في 29 أبريل 1951م، أي منذ 73 عامًا.. كانت مسيرة حافلة بالكفاح والنضال ضد الاستعمار البريطاني ثم الاستعمار اليمني، قدّم الحزب خلالها الشهداء.
كان أول حزب رائد قاد الحركة الوطنية في الجنوب العربي وشكّل مدرسة في النضال الوطني والقيم والمفاهيم السياسية الراقية، بل مدرسة في الأخلاق الوطنية. حزب ناضل - ولازال وسيستمر - في الدفاع عن استقلال الوطن وإقامة دولته والدفاع عن الشعب ومصالحه. ولم يقبل بأي مساومات أو تنازلات أو مغريات، حزب لم تتلطخ أياديه بدم أو أموال حرام، حزب يضحي من أجل انتصار الوطن.
طرح حزب الرابطة في بيان التأسيس والاعلان مطالب واضحة وقوية وهي (استقلال الجنوب العربي ووحدة أراضيه وانتقال السيادة إلى الشعب).
رحم الله قادة الحزب المؤسسين وكل مناضليه الذين قدموا الغالي والنفيس وانتقلوا إلى الدار الآخرة وتركوا لنا سيرة وطنية خالدة.. وتستحضرنا كلمة زعيم الحركة الوطنية مؤسس ورئيس الحزب فضيلة السيد العلامة محمد علي الجفري الحامل لدرجة العالمية من الأزهر الشريف حين قال عند انطلاق الحزب:
(وليست هذه الرابطة ملكًا لأحد مهما عظم شأنه ولا هي بالشيء المحتكر لمؤسسيها أو لأعضائها فقط بل هي ملك لهذا الجنوب كافة وملك لأبنائه كافة، وملك للأجيال الحاضرة والقادمة)، (هذه رابطتكم يا أبناء الجنوب هي اليوم صغيرة في مبناها كبيرة في معناها وهي غدًا كبيرة في مبناها كبيرة في معناها، وإن لها لشأنًا وأي شأن)..
ومن الجدير بالذكر أن القيادة العليا للرابطة عند التأسيس كانوا ثلة من خيار الوطنيين ومن معظم مناطق الجنوب ومن أهم المثقفين والسياسيين.
في العام 1956م أعلن حزب الرابطة بيانه التاريخي الذي هز أركان الاحتلال البريطاني وأجج حماس الجماهير وخرجت المظاهرات المؤيدة له، والذي تضمّن مشروعًا فيدراليًا للجنوب العربي يوحد كافة المحميات الشرقية والغربية وولاية عدن التي أراد الاحتلال فصلها عن الجنوب العربي وأن يتم تشكيل حكومة مستقلة وعبر برلمان منتخب.. وهنا ثار غضب الاحتلال البريطاني وأدى هذا إلى نفي قيادات الرابطة والسجن والمطاردة لهم بل وصل الأمر إلى تدمير منازلهم والتشويه بمواقف الحزب، بل إن الاحتلال منع صدور الصحف التي أصدرها حزب الرابطة والقريبة منه وأهمها (صحيفة الجنوب العربي) وقبلها أقفل صحيفتي النهضة واليقظة.
وكان لحزب الرابطة دور فعال في نقل قضية الجنوب العربي إلى كافة المحافل والمنظمات الدولية في العالم وفي مقدمتها الأمم المتحدة عندما تقدّم الحزب إلى لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، منذ 1959م.. وفي العام 1963م ذهب السيدان محمد الجفري رئيس الحزب، والأمين العام شيخان الحبشي، رحمهما الله، وطرحا القضية في مرافعة تاريخية خالدة قدمها المحامي شيخان الحبشي، على إثرها اتخذت الأمم المتحدة قرارات (جلاء الاستعمار)، والتزمت بريطانيا بالخروج من الجنوب في 9 يناير 1968م.. وبجهود حزب الرابطة أوصت الجامعة العربية في سبتمبر 1967م بتشكيل حكومة وحدة وطنية من الرابطة والجبهة القومية وجبهة التحرير، ولكن لم يتم.. قدر الله وما شاء فعل.
استمر حزب الرابطة في النضال ودافع عن الوطن.. ومن العاصمة عدن.. وفي مقدمتهم نائب رئيس الجنوب المجاهد السيد الجفري.. وحينها شارك الحزب في الحكومة الجنوبية المعلنة والمجلس الوطني.. وواصل نضاله في المشاركة مع القوى الجنوبية بتشكيل الجبهة الوطنية للمعارضة (موج) والتي ترأسها الأستاذ الجفري وكانت أول جبهة تقف وتعارض الاحتلال اليمني، وتأسست في 30 سبتمبر 1994م في العاصمة لندن. وبجهود جبهة (موج) أصدر البرلمان الأوربي ومجلس العموم البريطاني عددًا من القرارات والتوصيات التي تقف ضد النظام الحاكم والتي تنتصر لشعبنا في الوطن.
وعند العودة إلى عدن في سبتمبر 2006م دخل حزب الرابطة في حوار مع السلطة من أجل الإصلاح والنهوض بالبلد وتماسكه والحفاظ على المكاسب الوطنية والحقوق والواجبات للمواطنين، ولكن الحوار فشل.. ثم شارك حزب الرابطة مع الجماهير الثائرة ضد النظام الحاكم.. ثم شارك في تشكيل التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي، ثم الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال، كما شارك في تشكيل جامع حضرموت واللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع، ووقف وأيّد قيام المجلس الانتقالي الجنوبي في العام 2017م.
كان لحزب الرابطة وقادته دور فاعل في المشاركة بتشكيل مجالس الحراك الجنوبي؛ والخروج إلى الساحات والاعتصامات ومواجهة قوى الاحتلال؛ وتعرضوا للسجون والمعاناة مع جماهير شعبنا وفي كل محافظات الوطن.
وفي العام 2015م شاركت قيادات الحزب وأعضاؤه في الدفاع عن الجنوب العربي من الغزو الحوثوعفاشي وقدّم الحزب عددًا من الشهداء والجرحى الابطال في مختلف الجبهات.
وخلال مسيرة النضال قدّم الحزب الكثير من المشاريع والرؤى والدراسات أعدها خبراء في الحزب في السياسة والاقتصاد والإدارة وبناء الدولة ابتداءً من الحكم المحلي والفيدرالية وأسس الدولة ومشروع استقلال الجنوب العربي-خارطة الطريق، بعضها باللغتين العربية والانجليزية.. وخاطب زعماء العالم والأمين العام للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاقليمية ومجلس التعاون الخليجي.
ونحن اليوم نعيش أوضاعًا أمنية ومعيشية متردية، يعاني فيها أبناء الجنوب العربي الأمرّين، يتضح بجلاء العجز المخزي للسلطة الشرعية في القيام بمهامها وواجباتها تجاه توطيد الأمن وانتظام دفع الرواتب وتدهور العملة وغلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء وتدني مستوى التعليم والعلاج...إلخ، الأمر الذي يخلق مستقبلًا مظلمًا مجهولًا فينغمس الحاضر في جرائم وفوضى يحاول فيها المرء عبثًا البقاء على حياته والبحث عن ظلال الأمن ولكنه سرعان ما يكتشف أنه يلهث خلف سراب.