في البلدان التي تتبع نظام سعر الصرف المعوم كبلادنا يفترض أن تتحدد اسعار الصرف في سوق الصرف الأجنبي وفق لقانون العرض والطلب الذي ينعكس في ٱلية السوق.
لكن لاتوجد دولة واحدة في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتمد نظام سعر الصرف المعوم أو المرن لا تتدخل في سوق الصرف للتأثير إيجابيا على سعر الصرف وفقا لسياستها النقدية فجميع الدول التي تتبع هذا النظام من أنظمة اسعار الصرف تتدخل كان تتبع نظام اسعار الصرف المدار.
مشكلة نظام سعر الصرف المعوم الحر الذي جاء في مرحلة التسعينيات أنه جاء كمشروطية للنظام الاقتصادي والمالي الدولي الجديد ممثلا بمؤسستي الصندوق والبنك الدوليين ويطبق على البلدان التي لجأت طوعيا أو بضغوط لهاتين المؤسستين لإصلاح موازينها الاقتصادية.
وعمليا جاءت على إثر الأزمات الاقتصادية والحروب المحلية وهذا هو ما حصل مع بلادنا التي دخلت في اتفاقية مع المؤسستين في أعقاب حرب 94.
لكن فعالية نظام سعر الصرف المعوم ونجاحة يشترط اولا وجود نظام عميق وناضج لسوق الصرف الأجنبي.
كمايشترط ثانيا وجود تدخل فعال من السلطة النقدية ممثلا بالبنك المركزي في سوق الصرفالاجنبي.
والأخير يفترض وجود احتياطيات أجنبية لدى البنك المركزي تمكنه من التدخل أثناء التقلبات العنيفة في سوق الصرف.
وللاسف في الظروف الراهنة هذين الشرطين غير متوفره في بلادنا في مناطق الشرعية لكن اتباع نظام سعر الصرف المعوم المدار الذي اتبع في عام 1995 جاء بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وكجزء من سياسات شاملة اقتصادية ومالية. بينما تم اتباع نظام سعر الصرف المعوم تعويما كاملا في مناطق الشرعية عام 2017 في ظروف غياب الاستقرار السياسي بمعنى جاء في ظل الحرب ولم يأتي كجزء من سياسات شاملة مدعومة خارجيا جرى التفاهم بشأنها مع مؤسستي الصندوق والبنك الدوليين. عدا أنه جاء في غياب أي احتياطيات نقدية خارجية لدى البنك المركزي بعد انتقاله الى العاصمة عدن سبتمبر 2016.
والاسوأ أن أنه جاء في ظل غياب أي سوق ناضج وعميق للصرف الأجنبي في مناطق الشرعية وانما في ظروف تشكل سوق هش مكون من شركات الصرافة دفعت فيه طفرت الحرب وعمليات المضاربة التي كانت تؤدي إلى انهيار قيمة العملة الوطنية ودولرة السوق وسعودتة والذي ترافق مع ضعف أو غياب سياسات سعر الصرف والسياسة النقدية بصورة عامة حيث استهلكت فترة ليست بالقصيرة في تأسيس وبناء البنية التنظيمية والفنية والبشرية التي اصبحت تمثل مداميك للبنك المركزي المعترف به دوليا .
لكن لماذا يستمر وبوتيرة متسارعة تدهور اسعار صرف العملة الوطنية ?
المتابع للتغيرات اليومية في اسعار الصرف في مناطق الشرعية يلاحظ أن اسعار الصرف تتصاعد وبشكل سريع حيث ترتفع قيمة الدولار على الرغم أن تحويلات المغتربين إلى الداخل تزداد بالمناسبات الدينية حيث يحولون المغتربين لأسرهم مبالغ كبيرة .
هذا عمليا يفترض أن يؤدي إلى زيادة المعروض في سوق الصرف الأجنبي وبناء عليه يفترض أن ترفع قيمة العملة الوطنية أو تستقر أقل شيء بعد انتهاء موسم استيراد حاجات عيد الاضحى المبارك لكن الذي يحصل هو العكس وهذا يفسر أن ما يجري من تصاعد في قيمة الدولار ليس ناتج لعوامل اقتصادية ترتبط بندرة المعروض منه ولكنه ناتج عن عوامل مضاربية وسياسية تهدف إلى ضرب العملة الوطنية في مناطق الشرعية مما يتعين على السلطة النقدية بالدولة الوقوف بجدية أمام مايجري وتفعيل دور القانون تجاة المتلاعبين بسعر الصرف مالم فإن الخيارات أمام السلطة النقدية يتحدد في تفعيل ادوات سعر الصرف.