> علاء أحمد بدر:
- عميد كلية العلوم الاجتماعية لـ"الأيام": تسبيب الأحكام القضائية في القانون المدني اليمني بات أمرًا ملحًا لدى ميادين المحاكم
- أكاديمي بجامعة حضرموت: لأول مرة في العاصمة عدن يتم إثارة تسبيب الأحكام
- أكاديمي قانوني: العمل القضائي بحاجة إلى التطبيق العملي للقانون المدني الحديث
- دكتور جامعي في كلية الحقوق: القانون اليمني لم يطرأ عليه أي تغيير منذ العام 2010م
والتسبيب من أهم الضمانات لعدالة الحكم القضائي لضمان التحقق من أن القاضي قد اطلع على وقائع القضية وجميع المستندات والأدلة والأوراق المقدمة فيها، وكذا اتصل علمه بجميع ما أبداه الخصوم من طلبات ودفوع والتحقق من أن القاضي قد استخلص وقائع الدعوى وتأكد من صحتها من واقع أدلة الإثبات الجائزة قانونا، وإنَّ إجراءات ذلك تمت في مواجهة الخصوم، والقاضي قد استنتج ذلك عن واقع الأوراق المقدمة فيها والأدلة بحسب قوتها، وكذا التحقق من أنه قد فَـهِـمَ الدعوى والمسائل القانونية والواقعية المتعلقة بها، وكيَّـف الدعوى التكييف الصحيح بعد التحقق من توفر شروط صحة هذا التكييف، ورتَّـب على هذا التكييف الآثار القانونية الصحيحة.

وبحسب قانونيين فإنه دليلٌ ساطع على قيام القاضي بما عليه من واجب الدراسة والتدقيق والبحث وإمعان النظر لمعرفة الحقيقة، وبالتسبيب يسلم القاضي من ظنون التحكم والاستبداد ويرتفع عنه الشك والريب والشبهات، كما أن التسبيب يجلب الاطمئنان إلى نفوس المتقاضين، ويُـمكِّـن المحكمة الأعلى من بسط رقابتها على أحكام المحاكم الأدنى، ومن أهم القواعد الأساسية في تسبيب الأحكام تلخيص الدعوى واستخلاص الصحيح منها وتقديره وتكييف الوقائع الصحيحة، وترتيب الآثار القانونية عليها واتساق منطوق الحكم مع أسبابه، واتساق الأسباب مع بعضها وتسلسلها وترابطها وكفايتها، وموافقتها للوقائع والنصوص.
وحول الأحكام في قانون المرافعات والتنفيذ المدني قالت لـ "الأيام" عضو مجلس القضاء الأعلى القاضية صباح أحمد صالح العلواني "إن مجلس القضاء الأعلى يدعم القضاة ويشجعهم على التزود العلمي والتطوير الذاتي من أجل الارتقاء بالمنظومة القضائية ورفع شأنها وفرض هيبتها، وأنه من أهم أنواع التطوير في القضاء هو الاهتمام بالدراسات العليا لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه للقضاة الذين بأيديهم ميزان العدل، ولذلك فإنني استطيع القول إن هذه الرسالة العلمية لهي من الرسائل القلائل التي تناولت هذا موضوع التسبيب في الأحكام القضائية، وستكون مرجعًا مهمًا للقضاة في حياتهم العملية".
وأضافت القاضية صباح العلواني أنها تفخر بمثل هكذا قضاة بذلوا ومازالوا يبذلون الكثير من الجهود سواءً من الناحية العملية أو الأكاديمية للارتقاء بالعمل القضائي.
والتقت "الأيام" برئيس محكمة الميناء الابتدائية في العاصمة عدن القاضي عمار علوي مسعود سالم والذي قال "تأتي أهمية تسبيب الأحكام في قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني لما يُـمثِّـله القضاء من سلطة في ظل دولة يوجد فيها نظام وقانون لكون التسبيب من أهم الموضوعات التي رأينا وجوب التطرُّق حولها لعدم خوض الكثير من القضاة في ذلك الأمر، بالرغم من أهميتها القصوى تجاه حياة المواطنين ككل ولإعطاء الحقوق بين أطراف وشرائح المجتمع"، متابعًا.. وبالتالي فإني ارتأيت أن يكون هذا العنوان هو المدخل الرئيس للرسالة من خلال قيامي بإجراء دراسة مقارنة تحليلية وصفية لتسبيب الأحكام القضائية.
وأوضح القاضي عمار مسعود أنه توصل إلى عدد من النتائج المهمة ومن أهمها تعديل بعض نصوص القانون المدني بما يتواءم مع التسبيب، وتدريس مادة (تسبيب الأحكام القضائية) كمادة خاصة منفصلة عن قانون المرافعات والتنفيذ المدني.

من جانه قال عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية د. علي ناصر سليمان الزامكي في جامعة عدن "إن هذه المسألة تعتبر مهمة ويحتاجها القضاة والمحامون والمواطنون، مع العلم أن القضاء في ميادين المحاكم بحاجة إليها بشكل كبير".
وأضاف الزامكي أن الباحث في هذا المجال عندما يعمل في السلك القضائي سيتمكَّـن من أن الربط بين النظرية والتطبيق بشكل حديث، مشيرًا إلى أنه استطاع مناقشة قضايا متعددة في القانون المدني اليمني، ومضى نحو آفاق قانونية حديثة أسهمت في معالجة عدد من القضايا المدنية في القانون.
من جانبه أكد الأكاديمي في كلية القانون بجامعة حضرموت الأستاذ مشارك الدكتور غالب عبدالله القعيطي بأن جامعة عدن من خلال الباحث المتخصص في الجانبين القضائي والقانوني عمار علوي مسعود سالم تلقفت زمام المبادرة بطرح هذا الموضوع لأول مرة على مستوى الكليات المحلية في البلاد، وبما أنه منتسب للسلك القضائي فقد تولدت لديه خبرة كبيرة في عمل القضاء وإصدار الأحكام، والتي لا تصدر إلا بتسبيب وبالتالي يتم مراقبة هذه الأحكام بهذه الآلية ليتم نقضها في المحاكم الاستئنافية إذا كانت صادرة عن الابتدائية.
ودعا القائم بأعمال عميد كلية القانون السابق في جامعة حضرموت الحقوقيين والباحثين الآخرين للاقتداء بالباحث عمار علوي والخوض في أعماق هذا الموضوع، مع الإمكان أن تؤخذ من زوايا أخرى.

وفي ذات السياق تحدث الأستاذ مشارك د. محمد مقبل سيف قائلًا "إن الركيزة الأساسية في العمل القضائي هي تسبيب الأحكام القضائية والتي من خلالها يُـقاس عمل القاضي ومدى دراسته لوقائع النزاع وأعمال قواعد التكييف القانوني الصحيح لتطبيق القواعد القانونية التي تسري على تلك الوقائع للوصول إلى حكم مسبب وعادل في الخصومة"، مضيفًا أن الأطروحة اشتملت على أهم أسس تسبيب الأحكام ومراحله، والتي على القاضي أن يُـتقن عملية التكييف القانوني لتكون أسباب الحكم منطقية ومقبولة بما يحقق العدالة التي ينشدها القاضي عند حله للنزاع المطروح أمامه.
وأضاف الأكاديمي المتخصص في القانون أن الرسالة كانت مرجعًا مهمًا لكل القضاة للاستفادة من أسلوب وطريقة المنهج العلمي المستخدم في بحث مشكلة التسبيب، كما أنها تعتبر مرجعًا لطلاب معهد القضاء بوصفها أسلوب نظري يتضمن جانبًا عمليًا في تطبيق قواعد التسبيب أثناء عملية التكييف القانوني في الخصومة، مردفًا أنها توضح جانب من علم المنطق القضائي المتبع في النشاط القضائي للقاضي والعيوب التي قد تلحق بعملية التسبيب وكيفية معالجتها لضمان صحة أسباب وتسبيب الأحكام القضائية، وخرجت الأطروحة بنتائج وتوصيات مفيدة للمشرع اليمني عند تعديل قانون المرافعات.
وكان قضاة وحقوقيون ومحامون وأمنيون قد حضروا المناقشة العلنية لرسالة الدكتوراه الموسومة (تسبيب الأحكام في قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني) - دراسة مقارنة للباحث عمار علوي مسعود سالم في كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة عدن في منطقة الشعب بمديرية البريقة، وذلك يوم الأحد الموافق 29 ديسمبر 2024م.

المناقشة العلنية كان حاضرًا فيها نائب محافظ العاصمة عدن الأمين العام للمجلس المحلي للعاصمة الأستاذ بدر معاون سعيد السباعي، والذي أشاد بالرسالة وأثنى على اجتهاد ومثابرة كاتبها القاضي د. عمار علوي مسعود.
ومن جهتهم طالب الحاضرون بتطبيق ما تضمنته الأطروحة من محاور في قاعات المحاكم بغية تطوير العمل القضائي.
أما لجنة المناقشة فقد أشادت بالرسالة العلمية كونها أول أطروحة تتحدث عن هذا الموضوع تحديدًا، ولما لها من أهمية بالغة وذات فائدة لجميع الباحثين وعلى وجه الخصوص للقضاة.