اليمن بلد غني بتنوعه من جباله الشاهقة إلى سهوله الخصبة، ومن موانئه التاريخية إلى صحاريه الواسعة، لكنه ليس مجرد تنوع جغرافي، بل تنوع ثقافي واجتماعي يعكس تراثًا عريقًا من التعدد والانفتاح. عبر التاريخ كانت اليمن موطنًا للعديد من الأعراق والمذاهب والعادات، ورغم اختلافاتها شكّلت جميعها نسيجًا فريدًا من الوحدة في ظل التعايش والتسامح.

هذا التنوع ليس ضعفًا، بل قوة يمكن لليمنيين أن يستلهموا منها تجربة جديدة للحياة، حيث يكون قبول الآخر هو القاعدة، لا الاستثناء، وحيث يكون الاختلاف عامل بناء لا سببًا للفرقة، وما مرت به اليمن من صراعات ألقى بظلاله على النسيج الاجتماعي، لكن الأمل لا يزال قائمًا. حين ندرك أن التسامح ليس مجرد شعار، بل أسلوب حياة ستبدأ اليمن باستعادة مكانتها التاريخية كأرض السعادة. التسامح يعني أن نرى في اختلافاتنا فرصة للفهم، لا ساحة للصراع. يعني أن نعود إلى جذورنا التي عرفت كيف تجمع ولا تفرق، كيف تبني ولا تهدم.

في كل بيت يمني، وفي كل سوق وشارع، نجد صورًا من هذا التسامح: الجار الذي يهنئ جاره في أفراحه، وصاحب المحل الذي يخدم زبائنه دون النظر إلى انتماءاتهم، والمزارع الذي يتقاسم خير أرضه مع من حوله. هذه المظاهر البسيطة هي التي تجعل كل يوم في اليمن عيدًا حقيقيًا.

"يومنا عيدنا".. هذه الحكمة البليغة نجدها متوارثة في الثقافة اليمنية، تعبّر عن نظرة إيجابية للحياة، هذه العبارة البسيطة تحمل في طياتها فلسفة عميقة تدعو إلى الاحتفاء بالحياة يوميًا وكأن كل يوم عيد، لكنها أيضًا تعكس جوهرًا أعمق عن التسامح والتعايش، وهما المفتاحان لاستعادة مجد اليمن السعيد.

يومنا عيدنا حين يكون اليمن لكل أبنائه فإذا أردنا أن يكون كل يوم في اليمن عيدًا، فلا بد أن نعيد ترسيخ القيم التي تجعل الأعياد ممكنة: الحب، والتسامح، والعيش المشترك. اليمن السعيد لم يكن مجرد اسم، بل كان واقعًا، ويمكنه أن يكون كذلك من جديد حينما ندرك أن قوتنا في وحدتنا، وأن فرحتنا لا تكتمل إلا حين يكون الجميع جزءًا منها.

فلنجعل من "يومنا عيدنا" مبدأ للحياة، لا مجرد مقولة. وليكن التسامح هو العيد الحقيقي الذي نحتفل به كل يوم، حتى تعود اليمن سعيدة كما كانت، بل أكثر. وكل عام وأنتم بألف خير.