> عبداللاه سميح:

​في وقت تتواصل فيه ضرباتها الجوية على مواقع الحوثيين منذ شهر، تبدو الولايات المتحدة ماضية في أخذ اليمنيين بجريرة الميليشيا، ومعاقبتهم جميعًا باستمرار وقف مساعداتها، عن أفقر البلدان العربية، الذي يعاني أزمة إنسانية هي الأسوأ عالميًا، وفقًا للأمم المتحدة.

وإلى جانب أفغانستان، استثنت واشنطن اليمن من تراجعها الأخير عن قرار خفض مساعداتها الغذائية الطارئة، التي عادت للعديد من دول العالم عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ما يهدد نحو 20 مليون يمنيّ، يعتمدون على المساعدات الخارجية، للبقاء على قيد الحياة.

ووفقًا للخارجية الأمريكية، فإن إيقاف تمويلها المخصص لليمن وأفغانستان، يستند إلى مخاوف موثوقة وطويلة الأمد تشير إلى أنه "يُفيد الجماعات الإرهابية، بما في ذلك الحوثيون وطالبان".

وبدلًا من إيجاد آلية منسّقة لترتيب مسار مساعداتها الإنسانية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، قررت الولايات المتحدة إيقاف تمويلات البرامج الإغاثية عن جميع اليمنيين، سواء الواقعين تحت قبضة الحوثيين، أم القاطنين في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.
  • انتقال المنظمات
ويقول مستشار وزارة الإدارة المحلية لشؤون الإغاثة، الدكتور جمال بلفقيه، إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تأتي كثالث أكبر جهة دولية مانحة لليمن؛ إذ تقدم دعمًا سنويًا بمعدل 750 مليون دولار، موزعة على خطة الاستجابة الأممية ودعم المشاريع التنموية.

وذكر بلفقيه في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن توقف هذه المنح "سيؤثر بلا شك على تفاقم الأزمة الإنسانية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، نتيجة منعهم وصول المساعدات السابقة إلى مستحقيها، واستمرار انتهاكاتهم ضد موظفي المنظمات الأممية والوكالات الإغاثية الدولية".

وأعرب عن أسفه لهذا القرار الذي قال إنه "يأتي متزامنًا مع خفض المساعدات الأممية، واستمرار الضربات الأمريكية التي قد تدفع الكثير من الأسر للنزوح، فضلًا عن الضحايا والخسائر الكبيرة التي تحدثها السيول والأمطار سنويًا، ونحن مقبلون على موسم الأمطار".

وأكد أن "ثمّة خللا يعتري العمل الإغاثي والإنساني، لأن معظم المنظمات والمؤسسات الدولية، تعمل من مناطق الحوثيين، ولا تزال ترفض الانتقال إلى مناطق الحكومة الشرعية رغم ما تبديه من استعداد لتذليل الصعوبات أمام العمل الإنساني، والتزامها بإيصال المساعدات إلى مستحقيها على كافة الأراضي اليمنية، وهذا يحول دون استمرار الدعم الأمريكي، لا سيما بعد تصنيفهم الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية".
  • تقليل الأضرار
وفيما يتعلق بالبدائل الممكنة لتقليل الأضرار المتوقعة، أشار بلفقيه إلى أن اليمن يعتمد على جهود التحالف العربي والمنظمات الإقليمية في تعويض هذا النقص، "والأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والجمعية الكويتية، يبذلون جهودًا كبيرة لسدّ الثغرات، سواء المتعلقة بالأمن الغذائي أم قطاع الصحة أو المجالات الإغاثية الأخرى".

وأضاف أن العمل الإنساني يجب أن ينظم، ويمكن ذلك من خلال انتقال المنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن، ونقل الأموال إلى البنك المركزي اليمني، والاستفادة من الممرات البرّية والبحرية لإيصال المساعدات واعتماد منظمات المجتمع المدني لإيصالها إلى جميع أنحاء البلاد، وفق آلية لا مركزية.

وقال بلفقيه، إن الحكومة تعمل حاليًا على حشد الجهود الدولية، من أجل خطة الاستجابة الإنسانية التي من المتوقع أن تكون في مايو/ أيار المقبل، لمساعدة اليمنيين على الصمود إلى أن تتم عملية ترتيب العمل الإنساني بشكل عام.
  • معايير صارمة
ويرى المدافع عن حقوق الإنسان، رياض الدبعي، أن استمرار تعليق المساعدات الغذائية الأمريكية بحجّة الخشية من وقوعها في أيدي الحوثيين "يكشف عن خلل واضح في آليات توزيع الدعم الإنساني الدولي، وليس فقط عن وجود تهديد أمني".

وقال في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن الحكومة الشرعية، تسيطر على مساحة واسعة من البلاد، وتمتلك بنية مؤسسية قادرة على التنسيق مع الجهات المانحة، سواء على مستوى الوزارات أم السلطات المحلية.

وبحسب الدبعي، فإن ما يحول دون ذلك "هو التردد، وربما العجز في إعادة هيكلة البرامج الإغاثية بما يتناسب مع الواقع السياسي والإنساني"، مشيرًا إلى أن الكثير من الوكالات الدولية "ما زالت تفضل التعامل مع المنظمات العاملة في صنعاء، بما فيها تلك التي تخضع لتوجيهات الحوثيين، بحجة القدرة على الوصول، متجاهلين أن هذا الوصول يكون في الغالب مشروطًا، وتتحكم به جماعة مصنّفة إرهابية".
  • آلية التوزيع
بدوره، يعتقد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، أن ما يحول دون نجاح الحكومة اليمنية في إقناع شركائها الأمريكيين باستئناف المساعدات، مرتبط بآلية توزيعها؛ إذ كانت تمرّ عبر وكالات الأمم المتحدة التي يعمل معظمها في صنعاء، وفق إرادة وتوجيهات الحوثيين، وهذا ما يجعل الأمريكيين متخوفين من تجييرها لصالح الميليشيا.

وأكد نصر في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه ثبت ذلك فعليًا خلال الفترات السابقة، وتكرر مؤخرًا بعد استيلاء الحوثيين على مخازن برنامج الغذاء العالمي في صعدة.

وقال إن جزءًا من هذه المساعدات يوجه مباشرة للحكومة الشرعية، عبر شركات أمريكية تعمل معها في قطاعات تنموية مختلفة، أو ما يخصص لدعم قدرات البنك المركزي اليمني، وزيادة كفاءة الحكومة عبر العديد من البرامج التي كانت ناجحة فعليًا ومؤثرة، "لكن ذلك توقف الآن، رغم إدراك الولايات المتحدة بأنها لا تذهب للحوثيين".
إرم نيوز