> ​نيويورك "الأيام":

​أعربت الجمهورية اليمنية، عن تطلعها للسلام الحقيقي والمستدام القائم على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2216، الذي يمثل خارطة طريق مثلى للحل الشامل للأزمة اليمنية، السلام الذي يلبي تطلعات الشعب اليمني في الاستقرار والتنمية والكرامة واستعادة مؤسسات الدولة القائمة على حكم القانون والعدالة والمواطنة المتساوية وسيادة الشعب.

واكدت الجمهورية اليمنية، في البيان الذي ألقاه، اليوم، المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي، أمام مجلس الأمن في الجلسة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن)، أن الأيادي ستظل ممدودةً للسلام من منطلق الايمان ان الحل السياسي هو الخيار الأمثل لمصلحة اليمنيين ومصلحة الإقليم والعالم..مجددة الالتزام بنهج السلام والترحيب بالجهود التي يبذلها الأشقاء والأصدقاء الرامية لتحقيق السلام.

وقال السفير السعدي "منذ أكثر من عشر سنوات ما يزال شعبنا اليمني العزيز والصابر يواجه أزمات متراكمة في معيشته وحياته ويتحمل أعباء ثقيلة بسبب الحرب التي شننها المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، والتي دمرت مؤسسات الدولة وفرص عيش اليمنيين، مخلفةً واحدة من اسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وعلى مدى السنوات الماضية من حربها ضد اليمنيين، رسّخت هذه المليشيات القناعة بأنها ليست مشروع سلام، وليست مجرد خطر مؤقت وعابر، وإنما تشكّل تهديداً دائماً للسلم والأمن الاقليمي والدولي، وخطراً بنيوياً على اليمن والمنطقة وممرات الملاحة الدولية البحرية".

وأضاف "أن عمليات اختطاف السفن وزراعة الألغام البحرية والقرصنة في البحر الأحمر لم تبدأ في عام 2023، بل كانت نهجاً حوثياً متكرراً منذ سنوات، حتى في ذروة الهدن والمفاوضات، ونستبعد ان تكون لدى الميليشيات الحوثية وداعميها أي نوايا جادة لتغيير سلوكها التخريبي، وأي استجابة من جانبها لجهود التهدئة ليست سوى محاولة مكشوفة للمراوغة والخداع بهدف الاحتفاظ بمصادر قوتها وإعادة التموضع والعودة إلى مربع الحرب وتصعيد نهجها العدواني".

واستطرد بالقول "ومن المؤسف ان كل المحاولات التي بذلتها الحكومة اليمنية وكل الجهود الإقليمية والدولية وجهود الأمم المتحدة لإنهاء هذه الأزمة لم يكتب لها النجاح بسبب رفض وتعنت المليشيات الحوثية، فقد فشلت كل هذه الجهود على الرغم من موافقة وترحيب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية بكل مبادرات السلام، بما فيها خارطة الطريق التي تبناها الأشقاء في المملكة العربية السعودية، واستمرت المليشيات الحوثية في تنفيذ هجماتها على المنشآت النفطية واستهداف المدنيين والأحياء السكنية، والتحشيد العسكري على مختلف الجبهات، وأضرت مغامراتها بمصالح الشعب اليمني ومكتسباته وقادت إلى استدعاء الضربات الجوية والعدوان الإسرائيلي، وتسببت في تدمير البنية التحتية من موانئ ومحطات كهرباء ومطارات، بما في ذلك تدمير اربع طائرات تابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية بعد اختطاف تلك الطائرات والإصرار على استمرار احتجازها في مطار صنعاء، رغم ان القصف الإسرائيلي كان متوقعا، ولا تزال المليشيات الحوثية مستمرة في مغامراتها الطائشة نحو مزيد من الخراب والدمار لمقدرات الشعب اليمني.

وأضاف "لقد فشلت كل جهود السلام حتى يومنا هذا، وستفشل أي جهود مماثلة مستقبلاً، في ظل عدم وجود شريك حقيقي للسلام، ولأن هذه الجماعة لا تؤمن بالسلام ولا تعترف بالدولة ولا بالقانون، فهي جماعة عقائدية مسلحة، تتبنى افكار ومفاهيم الولاية والحق الإلهي في حكم البشر، وترفض الاعتراف بأي صيغة للدولة المدنية أو المواطنة المتساوية، ولا تؤمن بالحقوق والحريات المدنية ولا تعترف بالشراكة السياسية" .. مؤكداً أن استقرار اليمن يمثل ضمانة حقيقية لاستقرار المنطقة والعالم .. داعياً المجتمع الدولي وكل الأشقاء والأصدقاء إلى دعم الحكومة اليمنية في استعادة مؤسسات الدولة وبسط سلطاتها على كامل التراب اليمني لإنها الصراع وإصلاح الأوضاع وتجفيف مصادر الإرهاب والفوضى، إذ لا تنمية في ظل العنف والصراع ولا اقتصاد أو سلام مستدام في ظل الابتزاز المسلح.

وتابع مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة - نيويورك السفير عبدالله السعدي "تواصل الحكومة اليمنية العمل على مسار برنامج الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والمالية والتزامها بالمسارات الخمسة المتمثلة في تحقيق السلام وإنهاء الانقلاب والحفاظ على المركز القانوني للدولة، ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة، والإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية" .. مؤكداً التزام الحكومة بتعزيز الشراكة الإستراتيجية مع جميع الشركاء المانحين، وأهمية التعاون والتنسيق لتحقيق الأهداف المشتركة لتجاوز التحديات الراهنة، التي اثرت وبشكل مباشر على قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

كما جدد تأكيد الحكومة، للشركاء الإقليميين والدوليين ان دعم الحكومة اليمنية هو استثمار في الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وإيمانها أن تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة والعالم .. داعياً كل الاشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية المانحة إلى دعم جهود الحكومة اليمنية لتتمكن من تقديم الخدمات الأساسية والوفاء بالتزاماتها الحتمية وتعزيز التعافي والاستقرار الاقتصادي، كون ذلك الدعم يصب في نطاق جهود المجتمع الدولي والإقليمي لتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار في اليمن .. متقدماً بالشكر وعظيم الامتنان للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على دعمهما للشعب اليمني وحكومته، وتدخلاتهما التنموية والإنسانية المستمرة في هذه الظروف الاستثنائية والحرجة.

واشار الى ان المناطق التي تحت سيطرة الميليشيات الحوثية الإرهابية، تحولت إلى ساحات للقمع والإرهاب وممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات بحق أبناء شعبنا اليمني من قتل واختطافات واعتقالات تعسفية بحق المدنيين، وممارسة شتى أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، نتيجة انتماءاتهم السياسية والفكرية التي تتعارض مع توجهات هذه الميليشيات، ولانتزاع اعترافات بتهم ملفّقة، كما تستمر هذه الميليشيات في ممارساتها القمعية الممنهجة ضد حرية التعبير وحرية الإعلام، وابتزاز المواطنين وفرض الجبايات ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وتجنيد الأطفال - في أكبر عملية تجنيد يشهدها عصرنا - والزج بهم في جبهات الموت، ضاربةً عرض الحائط بكل القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية".

ونوه الى ما تقوم به الميليشيات من خزن وتكديس الأسلحة والمتفجرات في قلب المناطق المأهولة بالسكان ووسط منازل الأبرياء في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية، وآخر هذه الجرائم، انفجار مخزن أسلحة تابع للميليشيات في حي سكني في مديرية بني حشيش في صنعاء صباح يوم 22 مايو 2025، والذي أسفر عن مقتل 60 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة العشرات، وكذلك انفجار آخر في 30 مايو، في مخازن للأسلحة الثقيلة والصواريخ في تعز، أسفر عن قتل واصابة العشرات من المدنيين".

واستطرد قائلاً "بعد مرور عام على الاحتجازات التعسفية من قبل الميليشيات الحوثية لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في اليمن ومنظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية، تعبر الحكومة اليمنية عن بالغ قلقها إزاء استمرار هذه الاحتجازات، وأثرها على جهود تخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، وعلى بيئة عمل مجتمع العمل الإنساني في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية".

ودعا المجتمع الدولي وهذا المجلس الموقر إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على هذه الميليشيات لاحترام القانون الدولي الإنساني، واتخاذ إجراءات صارمة لوقف انتهاكاتها، والإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن كافة المختطفين والمحتجزين..مجدداً الدعوة لاتخاذ خطوات جادة لنقل مقرات وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن إلى العاصمة المؤقتة عدن، لضمان حماية العاملين في المجال الإنساني والتنموي، وتوفير بيئة عمل آمنة.

وأختتم مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة البيان بقوله "وفي ضوء الصورة القاتمة للوضع الإنساني الراهن، وفي ظل استمرار توقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية، أدى تراجع التمويل للعمليات الإنسانية في اليمن إلى آثار كارثية على شتى القطاعات، لاسيّما القطاع الصحي، الذي تضرر بشكل كبير، كما يتجلى ذلك من خلال تفشي الأمراض الوبائية والحميات مؤخراً في عدد من المحافظات".

وجدد السفير السعدي، الدعوة لجميع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المانحة لدعم خطة الاستجابة الإنسانية بالشكل الذي يفي بحجم الاحتياجات الإنسانية القائمة في مختلف القطاعات..داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإبقاء الوضع الإنساني في اليمن على قائمة أولوياته لتجاوز الظروف الراهنة وتفادي الأزمة الصحية المحتملة.