الأربعاء, 07 مايو 2025
210
بكل فخر واعتزاز أقولها.. حبي لهذه المدينة فاق الجنون فهي سنين عمري العتيقة التي ظل قلبي يخفق بالحب والولاء لهذه الدار والأحبة والمكان والرفقة الطيبة والاستئناس والجمال الزاهر..... تستهويني تلك المدينة التي كانت دولة ومؤسسات ومجتمع ذكي مثقف يعي جيدا الفوضى من النظام.
محبتي لها هي من جعلتني أكثر من أربعين عامًا في صاحبة الجلالة وأنا قلم وسطور وصفحات أنثرها عن عدن.
ليس العاشق المحب كالذي لا يعشق ولا يحب.
أسمى وأروع منظومات البناء في هذه الدنيا هي قلوب تخفق بالمحبة ومشاعر حبية فالمحبة هي الله.
الأوطان الكبيرة لا تصنعها إلا منظومة الحب والحب فقط... كذاب كذاب ألف كذاب من يخبرك بأنه يعمل في إحياء أرض وبلد بالمشاريع والإعمار والتقدم وقلبه خالٍ من المحبة لهذه الأرض... لولا دولة المحبة..
ما كانت تلك الأرض والبحر والناس والجبل وقوارب الصيد والأسواق وطوابير المدارس وحصص الدرس ومذياع المدرسة وأغنيات وأناشيد السلام والمقاهي وضجيج الأطفال وضحكاتهم والأحياء العتيقة ومساجدها العامرة بذكر الله..
المدينة وضوؤها القمري وأمسيات السمر ونسائم الهواء وإيقاع المجتمع وأركان وزوايا الملتقى والمقاهي وقصص المدينة ومآثرها وعطرها ومؤسساتها وهي تلبس ثوبها الوردي الجميل تتنطط بكبرياء وأمان تسطع من بين شفتيها ضحكات الأرض وهويتها.
هي عالم المحبة الكبير.. كيف لا تبكي وتذرف الدموع وأنت صرت لا تجد شيء من معالم مدينتك التي تعرفها؟
أنا أعرف أن مدن المعمورة لا تبقى على أحوالها القديمة فأما تتبدل وتتغير وترتقي وتتزين أكثر وأكثر..
وأما تبقى كما هي بجمالها وسحرها القديم... لا أريد أحدًا يخبرني أن تغيير أحوال ومعالم المدن هو فقط أن تباد وتسحق وتدك بقوة حتى تصير ديارًا خاربة تحوم حولها الثعابين ومصاصو الدماء فينهالوا عليها بالطعنات تلو الطعنات.
لم أعد أفهم شيئًا مما يحدث ولماذا كل المعمورة جاءوا إلى عدن كي يشاهدوها فقط جثة مرمية على الأرض تنشد شمعة أو دبة مازوت؟
عدن لوحدها..