أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 12:37 م بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • عدن لا تُهان… وأبناؤها ليسوا ضيوفًا، بل هم أصل الأرض وعنوانها.

    اللواء سعيد الحريري




    في لحظةٍ من لحظات السقوط المدوي، حين يُساء إلى أبناء عدن ويُوصَفون بأبشع الصفات، ويتجرأ البعض على رميهم بتسميات مناطقية دخيلة كـ"عرب 48"، ندرك أن القضية لم تَعُد أزمةَ خدماتٍ فحسب، بل أصبحت أزمةَ وعيٍ وهوية، وانحرافًا خطيرًا في البوصلة الأخلاقية والسياسية.

    عدن، هذه المدينة التي احتضنت كل اليمنيين، وداوت جراحهم، وفتحت ذراعيها لكل موجات النزوح واللجوء السياسي، تحوّلت فجأةً إلى ساحة تجريبٍ لمن لا يمتلك مشروعًا، ولا تاريخًا، ولا حتى ذاكرةً نظيفة.

    من الذي منحكم حق تصنيف أهل عدن؟
من الذي نصبكم أوصياءَ على أصل المدينة وناسها؟
ومن أنتم حتى تمنحوا صكوك الانتماء وتلصقوا التهم بمن أفنوا أعمارهم في خدمة هذه الأرض؟
    إن من يعتقد أن أبناء عدن "ضيوف" أو "طارئون"، هو الغريب الحقيقي… هو من جاء متأخرًا إلى حضارةٍ كانت تنبض قبل أن يُولَد مشروعه الهش، وقبل أن يُخطط لجعل الجنوب مزرعةً خاصةً ومحميةً لعصابته.

    عدن لا تُقاس ببطاقة، ولا تُختزل في منطقة، ولا تُجرَّد من هويتها بمزاجٍ سياسيٍّ متقلب.
عدن تُقاس بتاريخها، بثقافتها، بتنوعها، بعدالة قضيتها، وبصوتها الحر الذي لم يخفت رغم القهر.

    لقد آن الأوان لعقلاء الجنوب – إن وُجدوا – أن يُدركوا أن اللعب بورقة الهوية والمناطقية لن يصنع دولة، ولن يبني مشروعًا، بل سيدمّر ما تبقى من نسيجٍ اجتماعيٍّ هش، وسيشعل نيرانًا يصعب إطفاؤها.

    العدنيون ليسوا "عرب 48"، بل هم أصل الأرض وعنوانها. هم من قاوم الاستعمار، وشيد الموانئ، وبنى المدارس، وخاض معارك التحرر، وحمل راية المدنية في وجه التخلف والجهل والطائفية.

    عدن ليست لكم وحدكم… وعدن لا تُهان.
ومن يتطاول على عدن وأهلها، فقد أعلن عجزه وفضح جهله.
وكل من يصمت على هذا العبث، فهو شريك في الجريمة.

    سنكتبها للتاريخ: عدن مدينة للجميع، لكن أهلها ليسوا ضيوفًا عند أحد.

المزيد من مقالات (اللواء سعيد الحريري)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال