> محمد عبدالله باشراحيل:

محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
لقد كان لما كتب في الصحف وقيل في الندوات عن أوضاع المتقاعدين المأساوية وتعريفهم بحقوقهم، الأثر الإيجابي والمتمثل في تحرك المتقاعدين وتسجيل عضويتهم في الجمعيات الموجودة في محافظاتهم باعتبارها الكيان القانوني الذي ينضوون تحته، ومنهم من خطوا خطوة متقدمة كما حصل في محافظة حضرموت والذين دعوا إلى إنشاء نقابة للمتقاعدين. والجدير بالإشارة أن كلا الكيانين الجمعية أو النقابة لا يلغي الآخر بل كل منهما مكمل للآخر.

إن عدم تنفيذ مواد قانون التأمينات والمعاشات لسنة 1991م الخاصة بزيادة معاشات المتقاعدين عند زيادة الأسعار أو زيادة مرتبات الموظفين، كان السبب الأساس في مآسي وتردي الأوضاع الاقتصادية للمتقاعدين منذ صدور القانون وحتى وقتنا الراهن، وبطبيعة الحال تترتب على ذلك مسؤولية وحقوق متراكمة للمتقاعدين، والدولة ملزمة قانوناً بدفعها لهم. والسؤال من المسؤول؟ ومتى ستدفع الحقوق؟ وبشأن خُمُس المعاش الذي كان قد أخذه المتقاعدون في الجنوب كدين قبل الوحدة.

فقد صدرت فتوى من الأخ عبدالله غانم وزير الشؤون القانونية عام 1997م بإعادة الخصومات غير القانونية، كما صدرت توجيهات من رئيس مجلس الوزراء الأستاذ عبدالقادر باجمال بإيقاف الاستقطاعات من المتقاعدين المتعلقة بهذا الصدد بتاريخ 17/2/1999م، إلا أن الخصم مازال مستمراً حتى وقتنا الراهن، ألا تكفي هذه التوجيهات والفتوى القانونية للتنفيذ؟ أم أن التنفيذ يحتاج إلى توجيهات من جهات أخرى غير هؤلاء؟

إن ما يثير غضب واشمئزاز الكثير من مواطني المحافظات الجنوبية ممارسة سياسة التمييز والتعالي، أيعقل مثلاً أن يمنح طلبة أبناء حضرموت الموفدون لماليزيا مخصصات شهرية أقل من مخصصات الطلبة الموفدين من صنعاء وحجة وذمار؟ وهل يعقل صرف معاشات السفراء المتقاعدين بصنعاء حسب النظام الجديد بينما لا تصرف المعاشات نفسها للسفراء المتقاعدين بعدن حتى الآن؟ كذلك هل يعقل أن تختزل المراحل الأربع المتساوية ويدفع لمتقاعدين في صنعاء معاشات 20000 ريال دفعة واحدة كحد أدنى للمعاش، بينما تطبق في المحافظات الجنوبية والشرقية المراحل لمدة أربع سنوات كاملة؟ وللعلم فإن 20000 ريال عام 2005م ستصبح قوتها الشرائية 10400 ريال عام 2009م عند وضع معدل ارتفاع الأسعار في الحسبان. قرارات وقوانين في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، قوانين وقرارات ليس لها أساس اقتصادي وبعيدة كل البعد عن ملامسة الواقع ومفرغة من الموضوعية.. قرارات وتنفيذ يكال فيهما بمكيالين حتى لمن يحال للتقاعد وبلوغه أحد الأجلين. والجدير بالإشارة أن الندوة التي نظمتها أحزاب المشترك في حضرموت عن قانون الأجور ونظام التقاعد المنعقدة في المكلا 18-19/4/2006م كان أحد استنتاجاتها «لم يراعِ القانون خصوصيات ومشاكل المحافظات الجنوبية والشرقية الناجمة عن ضخامة حجم موظفي الدولة والقطاع العام لفترة ما قبل الوحدة وما تبعها من خصخصة وتقليص لموظفي الدولة وفترة ما بعد حرب 1994م وما لها من تبعات ممثلة في العمالة الفائضة ومجموعة الذين يستلمون مرتبات أساسية وبدون عمل والمسمين (خليك في البيت) وكان من المفترض أن يراعي القانون هذه الحالات خاصة وأنه صدر عام 2005م».

إن ما أشير إليها أعلاه من قضايا تعتبر إجحافاًَ وظلماً بحق المتقاعدين بوجه عام وفي المحافظات الجنوبية بوجه خاص كونهم يمثلون أغلبية هذه الشريحة المغلوب على أمرها.

والسؤال المطروح: من هو الشخص أو الأشخاص الذين يعطلون تنفيذ القوانين ويخترقون الدستور ويرفضون تنفيذ توجيهات من هم أعلى منهم في المسؤولية والسلطة؟ وهل صحيح أننا في دولة تحمي مواطنيها وتحافظ على حقوقهم وتساوي بينهم؟ أم أن المواطنة درجات؟

وأخيراً فإن المحافظات الجنوبية والشرقية لا تعاني فقط من نهب المفسدين لأراضيها والعبث بثرواتها بل إن المتقاعدين فيها يعانون أيضاً من سلب ونهب لحقوقهم ومن التمييز.

وإذا طرح السؤال هل نحن صحيح في دولة القانون والمؤسسات؟ فالجواب لا وألف لا وأبصم عليه بالعشر.

[email protected]