> «الأيام» علوي بن سميط:

مسجد الاستقلال الماليزي
الإسلام الحضاري
عودة للسياحة التي تمثل مؤشر استقرار لأي بلد فإن الإحصائيات الصادرة عن هيئة السياحة الماليزية توضح أنه فقط خلال يونيو الماضي وفد أكثر من مليون سائح، جاءت المراتب: الأولى من دولة بولندا والثانية من فنلندا، ويعني ذلك أن الأوربيين من البلدان الباردة فضلوا زيارة ماليزيا المتميزة بموقعها الاستوائي بل معظمهم يصفها بأنها بلاد الفصول الأربعة، ومن المليون أيضاً يظهر أن فيتناميين ومن سلطنة بروناي قدموا بأعداد كبيرة وهذا مؤشر أن بلدان آسيوية مجاورة وجد سياحها ضالتهم في جارتهم، ويأتي الأتراك في مرتبة متقدمة من الواصلين إلى هذه البلاد، هذا الرقم فقط من البلدان التي تقدم ذكرها، أما إجمالي السياح خلال ستة أشهر فقط من العام الجاري يناير - يونيو 2007م من مختلف العالم فوصل إلى (10) ملايين سائح، وحققت ماليزيا من قطاع السياحة العام الماضي 2006م (26.02 مليار ريجنت) أي ما يعادل 17 مليار دولار أمريكي، وليس الزوار فقط انفقوا مبالغ جراء سياحتهم في ماليزيا بل إن الاستثمار من مختلف البلدان يتدفق إثر الامتيازات والتسهيلات، ومن العرب فإن آخر مشروع استثماري حتى الآن هو شراء رجل ثري ومستثمر عربي معروف منتجعا سياحيا في ماليزيا بكلفة (114) مليون دولار أمريكي.

مبنى تاريخي في كوالالمبور
من مشاهدات تعايش الأديان والاختلاط في الحياة اليومية - التي أوردنا في الحلقات السابقة ملامح منها مع الاحتفاظ بهوية التنوع الثقافي الذي لا ينفي الآخر- أنك إذا ذهبت مثلاً للحي الصيني أو السوق الصيني الذي يتخصص في بيع منتوجات ذات نكهة صينية أو تلحظ بداخل السوق محلات فإن العين ترى أن لا فرق بين المتعاطين في تسويق المنتجات، فتجد امرأة مسلمة أو أكثر تعمل داخل هذا المكان الذي يوحي اسمه وكأنه مخصص فقط لمن ينتمي لهذه الديانة فقط، وهذا غير صحيح، كما أنه في المحلات العامة والأسواق التجارية الكبيرة - على الأغلب كما رأيت - أن النساء الموظفات والعاملات فيه مظهرهن يعرف أنهن من أتباع هذه الديانة أو تلك، ولا يعني عمل النساء المسلمات دخولهن سوق العمل الذي به الأغذية أو البضائع المحرمة إسلامياً، بل تجد موظفا أو بائعة ليسا من المسلمين إذا عرف أنك مسلم يرشدك بأن هذا الذي تشتريه حلال وذاك حرام، ولعل هذه التفصيلات والجزئيات التي أذكرها تؤكد تماسك هذا الشعب الذي ينظر للإسلام ومواطنيه من المسلمين باحترام ولأفكارهم التي تجتهد لصالح البلد ككل .. وينتظر الماليزيون عموماً خلال شهر رمضان المبارك حدثا يفتخرون به قبل حصوله، إذ من المتوقع أن يصعد للفضاء مواطن مسلم في 10 أكتوبر القادم كما هو مخطط على مركبة روسية (سيوز)، رائد الفضاء الماليزي المسلم سوف يمكث أكثر من 10 أيام في الفضاء الخارجي، ويأتي هذا ضمن برامج فضائية واتفاقات علمية مع عدد من البلدان أبرمتها ماليزيا، وهذا الرائد اجتاز تدريبات علمية واختير من بلاده ووكالة الفضاء على معايير معروفة من ضمن العشرات الذين تقدموا من مواطنيه لاختبارات هذه المهمة.. والفضاء دخلته ماليزيا بعد أن ورد في برامجها الحكومية الطموحة، وسبق أن أطلقوا قمراً صناعياً يخدم عدة أغراض وتستفيد منه دول آسيوية ويتعاملون من اليوم لإطلاق رائد فضاء ماليزي للوصول للقمر، والبرنامج ينفذ في خطواته الأولى وفعلياً سيكون بعد أكثر من خمس سنوات قادمة، الحدث القادم خلال الأيام القادمة ربما ليس الأول أن يخترق مسلم الفضاء الخارجي، فالمسلمون في العام يتذكرون في أواخر الثمانينات رائد الفضاء المسلم سمو الأمير سلطان بن سلمان، والجديد في الفضائي الماليزي المسلم أنه سيكون أول رائد فضاء يصوم رمضان خارج كوكب الأرض، وهذا ما يفتخر به الماليزيون حتى من غير المسلمين.

رئيس الوزراء الماليزي عبدالله بدوي في رباط تريم وإلى اليمين يظهر العلامة سالم الشاطري عميد الرباط
أما برنامج الإسلام الحضاري فإنه يرد على بعض الآراء التي تشكك ولو بنسبة ضئيلة فيه ومدة نجاحه في مجتمع متعدد أو عالمياً، يقول عنه في حديث لوكالة (برناما) الماليزية: “لا يتناقض - أي البرنامج- مع تعدد الأعراق والديانات” وكثيراً ما يردد بدوي رئيس الحكومة في محافل رسمية ولقاءات عامة «إنني رئيس وزراء لكل الماليزيين». لهذا هم ناجحون لأنهم هكذا يفكرون. في عدد قادم نستكمل جولة «الأيام» في مملكة الأحلام.