> «الأيام» عن «العربي»
ألقت «ثورة التغيير»، في فبراير من عام 2011 بظلالها على الساحة الجنوبية، وبات الهاجس الشعبي الجنوبي يطمح إلى استعادة دولته عبر اسقاط رأس النظام في صنعاء، إذ أنه قبل اندلاع «الثورة» كرّست قوى «الحراك الجنوبي» خطاباً يشدد على فك الارتباط عن الشمال ويتعاطى مع خطاب المعارضة ضد نظام علي عبدالله صالح، كشأن داخلي لدولة صنعاء، غير أن اندلاع «ثورة التغيير» حرف البوصلة جنوباً وحولت القوى اليمنية المعارضة المحافظات اليمنية إلى ساحات تدعو إلى «إسقاط النظام»، الأمر الذي تعاطت معه مكونات «الحراك الجنوبي» بحذر خوفاً من تذويب الثورة الجنوبية وأهدافها ضمن وعاء «ثورة التغيير».
█ تقارب المعارضة و«الحراك»
شهدت المدن الجنوبية قبل «فبراير» تظاهرات شعبية تحركها القوى السياسية الجنوبية وخلال الـ3 السنوات الأولى لانطلاق «الحراك» أبدت أحزاب «اللقاء المشترك»، التي تخوض معتركاً سياسياً معارضاً لنظام علي عبدالله صالح، تعاطفاً مع ثورة «الحراك الجنوبي»، وعندما دشن «الحراك» أول تحركات شعبية انطلقت من ساحة العروض بخور مكسر في عدن في 7/7/ 2007 ، وقفت قيادات بارزة في أحزاب «اللقاء المشترك»، مؤيدة لـ«ثورة الحراك»، وحاولت تلك الأحزاب أن تجد لها موطئ قدم في ساحات الجنوب، خصوصاً «الحزب الاشتراكي اليمني»، وظهرت قيادات في «الحزب» بارزة على منصات الفعاليات إلى جانب قيادات «الحراك».
وخلال السنوات الأولى لـ«الحراك الجنوبي» وقبل اندلاع «ثورة التغيير» ظهرت شخصيات سياسية في المعارضة تؤيد مطالب الحراك بفك الارتباط، ومن تلك الوجوه القيادي البارز في حزب «الإصلاح» حميد الأحمر، والقيادية في الحزب (توكل كرمان)، إضافة إلى طابور طويل من المعارضة في الشمال من ضمنهم عضو «المكتب السياسي للحزب الاشتراكي»، البرلماني سلطان السامعي، والذي نجح في تسيير قافلة غذائية إلى مدينة الضالع في عام 2010، حيث كان حينها يقود «الحركة الجماهيرية للعدالة والتغيير» في فك الحصار على بعض القرى بسبب المعارك التي اندلعت بين قوات النظام و«الحراك الجنوبي».
وأعلن السامعي تأييده لمطالب «الحراك الجنوبي»، غير أن قيادات في «الحراك الجنوبي» حذّرت في وقت مبكر من سياسية خلط الأوراق في الجنوب، والتي تسعى لها أحزاب المعارضة في الشمال ضمن مبدأ «واحدية الثورة»، وشددت تلك القيادات على أن أهداف المعارضة تختلف عن أهداف «الحراك الجنوبي»، وأن إسقاط نظام علي عبدالله صالح، يُعد عملية تغيير في إطار الدولة، بينما لـ«الحراك» أهداف ترتبط باستعادة الدولة والهوية.
█ نتائج «فبراير» على الجنوب
وعلى الرغم من أن قوى في «الحراك» شاركت في «ثورة فبراير»، على اعتبار أن إسقاط نظام علي عبدالله صالح، هي الخطوة الأولى نحو «الاستقلال»، سواءً عبر استخدام القوة بعد أن انقسم الجيش وأصبحت الدولة ضعيفة، أوعبر تفاهمات مع السلطة الحاكمة بعد «فبراير» خصوصاً ووجوه الحكم الجديد قد عبّرت عن تعاطفها مع مطالب «الحراك»، غير أن هذا لم يحدث، وسيطر «الإصلاح» تنظيمياً على جميع الساحات في المحافظات اليمنية، وخاض قتالاً في جبهات أرحب وفي صنعاء بمساندة مقاتلي آل الأحمر، ضد قوات «الحرس الجمهوري» التي يقودها أحمد علي عبدالله صالح، الأمر الذي جعل من «الإصلاح» الوريث للسلطة بعد تسليم علي عبدالله صالح رئاسة اليمن لنائبه عبدربه منصور هادي ضمن اتفاق «المبادرة الخليجية» في إبريل من العام 2012.
وأكدت تلك المبادرة على وحدة اليمن، ولم تلتفت للمطالب الجنوبية، وهو ما أعاد «الحراك الجنوبي» للمربع الأول قبل اندلاع «ثورة التغيير»، وبدت سلطة «الإصلاح» الجديدة في قمع التظاهرات في الجنوب، واستخدمت السلاح الحي في قمع تظاهرات سلمية، وسقط العشرات من القتلى والجرحى، كما زجّت بالعشرات في السجون، وعلى الرغم أن قوات «الإصلاح» خاضت معارك ضد قوات علي عبدالله صالح، إلا أن تلك القوات التزمت الحياد بعد سيطرة «أنصار الشريعة» على مساحات واسعة من الجنوب أثناء اندلاع «الثورة»، وبرغم تواجد عشرات الألوية العسكرية في الجنوب، الخاضعة لعلي محسن الأحمر، المؤيد لـ«الثورة»، إلا أن «القاعدة» بسطت نفوذها من جعار في أبين غرباً وحتى عزان في شبوة شرقاً. وبرأي قوى حراكية فإن «الإصلاح» تعمّد إدخال الجنوب في الفوضى، خوفاً من أن يذهب لـ«الانفصال»، وتفرغت قواته لخوض معارك ضد قوات علي عبدالله صالح.