> «الأيام» غرفة الأخبار:
- كاتب مصري: من كان على قائمة الإرهاب الأمريكية جالس ساكن في البيت الأبيض
وأضاف عزوز في مقال تحليلي نشره موقع الجزيرة نت أن الفرصة التي اغتنمها الجولاني كشفت عن جرأة في التحرك تتجاوز الاعتبارات الأخلاقية والسياسية التي كبّلت تحركات قوى أخرى في الإقليم. فبينما كانت العواصم العربية تتقرب من الأسد وتخطب وده، بادر الجولاني إلى قلب الطاولة، متجاوزاً كل التحفظات التركية، ومقتنصًا لحظة انهيار المحور الداعم للأسد، بدءًا من شلل حزب الله، وصولًا إلى قصف طهران.
وتابع الكاتب: "في الوقت الذي تراجع فيه كثير من القادة العرب عن إدانة العدوان على غزة، بزعم حسابات المصالح، كانت صواريخ الحوثي وحدها تهز تل أبيب، وتضرب السفن الأمريكية والإسرائيلية، لتقول إن هناك من لا يزال يحمل القضية الفلسطينية في صدارة أجندته، حتى وإن كان ذلك بلغة السلاح".
وأشار عزوز إلى أن مشهد اليمن بدا أكثر تعقيدًا في ضوء هذا الزخم الإقليمي، فبينما قدّم الحوثيون أوراق اعتمادهم كفاعلين إقليميين من بوابة فلسطين، ما يزال المشهد اليمني غارقاً في لعبة التوازنات الدولية. وأردف قائلاً: "عندما سألت أحد الزملاء اليمنيين عن إمكانية أن تؤدي مساهمة الحوثيين في دعم غزة إلى تليين مواقفهم تجاه بقية الفرقاء في اليمن، أجابني بأن الأمر على العكس تماماً؛ فهذه النجاحات ستجعلهم أكثر تصلباً في شروط المصالحة، لأن المنتصر هو من يفرض الشروط، لا العكس".
ورأى عزوز أن الحوثي، الذي نجح في فرض نفسه من جديد عبر رسائل النار إلى تل أبيب ومضيق باب المندب، لن يتردد في الالتفات إلى الداخل اليمني بعد هدوء العاصفة الإقليمية، ليفرض معادلة جديدة قد لا تحتمل الشركاء السابقين.
وفيما بدا تحولًا دراماتيكيًّا في المشهد السوري، قال عزوز إن الجولاني استند إلى قاعدة "وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا"، ليقود عملية سياسية–ميدانية أفضت إلى دخول قصر دمشق، وسط هروب النظام وتفكك جيشه. وأكد أن التحرك لم يكن ارتجالياً، بل فكرة راودت الجولاني قبل شهور، إلا أن الأتراك عارضوها بدعوى أنها "غير أخلاقية" في التوقيت، وهو ما رفضه الجولاني لاحقاً متى ما واتته اللحظة الإقليمية المناسبة.
وبشأن الحديث عن الشرعية الدولية الجديدة، أوضح عزوز أن التحول في المواقف الدولية كان لافتاً، فبعد لقاء مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، رُفعت العقوبات عن سوريا، وشُطبت جبهة النصرة من قائمة الإرهاب، في خطوة فسّرها كثيرون بأنها إعادة تشكيل للنظام السياسي السوري، بإخراج الأسد وإدخال الجولاني.
وسخر الكاتب من أولئك الذين يرفضون تصديق التحولات العنيفة في المشهد الإقليمي، ويلجؤون إلى "نظرية المؤامرة" لتفسير كل شيء، قائلاً إن البعض لا يمكنه استيعاب أن من كان على قائمة الإرهاب الأمريكية يوماً يمكن أن يجالس ساكن البيت الأبيض غداً، وإن كان هؤلاء أنفسهم من اعتبروا الثورة الإيرانية في 1979 صناعة أمريكية، وأسقاط الشاه مؤامرة، بل ورأوا في اختطاف الرهائن الأمريكيين وتمثيلية محكمة!
لكن عزوز يشير إلى أن دوي الصواريخ على الأرض –سواء من طهران أو غزة أو صنعاء– كفيل بإسكات هذه النظريات لبعض الوقت، قبل أن تعود مجدداً مع أول هدنة، في سياق إدمان "العقل العربي" على استسهال التفسير التأمري لكل ما لا يفهمه.
يخلص عزوز إلى أن منطق المبادرة السياسية والعسكرية في المنطقة لم يعد حكراً على الدول، بل بات متاحًا لمن يمتلك الجرأة، والميدان، والشبكة الإقليمية، حتى لو كان ماضيًا على رأس "قائمة الإرهاب". ويبدو أن هذا الدرس لم يصل بعد إلى اليمن، حيث لا يزال أطراف الصراع ينتظرون قرارًا دوليًّا بالحركة، بينما الفاعلون الجدد يغيرون المعادلات بفرض الأمر الواقع.