> محمد الشبيري
منذ الإطاحة بنظام الرئيس اليمني الراحل، علي عبدالله صالح، إثر
احتجاجات شعبية ضمن ثورات الربيع العربي في العام 2011، عَمَدَ رجالات حكمه
في حزب المؤتمر الشعبي العام إلى التواري عن المشهد العام في البلاد،
وصُنفت العديد من الأسماء النافذة باعتبارها «رموزاً للفساد»، طيلة 33
عاماً قضاها في الحكم منفرداً أحياناً، أو بالشراكة الشّكلية، أحايين أخرى.
وعلى
الرغم من أن «المؤتمر» حظي بنصيب الأسد في أول تشكيلة وزارية بحكومة
الوفاق الوطني التي أعقبت إزاحة رئيسه عن كرسي الرجل الأول، إلا أنه حاول
أن ينأى بنفسه عن تصدر المشهد السياسي، وبدا كما لو كان حزباً معارضاً، في
وقت شهدت فيه البلاد تعقيدات شتى أبرزها على الصعيد الاقتصادي، هي في
الأساس إحدى نتائج تفرد الحزب بحكم البلاد إبان حقبة صالح التي امتدت أكثر
من ثلاثة عقود، أخفق خلالها في بناء دولة مؤسسات حقيقية، واكتفى بجعل
البلاد رهينة في قبضة «لوبيات مصالح» ونافذين كبار، وشركات ضخمة تتبع
مسؤولين حكوميين ومقربين من الرئيس والحزب.
التخفف من المسؤولية
يعتقد
المراقبون أن المؤتمر الشعبي العام الذي وفد إلى الحياة حزبا حاكما، ظل في
السلطة الحالية بطريقة أو بأخرى، مستدلين على ذلك بأن الرئيس الحالي
عبدربه منصور هادي، وهو نائب صالح لثمانية عشر عاماً (1994 - 2012)، وانتخب
رئيساً للبلاد في 25 (فبراير) 2012، احتفظ بمنصب رئيس الحزب بعد سلفه، وهو
ما أبقى المؤتمر حاضراً في الحكومة، وغير بعيد عن مراكز صنع القرار.
يقول
نصر لـ«اندبندنت عربية»: «للأسف لا يوجد معيار للكفاءة في التعيينات التي
تتم حاليا، وإنما معايير أخرى تتعلق بالعلاقات الشخصية، ونفوذ الأطراف
المحلية والإقليمية سواء كانت أحزاباً سياسية أو دولاً أو غيرها».
الانشطار الأول
والحقيقة
أن حزب المؤتمر انقسم على نفسه منذ ثورة فبراير 2011، بعيد الإطاحة بصالح،
وتشبث فريق من الحزب برئيسه السابق، ضد فكرة الثورة، فيما قفز العديد من
قياداته إلى مركب الرئيس هادي، محاولين التخفف من تركة الحكم الطويلة التي
اتهم فيها الحزب بممارسة المحسوبية والفساد، حتى وصلت البلاد إلى طريق
مسدود، أدى في نهاية المطاف للاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي شهدتها معظم
محافظات البلاد.
نسخة مع «الشرعية» ونسخة مع «الانقلاب»
منذ
أن انقلب الحوثيون على السلطة في اليمن أواخر سبتمبر 2014، شهد المؤتمر
الشعبي العام انقساماً حاداً في صفوفه، على مستوى القيادات والقواعد،
وتشكلت حينها ما يسمى باللجان الشعبية، ومثّل المؤتمر نواتها الصلبة،
انحازت منذ اليوم الأول إلى مشروع الانقلاب الحوثي، وأعلنت على لسان العديد
من كوادر الحزب وعلى رأسهم صالح أنها تقاتل في خندق واحد مع الحوثي ضد من
تسميهم «العملاء والمرتزقة»، في إشارة إلى كل مناوئي انقلاب الحوثي من
القوى السياسية اليمنية الأخرى التي أيدت تدخل دول التحالف العربي لدعم
الشرعية في اليمن ضد المشروع الحوثي الذي يعتبرونه يدّ إيران في اليمن.
العودة من بوابة المحاصصة
مارسَ
المؤتمر ما يمكن تسميته بـ«المظلومية» خلال السنين السبع الماضية، رغم
بقائه في السلطة أو قريبا منها، ليعود من جديد بشخصيات ذات ثقل ويعرفها
الشارع اليمني.
ومع التوافق بين الكتل البرلمانية على اختيار البركاني رئيساً لمجلس النواب، هل يمكن القول إن ذلك سيشكل دفعة قوية لعودة رجال الرئيس الراحل علي عبدالله صالح إلى السلطة من جديد؟ الأيام القادمة، وحدها، من ستجيب على هذا السؤال.
«اندبندنت»