> نجيب الكمالي:
مع بداية العام الدراسي الجديد، عادت روح العملية التعليمية إلى مدرسة الوادي بكويع الشرقية في ريف مديرية بيت الفقيه، بمحافظة الحُديدة، بعد انهيار شبه كلي دام أكثر من عقد، إذ كان التحاق فتيات القرية والقرى المجاورة للدراسة في مدرسة الوادي لأول مرة في حياتهن منجزًا عظيمًا يبعث الأمل في قلوب الأهالي والطلاب بعد سنوات من الإحباط والمعاناة.
ويصل عدد الطلاب المسجلين في المدرسة إلى نحو 700 منهم 197 طالبة و140 طالبًا في الصف الأول الأساسي، موزعين على خمس شعب دراسية.
- عودة الأمل
كان الأهالي يرفضون إلحاق بناتهم بالمدرسة بحجة أنها غير جاهزة وصالحة لتعليم الفتيات لعدم وجود سور للمدرسة، إضافة إلى عدم توفر مقاعد دراسية في الفصول وحمامات خاصة بالفتيات.
وازداد الوضع سوءًا بعد الحرب التي تشهدها اليمن منذ العام 2015، حيث كان القطاع التعليمي في طليعة المتضررين من نتائجها الكارثية مع انقطاع رواتب المعلمين، إذ أصبحت مدرسة الوادي شبه متوقفة كليًّا ولا تفتح أبوابها سوى مرتين في العام، لتسجيل الطلاب بداية العام الدراسي الجديد ودعوتهم لأداء الامتحانات منتصف ونهاية العام الدراسي.
يقول عبده إبراهيم مشيخي، من أعيان المنطقة وصاحب إحدى المبادرات، لـ"خيوط"، إنّ الوضع الذي كان قائمًا طيلة السنوات العشر الماضية لم يكن يسر حال الأهالي والذين كانوا يقفون مكتوفي الأيدي ولا يملكون حلولًا سحرية من شأنها معالجة مشكلة مستعصية، الأمر الذي دفعه بحسب حديثه إلى التحرك وإطلاق مبادرة مجتمعية تهدف إلى إعادة تأهيل مدرسة الوادي وفتحها أمام الطلاب.
وبحسب مشيخي، فأنّ مدرسة الوادي أنشأت في العام 1986، وخلال مراحل عملها كانت تفتح أبوابها بانتظام، لاستقبال الطلاب في مختلف المراحل الدراسية الأساسية والثانوية والتي كانت محصورة للذكور، بينما تم إقصاء الفتيات من الالتحاق بالدراسة في هذه المدرسة.
أثمرت الخطوات العملية الجادة التي قادها عبده إبراهيم مشيخي خلال الفترة الماضية إلى تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، وكان من أبرز نتائجها ترميم فصول المدرسة التسعة، وكذا بناء سور خاص للمدرسة وبناء حمامات خاصة للطلاب، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، ومع بداية العام الدراسي الحالي كانت مدرسة الوادي جاهزة لاستقبال طلابها وطالباتها لأول مرة في تاريخ المدرسة.
ويصف مشيخي ما حدث في هذه المنطقة مع عودة العملية التعليمية والتحاق الفتيات لأول مرة بالمدرسة، بأنه مدعاة للفخر، فقد ساهم أهالي المنطقة والمناطق الريفية المجاورة في إنجاح كل هذه الجهود التعليمية، فقد كان مشهد دخول الطالبات للمدرسة لأول مرة في حياتهن لن ينسى من ذاكرة مشيخي وكل سكان المنطقة الذين لم يستطع بعضهم حبسَ دموعه للتعبير عن الفرحة بتعليم الفتيات في ريف تهامة لأول مرة منذ عقود طويلة.
- مبادرات طوعية
كان الأهالي يرفضون إلحاق بناتهم بالمدرسة بحجّة أنّها غير جاهزة وصالحة لتعليم الفتيات لعدم وجود سور للمدرسة، إضافة إلى عدم توفر مقاعد دراسية في الفصول وحمامات خاصة بالفتيات.
تؤكّد مساوى لـ"خيوط"، أنّ مبادرتها لاقت تجاوبًا ودعمًا من الأهالي وإدارة المدرسة، بحيث أصبحت الفتيات قادرات على الدراسة المنتظمة في حوش منزلها الواسع والذي يتسع لاستقبال عدد كبير من الطالبات يصل إلى 200 طالبة في العام، ووفقًا لحديث قواعد فأنه تم هذه الجهود التي قامت بها بالنظام التعليمي المتبع في المدرسة، بحيث تدرس الطالبات المقرر الدراسي الحكومي ويحصلن على شهادات معتمدة رسميًّا كطالبات في مدرسة الوادي.
تقول قواعد مساوى، والتي عادت للتدريس في المدرسة في الفترة المسائية رفقة طالباتها اللواتي اتخذن حوش منزلها مدرسة لهن طيلة سنوات خلت أنّها لا تستطيع أن تعبر عن فرحتها، وهي ترى بناتها يدخلن المدرسة، وأصبح لهن مكانًا يحصلن فيه على التعليم، فتعليم الفتاة في منطقتهم هو حلم الجميع واليوم، وبفضل الله تعالى وبتعاون من الجميع بدأ الحلم يتحقق.
وتشير مساوى إلى أنّ هناك حماسًا غير مسبوق ورغبة في التعليم، وهناك إقبال غير متوقع والعدد يزداد كل يوم، في حين لا تستطيع وصف شعور الطالبات بعد التحاقهن بالمدرسة والفرحة التي عمت الجميع.
"خيوط".