> أحمد يسلم
> شكلنا رتلًا ضم د.عبدالناصر الوالي ومحمد الشقي والعميد عبدالله مهدي وقيادات بالانتقالي ومقاومة أحور وباكازم
> أنابيب نفط سوداء تمُر وسط منطقة مهدومة البنيان هجرها أهلها عقب المجاعة> هياكل طائرات عسكرية على امتداد سور مطار الريان
يعتبر قرار عقد جلسة الجمعية الوطنية الجنوبية في المكلا عاصمة حضرموت من
أفضل القرارات الصائبة لما يحمله هكذا قرار من أبعاد سياسية غاية في
الأهمية، لصالح قضية شعب الجنوب واختزال مراحل الوصول إلى الغاية العظيمة
المتمثلة في استعادة دولته الوطنية الفيدرالية على كامل تراب أرضه لنشارك
للمرة الثانية حضور جلسات دورتي الجمعية الوطنية الجنوبية الثانية
والسادسة، المنعقدتان في المكلا بحضرموت.

قبيل يوم الأحد عملنا جولات استطلاعية في شوارع المكلا وأحيائها الرئيسة "الديس ،الشرج ،خور المكلا، فوة، خلف"، ومع انبلاج صبح السبت قررنا بقيادة الشقي وعبدالله مهدي التوجه باتجاه "شحير، أمطار الريان، وغيل باوزير" ما لفت انتباهنا على امتداد سور مطار الريان وجود هياكل طائرات عسكرية تُرى من بعيد مع سعة وامتداد منطقة المطار بعشرات الكيلومترات، وفي الطريق إلى غيل باوزير لاحظنا أنابيب سوداء قيل لنا أنها أنابيب النفط من المسيلة إلى ميناء الضبة تمر وسط منطقة سكنية بيوتها من اللبن مهدومة البنيان عن بكرة أبيها.
وفي وقت لاحق قال لي المواطن عبدالله محمد أبو طالب من أبناء الشرج: إن "هذه المنطقة هجرها أهلها عقب المجاعة التي طالت العالم ومنها حضرموت إبَّان الحرب العالمية الثانية منتصف الأربعينات، وهذا ما دفع بالهجرة من الأرياف ليس صوب السواحل والمدن في حضرموت الساحل فحسب بل وإلى إندونيسيا وعمان وماليزيا وكينيا وشرق أفريقيا".

كان يوما عظيما وتاريخيا بلا شك، تابع الحاضرون في القاعة والعالم من الخارج عبر بث مباشر لبعض القنوات الفضائية لوقائع جلسات الدورة، و استمرت فقرات الجلسة الافتتاحية في قاعة جامعة حضرموت حتى منتصف النهار.
وبعد ذلك انتهزنا فرصة التواجد في المكلا وكان لابد من التجوال في أحياء المكلا عصرا ومساءً بحكم سكننا في فندق على ضفاف الخور، كان لابد من الخور أولًا، أشهر معالم المدينة الذي أضفى على الغناء منظرا جماليا وسياحيا يعد السير على جنابيه في لحظات الغروب والمساء من أجمل الأوقات ورغم جمالية المكان إلا أن الزائر لا يلحظ ازدحاما، وفي منتصف الخور تقريبا ينتصب مجسما حجريا لـ"سدة المكلا" يعلوها العلم الجنوبي مرفرفا وسدة المكلا الحقيقية قيل لنا أنها أزيلت عقب الاستقلال الوطني للأسف ليُستعاض عنها بمجسم للذكرى.
حي الشرج
كما قيل لنا من الأحياء القديمة التي بنيت بيوتها على الطراز الهندي منذ عهد السلطنة القعيطية، وتقع غرب خور المكلا وتصل إليها من خلال جسر مشاه يقودك إلى شوارعها التي تعرف بالأرقام 1.2.3.4.5 إلخ، وأشهر شوارع الشرج الثاني والثالث والرابع.
وقال محدثي: إن "بيوتها القديمة عُمرت على الطابع الهندي، طبعا نظرا لاعتماد السلطان القعيطي على مهندسين هنود أحضرهم من حيدر عباد، وخلال التوسع الذي تشهده الشرج يجري تحديث تلك الشوارع عن طريق هدم المباني القديمة والبناء على أنقاضها مبانٍ بطابع المسلح والبلكونات، شوارعها تعج بالحركة النسبية صباحا والمزدحمة مساء تعج حوانيتها بالسلع التقليدية وقهاوي الشاي والباخمري ومطاعم ومحلات أقمشة وعطورات وعسل وأسواق خضار وفواكه وغير ذلك وفي الشارع الثالث ما لفت انتباهي جموع من الشيبان الذين يجلسون في شكل حلقات للعب قطع الدومينو "الضمنة" التي يلعبونها بهمة وتنافس ملحوظ مصحوبة بالقفشات والتعليقات المصاحبة حتى أن المهزومين منهم ينالون أهواك تعليق ملابس الغسيل على آذانه، لتوحي بعقاب مؤلم.
الأمر الجدير بالإشارة أن جنوب الشرج شهد توسعا باتجاه البحر عن طريق عملية كبس واسعة للبحر التي قام بها المستثمر العمودي منذ عام 2005 عبر مجموعة من الشركات التي خلقت مساحات شاسعة من اليابسة، شيدت عليها المولات التجارية أكبرها مول ( الهايبر ) وفنادق وأسوق مركزية للخضار والفواكه والأسماك الطازجة والمملحة وهناك تسوير لقطع كبيرة بيعت بملايين الريالات السعودية كما أفادني التاجر الحضرمي مشكورا محمد عبدالله أبو طالب الذي أخذني في جولة سريعة على دراجته النارية في أحياء الديس، ومنها منطقة الكبسة.

أقدم أحياء المدينة والمكلا أساسا كانت عبارة عن ميناء على ساحل البحر العربي، حيث الميناء الرئيس ومصنع تعليب الأسماك الشهير بـ "الغويزي"
يمتد عبر جبل المكلا على طول المدينة من جنوبها إلى شمالها حيث ينتصب حصن الغويزي وعلى امتداد ذلك الجبل هناك اتضح لنا أكثر من غويزي، تعدادها يزيد عن ستة حصون قال لي أحد مواطني المكلا من الشيبان أن تلك الحصون كانت عبارة عن نقاط حراسة إضافة إلى أنها بمثابة الفنار للسفن القادمة إلى المكلا، كان يتم إضاءتها بالنار لاهتداء السفن في عهد سلطنة الكسادي وبعدها في عهد السلطنة القعيطية.
فوة الحي الجديد الذي يشهد توسعا عمرانيا
عوَّض المكلا عن حصار البحر والجبل حيث خُطط حي فوة ليستوعب التوسع العمراني على أحدث صورة وتمتاز فوة، بسعة الشوارع التي صممت بمثابة طرق "الهاي واي" مستقبلا ، والمكلا الحديثة تزحف بقوة الآن باتجاه فوه جنوبا وكبسة الشرجة غربا وشرقا باتجاه فندق رامادا وخلف وشمالا باتجاه الديس وباتجاه الخط المؤدي إلى مطار الريان.
وفي اليوم الثاني لجلسات الجمعية الوطنية كان شغف معرفة المزيد عن المكلا يزداد ونسج علاقاتنا بدأ يمد خيوطه مع المواطن الحضرمي البسيط المحب للناس والعمل والتعامل بطيبة متناهية، وفضلنا تناول الغداء في مطعم سمك في أحد مطاعم المكلا، من شكله الأولي يبدو صغيرا متواضعا لكنه يقدم رز وسمك على الطريقة الحضرمية هي الأشهى في طباخة الصيادية الحضرمية.

من حديثنا العفوي والتقائي مع معظم المواطنين والشباب في أحياء المكلا تبين لنا أن الحضارم يُبدون حماسا وتأييدا للمجلس الانتقالي الجنوبي وخطواته التي يقدم عليها.
حيث قال المواطن حسين باسالم "أن المزاج الحضرمي العام قوي الانتماء للجنوب أرضا وشعبا وكان لانضمام قيادات كبيرة إلى المجلس الانتقالي كأحمد بن بريك والبحسني والقيادات الأمنية والعسكرية والكوادر المدنية ومعظم مقادمة وشيوخ حضرموت قد جسد لُحمة الروح الجنوبية بكل معانيها، ليس في حضرموت بل في كل أرجاء محافظات ومدن وجزر وقرى وبوادي وشعاب الجنوب من المهرة إلى سقطرى إلى باب المندب.
مواطن آخر قال "نحن نريد بلادنا الجنوب، هذا وطننا الذي نعيش عليه بحلوه ومره، نحن ما شفنا إلا الويل في هذه الوحدة"،
