في ظل تصريحات بعض القيادات الشمالية التي تحاول تصوير مطالب الجنوبيين بفك الارتباط عن دولة الوحدة بأنها دعوة إلى "الانفصال"، يجب أن نوضح عدة نقاط قانونية وأساسية تُفند هذه المزاعم وتضع الأمور في نصابها الصحيح.

أولاً: الوحدة اليمنية التي تمت في عام 1990 كانت قائمة على اتفاق سياسي بين دولتين ذات سيادة هما: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، والجمهورية العربية اليمنية في الشمال، وبناءً على الاتفاق الموقع بين الدولتين، كانت الوحدة مبنية على شروط وتعهدات لتحقيق تطلعات الشعبين في إطار دولة جديدة موحدة، ولكن مع مرور الوقت، خرجت الأمور عن مسارها وانحرفت عن الأهداف المتفق عليها بسبب الممارسات القمعية والإقصائية التي أدت إلى إخلال بجوهر الاتفاق.

ثانيًا: فك الارتباط ليس "انفصالًا" كما يحاول البعض تصويره، بل هو استعادة الوضع القانوني والسياسي السابق لدولة الجنوب قبل عام 1990. فالجنوب لم يكن جزءًا من الجمهورية العربية اليمنية، بل كان دولة مستقلة معترف بها دوليًا، وتواجدت لديها عضوية كاملة في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. بالتالي، استعادة تلك الدولة هو حق مشروع وفقًا للقانون الدولي القائم على مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها. وهذا المبدأ مُكرس في العديد من الاتفاقيات الدولية، مثل ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ثالثًا: وفقًا لعدة قرارات دولية وتجارب مشابهة حول العالم، فإن فشل الوحدة بسبب عدم التزام أحد الأطراف بالاتفاقات لا يُعتبر انفصالًا، بل هو ممارسة للحق الطبيعي في استعادة السيادة. نذكر هنا مثال تفكك الاتحاد السوفيتي، وفك الارتباط بين تشيكوسلوفاكيا، واستقلال جنوب السودان. هذه الأمثلة وغيرها توضح أن إعادة الوضع السابق لدولة مستقلة ليس انفصالًا غير قانوني، بل هو قرار شعبي وسياسي مشروع لاستعادة الحقوق المغتصبة.

وأخيرًا، لا يمكن تجاهل إرادة الشعب الجنوبي التي تجلت في العديد من الاستفتاءات والتحركات السلمية التي تطالب بفك الارتباط. إن القانون الدولي يمنح الشعوب الحق في تقرير مصيرها عندما تكون مظلومة أو مضطهدة. بالتالي، موقف الجنوبيين ليس تصرفًا عشوائيًا بل هو مبني على أسس قانونية وحقوقية واضحة.

النتيجة: مزاعم الانفصال باطلة قانونيًا.