> الحوطة «الأيام» خاص:

عُرفت مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، بجمالها وعبقها الفني، فهي عاصمة الفن التي أبهرت الساحة اليمنية بفنانيها الذين أثروا المشهد الثقافي والموسيقي لسنوات طويلة. هذه المدينة العتيقة كانت رمزًا للإبداع، حيث تفوح أجواؤها بروائح الفل والبخور، مما جعلها ملاذًا للسكان والزوار الباحثين عن الجمال والسكينة.

اليوم تحوّلت الحوطة إلى مشهد مختلف تمامًا، وصارت "مدينة العفن" كما يُطلق عليها البعض. مشهد القمامة والمخلفات التي تكدست في شوارعها بات مشهدًا مألوفًا، شوه جمال المدينة وأساء لتاريخها العريق. الروائح العطرة التي كانت تميز الحوطة لم تعد موجودة، وحلّت مكانها الروائح النتنة الناتجة عن تراكم القمامة والحيوانات الميتة المتحللة، مما حول المدينة إلى مقلب قمامة كبير ينغّص حياة أهلها ويثير استياءهم.

أصبحت الحوطة، التي كانت رمزًا للتراث والجمال، محطّة للحسرة والألم لكل من عرفها في زمنها الجميل. ذكريات الماضي الجميل تصطدم بواقع مؤلم يثير التساؤلات عن المسؤولية والجهود المطلوبة لإنقاذ هذه المدينة العريقة من الوضع المزري الذي تعيشه اليوم.

ما حدث للحوطة هو قصة مؤلمة تحكي عن الإهمال وضياع المعالم التاريخية والثقافية، لكنه أيضًا نداء لإحياء روح المسؤولية والاهتمام لاستعادة رونق هذه المدينة التي لطالما كانت مصدر إلهام وفخر لأهلها ولكل الجنوب واليمن.

يقول الناشط صدام اللحجي "الحوطة عاصمة محافظة لحج مدينة كانت يومًا تُعرف بجمالها وبساطتها، واليوم تحولت إلى صورة قاتمة تعكس حجم الإهمال والفساد. الشوارع التي كانت تضج بالحياة صارت تعج بالحفر، والغبار، والنفايات التي تغزو الأحياء. البنية التحتية منهارة، ولا أثر لأي تحسين أو تطوير".

ويضيف اللحجي "الأدهى أن المسؤولين لا يرون في معاناة الناس سوى فرصة للتكسب إلا من رحم الله. مشاريع وهمية، وميزانيات تُصرف لكن لا تصل، وكأن هذه المدينة لا تستحق سوى الفتات. كل زاوية في الحوطة تُخبرك قصة من قصص الفساد، وحالة من الإهمال الممنهج".

ختامًا.. أن ما يحدث في الحوطة ليس مجرد تقصير، بل خيانة بحق الناس الذين ينتظرون تحسنًا لا يأتي أبدًا. حسبي الله ونعم الوكيل على كل من ساهم في جعل هذه المدينة تعيش في هذا الوضع المزري. المشكلة تكمن في أن من يمسك بزمام الأمور يرى في الكارثة فرصة لا مسؤولية.