تصريح المبعوث الأممي بشأن "خارطة الطريق في اليمن لم تعد ممكنة" يثير تساؤلات عميقة حول توقيته وأبعاده السياسية والدبلوماسية. في ظل الظروف الراهنة، حيث تتشابك الأوضاع المحلية مع المصالح الإقليمية والدولية، يبدو أن هذا التصريح ليس مجرد وصف للحالة الراهنة بل يحمل رسائل عدة.
  • السياق والتوقيت
توقيت التصريح يتزامن مع حالة انسداد سياسي وميداني في اليمن، حيث لا تزال المفاوضات متعثرة، ولا تبدو هناك حلول جذرية تلوح في الأفق. المبعوث الأممي يدرك جيدًا أن خارطة الطريق السابقة، التي كانت مبنية على مقاربات توافقية، فقدت فعاليتها في ظل تغير ميزان القوى على الأرض، وتصاعد نفوذ أطراف إقليمية تسعى لفرض أجنداتها.

إلى جانب ذلك، يعكس التصريح محاولة للضغط على الأطراف المحلية والدولية لإعادة تقييم استراتيجياتهم.

فالإعلان عن "استحالة خارطة الطريق" قد يكون رسالة لإثارة القلق أو الدعوة إلى صياغة خارطة جديدة تستجيب للتطورات الأخيرة.
  • نقد العقل الدبلوماسي
المشكلة الكبرى في الأداء الأممي تكمن في إصراره على التعامل مع الأزمة اليمنية بمنطق التوازنات الظاهرة، دون معالجة الجذور الحقيقية للصراع. المبعوثون الأمميون، رغم دورهم المحوري، غالبًا ما يفتقدون للقدرة على قراءة المشهد من الداخل، مكتفين بتقارير الدول الراعية أو المؤثرة.

التصريح الأخير يبرز مشكلة أكبر: غياب الرؤية البديلة. إذا كانت خارطة الطريق لم تعد ممكنة، فما البديل؟ وهل يمتلك المبعوث الأممي أدوات فعلية لتقديم حلول أم أنه يكتفي بدور الوسيط المحايد الذي ينقل الرسائل دون التأثير الحقيقي؟
  • التحديات أمام الحل
تصريح المبعوث الأممي يضعنا أمام أسئلة مفتوحة:

1 . هل تعني استحالة خارطة الطريق انهيار الجهود الأممية؟

أم أن التصريح مجرد وسيلة لإعادة تموضع المبادرة الدولية؟
2 . هل ستؤدي هذه التصريحات إلى دفع الأطراف اليمنية لتقديم تنازلات، أم أنها ستزيد من تصلب مواقفهم؟

3 . ما هو دور القوى الإقليمية والدولية في صياغة البدائل؟

هل سنرى خارطة جديدة تخدم مصالح القوى الكبرى أكثر من معاناة الشعب اليمني؟

التصريح الأخير للمبعوث الأممي يمثل دعوة للتأمل في جدوى الحلول التقليدية. اليمن بحاجة إلى مقاربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحولات الجذرية التي شهدها المشهد. الحل لا يمكن أن يأتي من الخارج فقط، بل يجب أن ينبع من إرادة داخلية صادقة تسعى إلى إنهاء الصراع، وليس إدارته.