في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات وتتشابك فيه الرؤى، تنبري حضرموت لتقول كلمتها بوضوح وثقة: الجنوب شراكة، لا وصاية؛ تمثيل، لا تهميش وحدة هدف، لا وحدة إلغاء. وهذه الكلمة الحضرمية، وإن خرجت من سياق لحظة آنية، إلا أنها تعكس إرادة متجذرة في أعماق أبناء حضرموت، وتفتح الباب واسعًا أمام الجنوب كله لمراجعة جادّة وشاملة للمسار والرؤية والبنية. حضرموت ليست على هامش الجنوب، بل هي إحدى أعمدته الأصيلة. وعلى الرغم من كل ما يعتمل فيها من تحديات وتجاذبات، لم تنفك عن التأكيد على انتمائها للمشروع الجنوبي الكبير، ولكنها في ذات الوقت، تطالب وتستحق أن تكون شريكة حقيقية في صياغة القرار ورسم المستقبل، لا مجرد متلقٍ لما يُفصّل في غرف مغلقة، أو يُفرض من خلف ستار الشعارات.
وهنا، نحن – في عدن والجنوب كافة – أمام واجب أخلاقي وسياسي ووطني، أن نصغي جيدًا لصوت حضرموت، لا بآذان الحذر أو التوجس، بل بعقلية الباحث عن التوازن، المؤمن أن الجنوب لا يبنى بالثقة المعطوبة، ولا بالتمثيل المختل، ولا بالتحالفات الظرفية.
لقد آن الأوان لإعادة صياغة "عقد جنوبي جديد"؛ عقد يتجاوز ثنائيات السيطرة والتبعية، ويتبنى مبدأ الشراكة الكاملة والمتكافئة بين جميع مناطق ومكونات الجنوب. عقدٌ يقوم على التمثيل العادل، والتوزيع المتوازن للسلطة، والاعتراف بتعدد الرؤى ضمن وحدة القضية والمصير. عدن، بما لها وما عليها، مطالبة اليوم بمراجعة جذرية. فاللحظة تتطلب منها أن تعيد النظر في طريقة إدارة العلاقة مع بقية الجغرافيا الجنوبية. عدن لا يمكن أن تكون مركز جذب إلا إذا كانت حاضنة للجميع، مشجعة على المبادرة، ومرحبة بكل من يحمل هم الجنوب من موقعه وظروفه وتاريخه. ما نراه اليوم من تشظٍ في الصفوف، وتباعد بين المكونات، ومخاوف تُهمس علنًا وسرًا، ليس إلا نتيجة طبيعية لانعدام الثقة، ولانغلاق آذان بعض النخب عن صوت الأرض والناس. إننا نحتاج إلى التوقف أمام عدد من المحطات بصدق وشفافية:
كيف يمكن لحضرموت أن تشعر بأنها شريكة حقيقية في القرار الجنوبي؟
لماذا تتكرر الأخطاء ذاتها في تعيينات، وتمثيل، ومؤسسات يعلو فيها الصوت الواحد؟ ما جدوى أي مشروع جنوبي لا يرى كل الجغرافيا الجنوبية بعينٍ واحدة وعدلٍ واحد؟ وأين نحن من الجنوب الذي حلمنا به، جنوب التنوع لا التفرد، جنوب العدالة لا المصلحة؟ إننا، اليوم، على مفترق طرق. فإما أن نستوعب ما قالته حضرموت، ونجعل منه أساسًا لإعادة البناء، أو نغض الطرف ونمضي نحو هاوية جديدة قد لا نخرج منها بسلام. الجنوب لا يُستعاد بالبيانات، ولا يُبنى بالعناد، بل بالإيمان الكامل أن لا طرف يملك وحده الحقيقة، ولا جهة تستطيع أن تحمل الجنوب وحدها.
دعونا نبدأ بتصحيح الرؤية من عدن.
عدن التي تحمل الإرث، والرمزية، والطاقة القادرة على لملمة الجميع إن أرادت ذلك. عدن التي من حقها أن تقود، ولكن من واجبها أن تحتضن، وأن تستمع، وأن تتنازل حيث يجب لصالح الكل.
أما حضرموت، فإنها قالت كلمتها، وبقي أن نقول نحن كجنوبيين جميعًا: نعم لحضرموت، نعم لشبوة، نعم للمهرة، نعم لسقطرى، نعم لكل شبر في الجنوب، تحت راية واحدة، وعقد شراكة لا ينفرط.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى تصالح داخلي جنوبي، يعيد ترتيب أولوياتنا، ويرمم ثغرات الماضي، ويضع حداً لحالة الفوضى والاصطفافات الضيقة التي أهدرت الزمن والفرص. فلنُعد للعقد الجنوبي هيبته وعدالته، قبل أن يُقال يوماً: لقد كان لنا وطنٌ وفرّطنا به.
وهنا، نحن – في عدن والجنوب كافة – أمام واجب أخلاقي وسياسي ووطني، أن نصغي جيدًا لصوت حضرموت، لا بآذان الحذر أو التوجس، بل بعقلية الباحث عن التوازن، المؤمن أن الجنوب لا يبنى بالثقة المعطوبة، ولا بالتمثيل المختل، ولا بالتحالفات الظرفية.
لقد آن الأوان لإعادة صياغة "عقد جنوبي جديد"؛ عقد يتجاوز ثنائيات السيطرة والتبعية، ويتبنى مبدأ الشراكة الكاملة والمتكافئة بين جميع مناطق ومكونات الجنوب. عقدٌ يقوم على التمثيل العادل، والتوزيع المتوازن للسلطة، والاعتراف بتعدد الرؤى ضمن وحدة القضية والمصير. عدن، بما لها وما عليها، مطالبة اليوم بمراجعة جذرية. فاللحظة تتطلب منها أن تعيد النظر في طريقة إدارة العلاقة مع بقية الجغرافيا الجنوبية. عدن لا يمكن أن تكون مركز جذب إلا إذا كانت حاضنة للجميع، مشجعة على المبادرة، ومرحبة بكل من يحمل هم الجنوب من موقعه وظروفه وتاريخه. ما نراه اليوم من تشظٍ في الصفوف، وتباعد بين المكونات، ومخاوف تُهمس علنًا وسرًا، ليس إلا نتيجة طبيعية لانعدام الثقة، ولانغلاق آذان بعض النخب عن صوت الأرض والناس. إننا نحتاج إلى التوقف أمام عدد من المحطات بصدق وشفافية:
كيف يمكن لحضرموت أن تشعر بأنها شريكة حقيقية في القرار الجنوبي؟
لماذا تتكرر الأخطاء ذاتها في تعيينات، وتمثيل، ومؤسسات يعلو فيها الصوت الواحد؟ ما جدوى أي مشروع جنوبي لا يرى كل الجغرافيا الجنوبية بعينٍ واحدة وعدلٍ واحد؟ وأين نحن من الجنوب الذي حلمنا به، جنوب التنوع لا التفرد، جنوب العدالة لا المصلحة؟ إننا، اليوم، على مفترق طرق. فإما أن نستوعب ما قالته حضرموت، ونجعل منه أساسًا لإعادة البناء، أو نغض الطرف ونمضي نحو هاوية جديدة قد لا نخرج منها بسلام. الجنوب لا يُستعاد بالبيانات، ولا يُبنى بالعناد، بل بالإيمان الكامل أن لا طرف يملك وحده الحقيقة، ولا جهة تستطيع أن تحمل الجنوب وحدها.
دعونا نبدأ بتصحيح الرؤية من عدن.
عدن التي تحمل الإرث، والرمزية، والطاقة القادرة على لملمة الجميع إن أرادت ذلك. عدن التي من حقها أن تقود، ولكن من واجبها أن تحتضن، وأن تستمع، وأن تتنازل حيث يجب لصالح الكل.
أما حضرموت، فإنها قالت كلمتها، وبقي أن نقول نحن كجنوبيين جميعًا: نعم لحضرموت، نعم لشبوة، نعم للمهرة، نعم لسقطرى، نعم لكل شبر في الجنوب، تحت راية واحدة، وعقد شراكة لا ينفرط.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى تصالح داخلي جنوبي، يعيد ترتيب أولوياتنا، ويرمم ثغرات الماضي، ويضع حداً لحالة الفوضى والاصطفافات الضيقة التي أهدرت الزمن والفرص. فلنُعد للعقد الجنوبي هيبته وعدالته، قبل أن يُقال يوماً: لقد كان لنا وطنٌ وفرّطنا به.