> "الأيام" فوكس نيوز:
عندما تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وعد بإنهاء "الحروب التي لا تنتهي" في الشرق الأوسط، واعتبر التدخلات العسكرية هناك "أسوأ قرار اتُخذ على الإطلاق". وبالفعل، سعت إدارته إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي، فخفضت عدد القوات في سوريا وهددت بالانسحاب من الحرب في أوكرانيا بغض النظر عن مسار المفاوضات.
لكن، وفي تناقض صارخ مع هذه الوعود، وجدت واشنطن نفسها متورطة مجددًا في صراع مفتوح في اليمن، قد يتحول إلى مستنقع يستنزف قدراتها العسكرية ويُشتت انتباهها الاستراتيجي. ففي 15 مارس، أطلقت الولايات المتحدة حملة جوية واسعة النطاق، أُطلق عليها اسم "عملية الفارس العنيف"، ضد جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، والتي كثفت هجماتها على السفن في البحر الأحمر منذ اندلاع حرب غزة أواخر 2023.
تجاوزت هذه الحملة في حجمها ومدتها كل العمليات السابقة ضد الحوثيين، حيث نُفذت أكثر من 250 غارة جوية بحسب معهد دراسات الحرب ومعهد أمريكان إنتربرايز. وأسفرت الغارات عن مقتل أكثر من 500 عنصر حوثي، بمن فيهم قادة كبار، كما سقط أكثر من 200 مدني خلال الشهر الأول من القصف، وفقًا لمشروع بيانات اليمن. أكبر ضربة استهدفت محطة نفطية ساحلية، وأودت بحياة 74 شخصًا.
ورغم الدمار الكبير، أكد مسؤولون أمريكيون أن الهدف ليس القضاء الكامل على الحوثيين، بل وقف الهجمات على حركة الملاحة في البحر الأحمر. وقال بيتر نغوين، مدير الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي، إن الضربات نجحت في وضع الحوثيين "في موقف دفاعي"، لكن التهديد لا يزال قائمًا.
الغريب أن هذه الحملة العسكرية الكبرى لم تحظَ باهتمام واسع داخل الولايات المتحدة، رغم التسريبات التي كشفت عن خططها عبر تطبيق سيجنال. ويرى محللون مثل محمد الباشا أن الضربات الجوية وحدها غير كافية لهزيمة الحوثيين، مشيرين إلى أنهم صمدوا سابقًا أمام حملة جوية شرسة قادتها السعودية بدعم أمريكي على مدار ثماني سنوات.
الحوثيون أعلنوا صراحةً عزمهم على مواصلة القتال، معتبرين أن القصف الأمريكي لن يردعهم. وفي خطاب حديث، سخر مهدي المشاط، رئيس الحكومة الحوثية، من ترامب قائلًا: "لا الصواريخ ولا القاذفات الاستراتيجية ستردعنا"، مؤكدًا أن الجماعة تزداد قوة على الرغم من الحملة الأمريكية.
من الناحية العسكرية، استدعى الصراع تعزيزات كبيرة: أرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى المنطقة، ونشرت منظومتي باتريوت ونظام الدفاع الصاروخي ثاد من آسيا إلى الشرق الأوسط. وفي الأسابيع الثلاثة الأولى وحدها، أنفقت واشنطن حوالي 200 مليون دولار على الذخائر، مما أثار قلق المسؤولين العسكريين بشأن تأثير ذلك على الاستعداد لمواجهة محتملة مع الصين.
ويثير هذا التحول في تركيز الموارد الأمريكية من آسيا إلى الشرق الأوسط قلق شخصيات بارزة في إدارة ترامب، مثل نائب الرئيس جيه دي فانس، الذي يفضل توجيه الاهتمام الاستراتيجي نحو الصين بدلاً من الانخراط مجددًا في نزاعات الشرق الأوسط.
مخاوف من التورط العميق ومستقبل غامض للصراع
في ظل استمرار الضربات الجوية دون تحقيق النتيجة المرجوة بالكامل، بدأ الحديث عن احتمالية انخراط الولايات المتحدة بدرجة أعمق في الصراع. هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان ما حدث خلال حملة أوباما ضد داعش، التي بدأت بعمليات جوية قبل أن تتوسع لتشمل إرسال قوات برية ودعم جماعات محلية.
تدرس بعض الفصائل اليمنية المدعومة دوليًا استغلال اللحظة لإطلاق حملة برية ضد الحوثيين، لكن حتى الآن لم تتخذ واشنطن قرارًا بدعم هذا الخيار. ومع ذلك، فإن مجرد دعم عملية برية - ولو بشكل محدود - سيعيد الولايات المتحدة إلى النمط الذي طالما انتقده ترامب نفسه: التدخل في حروب أهلية معقدة في الشرق الأوسط.
أما على المستوى الأوسع، فهناك بُعد استراتيجي آخر لهذه العملية، يتمثل في الضغط غير المباشر على إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين. ففي الوقت الذي تجري فيه إدارة ترامب جولة جديدة من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، تلوح في الأفق احتمالية تصعيد عسكري إضافي إذا فشلت هذه المحادثات.
رغم أن هناك فرصة لانسحاب أمريكي سريع من اليمن إذا هدأت الأوضاع، إلا أن التجارب السابقة توحي بأن مثل هذه الالتزامات غالبًا ما تتلاشى أمام حقائق الحرب على الأرض. ومع استمرار الحوثيين في شن الهجمات، وصعوبة القضاء عليهم عبر القصف الجوي وحده، يظل مستقبل العملية مفتوحًا على كل الاحتمالات: من تصعيد أوسع إلى تورط طويل الأمد، بما يناقض كل وعود ترامب بسحب أمريكا من مستنقعات الشرق الأوسط.
لكن، وفي تناقض صارخ مع هذه الوعود، وجدت واشنطن نفسها متورطة مجددًا في صراع مفتوح في اليمن، قد يتحول إلى مستنقع يستنزف قدراتها العسكرية ويُشتت انتباهها الاستراتيجي. ففي 15 مارس، أطلقت الولايات المتحدة حملة جوية واسعة النطاق، أُطلق عليها اسم "عملية الفارس العنيف"، ضد جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، والتي كثفت هجماتها على السفن في البحر الأحمر منذ اندلاع حرب غزة أواخر 2023.
تجاوزت هذه الحملة في حجمها ومدتها كل العمليات السابقة ضد الحوثيين، حيث نُفذت أكثر من 250 غارة جوية بحسب معهد دراسات الحرب ومعهد أمريكان إنتربرايز. وأسفرت الغارات عن مقتل أكثر من 500 عنصر حوثي، بمن فيهم قادة كبار، كما سقط أكثر من 200 مدني خلال الشهر الأول من القصف، وفقًا لمشروع بيانات اليمن. أكبر ضربة استهدفت محطة نفطية ساحلية، وأودت بحياة 74 شخصًا.
ورغم الدمار الكبير، أكد مسؤولون أمريكيون أن الهدف ليس القضاء الكامل على الحوثيين، بل وقف الهجمات على حركة الملاحة في البحر الأحمر. وقال بيتر نغوين، مدير الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي، إن الضربات نجحت في وضع الحوثيين "في موقف دفاعي"، لكن التهديد لا يزال قائمًا.
الغريب أن هذه الحملة العسكرية الكبرى لم تحظَ باهتمام واسع داخل الولايات المتحدة، رغم التسريبات التي كشفت عن خططها عبر تطبيق سيجنال. ويرى محللون مثل محمد الباشا أن الضربات الجوية وحدها غير كافية لهزيمة الحوثيين، مشيرين إلى أنهم صمدوا سابقًا أمام حملة جوية شرسة قادتها السعودية بدعم أمريكي على مدار ثماني سنوات.
الحوثيون أعلنوا صراحةً عزمهم على مواصلة القتال، معتبرين أن القصف الأمريكي لن يردعهم. وفي خطاب حديث، سخر مهدي المشاط، رئيس الحكومة الحوثية، من ترامب قائلًا: "لا الصواريخ ولا القاذفات الاستراتيجية ستردعنا"، مؤكدًا أن الجماعة تزداد قوة على الرغم من الحملة الأمريكية.
من الناحية العسكرية، استدعى الصراع تعزيزات كبيرة: أرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى المنطقة، ونشرت منظومتي باتريوت ونظام الدفاع الصاروخي ثاد من آسيا إلى الشرق الأوسط. وفي الأسابيع الثلاثة الأولى وحدها، أنفقت واشنطن حوالي 200 مليون دولار على الذخائر، مما أثار قلق المسؤولين العسكريين بشأن تأثير ذلك على الاستعداد لمواجهة محتملة مع الصين.
ويثير هذا التحول في تركيز الموارد الأمريكية من آسيا إلى الشرق الأوسط قلق شخصيات بارزة في إدارة ترامب، مثل نائب الرئيس جيه دي فانس، الذي يفضل توجيه الاهتمام الاستراتيجي نحو الصين بدلاً من الانخراط مجددًا في نزاعات الشرق الأوسط.
مخاوف من التورط العميق ومستقبل غامض للصراع
في ظل استمرار الضربات الجوية دون تحقيق النتيجة المرجوة بالكامل، بدأ الحديث عن احتمالية انخراط الولايات المتحدة بدرجة أعمق في الصراع. هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان ما حدث خلال حملة أوباما ضد داعش، التي بدأت بعمليات جوية قبل أن تتوسع لتشمل إرسال قوات برية ودعم جماعات محلية.
تدرس بعض الفصائل اليمنية المدعومة دوليًا استغلال اللحظة لإطلاق حملة برية ضد الحوثيين، لكن حتى الآن لم تتخذ واشنطن قرارًا بدعم هذا الخيار. ومع ذلك، فإن مجرد دعم عملية برية - ولو بشكل محدود - سيعيد الولايات المتحدة إلى النمط الذي طالما انتقده ترامب نفسه: التدخل في حروب أهلية معقدة في الشرق الأوسط.
أما على المستوى الأوسع، فهناك بُعد استراتيجي آخر لهذه العملية، يتمثل في الضغط غير المباشر على إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين. ففي الوقت الذي تجري فيه إدارة ترامب جولة جديدة من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، تلوح في الأفق احتمالية تصعيد عسكري إضافي إذا فشلت هذه المحادثات.
رغم أن هناك فرصة لانسحاب أمريكي سريع من اليمن إذا هدأت الأوضاع، إلا أن التجارب السابقة توحي بأن مثل هذه الالتزامات غالبًا ما تتلاشى أمام حقائق الحرب على الأرض. ومع استمرار الحوثيين في شن الهجمات، وصعوبة القضاء عليهم عبر القصف الجوي وحده، يظل مستقبل العملية مفتوحًا على كل الاحتمالات: من تصعيد أوسع إلى تورط طويل الأمد، بما يناقض كل وعود ترامب بسحب أمريكا من مستنقعات الشرق الأوسط.