لم تكن نخب الشمال عاطفية كنخب الجنوب في مسألة الوحدة بل توسعية، فحين أراد الرئيس "الحمدي" وحدة ندّية اغتالوه لأنها ستمنع من "ديْوَلتهم" وتوسعيتهم، لذلك فأول خطوة اتخذوها بعد وصول الجنوبيين صنعاء هي مباشرة تصفية الكوادر الجنوبية ليس لاشتراكيتهم بل لجنوبيتهم ، وهذا له سوابق لديهم فقد قامت الدولة العصبوية بتصفية كوادر المنطقة الوسطي بعد ثورة سبتمبر أكثر من مرة حتى أذعنت تلك المناطق وكذلك اغتالت شيوخ العواض فقتلت أحمد عبدربه وهو بطل صمود معركة "السبعين" وسممت شيخ مراد "جار الله القردعي" وغيرهم وأي قبيلة في أي منطقة شافعية تراها منافسة لها في الشمال تذكي فيها الثارات.

لن نستعرض نتائج حرب 94 فهي معروفة إذ كان رد الجنوبيين حراكًا تحرريًا حاول الإخوان وحلفاؤهم جعله حراك كل المتضررين من سياسات "عفاش" فرفض الجنوبيون أن تكون قضيتهم ورقة لأحد الأطراف الرئيسية لحرب 94 فكلهم كانوا شركاء وهم افتوا له وحشّدوا المدن والقرى الشمالية بشعار من جهز غازيا فقد غزا.

العواطف السياسية تؤدي لكوارث سياسية سواء في علاقة الجنوبيين في ما بينهم أو علاقتهم مع اليمننة والجنوبيون جرّبوا يمننة "العصبوية الزيدية"، فكان اجتياح 94 ثم جاءت اليمننة الطائفية الحوثية فاجتاحت الجنوب وكان شعارها "محاربة الدواعش" ولولا التحالف العربي ثم المقاومة الجنوبية لصار مصير حواضر الجنوب مثل الموصل والفلوجة وحلب وريف دمشق دمارا وخرابا على الهوية الطائفية بحجة محاربة داعش، الآن تجربة "اليمننة التعزية" التي تمارس دورها بمعاقبة الشعب بحرب الخدمات والمرتبات وانهيار العملة لإخضاع الجنوب.

صحيح أن الانتقالي شريك على قاعدة تحرير الشمال من الحوثي وتوفير خدمات المناطق المحررة فقوبلت شراكته بتحديات بسبب عوامل خارجية أو داخلية أو كلاهما فتحولت الخدمات حربا لتحقيق أهداف تمس جوهر المشروع الجنوبي.

المرحلة توجب على الجنوبيين أن يعوا حقيقة خصمهم بتعزيز وحدتهم والاستفادة من دروس تجاربهم السابقة في مواجهة التحديات الحالية فالكل سيخسر.