من طرائف الزمن في أخبار الحرب والمحن، أن جملة من أهل الجنوب جمعهم الكرسوع، وذكر الأخباريون أن من خبر هذا الكرسوع الشهير قد قام بما لم يقم به الأوائل، لافي مليونيات ولا حوارات ولا مشاركات في العواصم وتخومها.
عجيب أمر هذا الكرسوع ونحن طبعا لا نتمنى إلا كل خير من حديثنا هذا، ولسنا أقل ممن تهافتوا لزيارة الكرسوع المشهود وصاحبه له أفضل التحايا والدعوات بالعافية.
منذ إصابة القائد العسكري في الساحل الغربي وعضو مجلس القيادة طارق عفاش في كرسوعه ونقله على وجه السرعة إلى عاصمة إحدى دول التحالف العربي أبوظبي. شغلنا كلنا بأمر إصابة هذا الكرسوع وبقينا في حيص بيص، من صحة الخبر أو أنه إشاعات كيدية، وكما يقال وعند جهينة الخبر اليقين، كان لإخوتنا من رجال وقادة الحراك الجنوبي الخبر اليقين، بل من شدة الظرف لدى الشارع عندنا في الجنوب العدني والحضرمي، إن وجدوا التخفيف من ما بهم من شدة انقطاع الكهرباء في عدن.
في هذه الأيام ظهر معظم قادة عدن دفعة واحدة في زيارة عاجلة للكرسوع وصاحب الكرسوع وتسابقوا على التقاط الصور جنب العميد عضو الرئاسي طارق عفاش في غرفة المستشفى، شاهدنا محافظ عدن في أناقة مفرطة ويضحك، وشاهدنا الرئيس عيدروس الزبيدي وهو يقدم دعواته بشفاء خصمه الشمالي ذي شل الجنوب عليه من سنوات، وشاهدنا فلانا وفلانا وعلانا، كلهم رأينا تهافتهم على زيارة الكرسوع، وكنا لانعرف أن كل هذا الحشد من قادتنا ومقاومتنا وزعماء جنوبنا في أبوظبي، وأصابنا الاستغراب كل هؤلاء هناك يعيشون، طيب من لنا، ومن في عدن من هؤلاء، من يدير عدن ويتلمس أوجاع الجنوبيين، من يطارد الكوليرا في عدن، ومن ينتبه لأولادنا من المخدرات والتهريب ومن يوقف الفساد في مرافق عدن، ومن يتابع رواتبنا ومعاشات المتقاعدين، أين كل هؤلاء المناضلين الجنوبيين؟ كيف تركونا وذهبوا واحتشدوا كلهم في غرفة المستشفى في الإمارات حيث يتعالج الكرسوع وصاحبه، والله أننا بكينا بحرقة، وقلنا لماذا لم يخبرنا زعماؤنا الجنوبيون ورجال الحراك الجنوبي، وقادة العسكر الجنوبيين أن نذهب معهم إلى أبوظبي ونقوم بواجب الزيارة، ونأخذ لنا شوية برود بحكم انعدام الكهرباء في عدن ولحج وأبين ونسلم على قادتنا المقيمين هناك الذين لا يستحون ولا يزعلون علينا سامحهم ربي وحفظ لهم هذا الكرسوع الذي جمعهم وهم لا يجتمعون، بل لا يطيق بعضهم بعضًا حين يكونون عندنا من دون كرسوع.
وكما صدمنا حين اكتشفنا أن محافظ عدن السيد لملس هناك، وظهر مبتسمًا بينما نحن نبكي من دون كهرباء ولا قوت ولا رواتب، فيما هم في حضرة الكرسوع، ولو سألت أحدهم عن حالنا هنا لوجدت أنه لا يعرف (كوعه من كرسوعه).
وبالتالي طالما أنتم عند الكرسوع، شوفوا ما معاكم إلا ما قال المثل الحضرمي (لحس الكرسوع) ولا أظن أن حدًا لا يعرف المعنى، وما بايقع لكم طالما أنكم محتفون بهذا الكرسوع، إلا الكرسوع ولا غيره.