أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 03:48 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • التهام الهوية الجنوبية بالاستيطان.. قراءة سياسية وديموغرافية

    د. حسين لقور بن عيدان




    تشهد ساحة الصراع بين اليمن والجنوب تحديات جمة تتعلق خصوصا بالحقوق الوطنية والسياسية لشعب الجنوب العربي، جزء شديد الْخَطَر ومهم من الصراع السياسي يكمن في استخدام الرهانات الديموغرافية كأسلوب لتغيير معالم الهوية الجنوبية العربية في معركة استمرار وفرض اليمننة على الجنوبيين، وهنا تكمن مشكلة أساسية في أن التيارات اليمنية سواء كانوا الحوثيين في صنعاء أو الشرعية اللاجئة لا تتوان عن تخطيط أي عمل من شأنه أن يسهم في ضرب القضية الجنوبية وعمقها وأساسها وهي الهوية الجنوبية العربية مما يشك خطرا استراتيجيا على مستقبل الهوية الوطنية والثقافة الجنوبية واستقلال الجنوب.

    يتم استغلال التعداد السكاني الكبير لليمنيين الذين ينحدرون من مختلف مناطق الجمهورية العربية اليمنية كوسيلة وسلاح في مواجهة المطالب الوطنية الجنوبية في الخروج من اليمننة والاستقلال عن اليمن بواسطة تغيير التوازن الديموغرافي في الجنوب، حيث يتم نقل وتهجير السكان من اليمن باتفاق ضمني بين الحوثيين والشرعية اليمنية لتغيير الهوية المحلية في الجنوب تدريجياً عبر تدفق مستمر للمهاجرين والمستوطنين من اليمن، القصد من هذا الحرب الصامتة وهذه السياسات هو إضعاف وتمييع الهوية والتماسك الاجتماعي للشعب الجنوبي، وتساهم في «التهام الهوية» مع مرور الوقت.

    يرتكز جزء من هذا التحدي في مواجهة تلك السياسات الخبيثة على عدم إدراك القِوى السياسية الجنوبية المشاركة في الشرعية وخارجها لخطورة ما يجري وغياب موقف حازم منها حول هذا الحرب الخبيثة على خصوصية الشعب الجنوبي العربي والتهام هويته، وكذا عدم أخذ ما يكفي من الإجراءات لحفظ وسلامة الهوية الجنوبية.

    فبينما تُعتمد استراتيجيات اليمنيين على «الرهان الديموغرافي» لتغيير واقع الجنوب، تُغفل هذه الجهات الجنوبية في الشرعية أو خارجها عن أهمية الحفاظ على توازن هوية شعبنا الوطنية، مما يترك هذا الشعب الجنوبي أمام معركة مستمرة على حقوقه الوطنية في قيام دولة جنوبية.

    إن التوّجه الذي نشهده اليوم نحو تغيير ديموغرافي في الجنوب ليس جديدا بل امتدادا لسياسات مقصودة حتما سيؤدي إلى:

    - فقدان الموروث الثقافي والتراثي والتاريخي والسياسي للشعب الجنوبي.

    - تضاؤل دور المواطنة الحقيقية الجنوبية في الفعل السياسي والاقتصادي القائم الذي من المفروض أن تقوم على تكافؤ الحقوق والمكانة بين الجميع في ظل المرحلة الانتقالية الحالية.

    - تعميق الانقسامات الاجتماعية والعرقية والدينية بين اليمنيين والجنوبيين، مما يولد مناخاً سياسياً متفجرا يقلل من فرص السلام والاستقرار وإقامة عِلاقة طبيعية بين الشعبين.

    لمواجهة تلك السياسات، يجب إعادة النظر في استراتيجيات القوى الجنوبية على مستوى مشاركتها في الشرعية اليمنية التي فرضتها ظروف الحرب والصراع الإقليمي والدولي، بما يشمل:

    - التعامل مع اليمنيين القادمين من الجمهورية العربية كلاجئين يستضيفهم شعب الجنوب العربي مؤقتًا.

    - اعتبار مطالب الجنوب في الاستقلال جزءا أساسيا من الأجندة السياسية في كل المحافل السياسية الدولية.

    - تبني سياسات تضمن العدالة في تقاسم الفرص والحفاظ على الهوية الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية للشعب الجنوبي.

    - العمل على تعزيز الحُوَار الوطني الجنوب الشامل الذي يشمل كل الأطراف السياسية والمجتمعية من أجل رسم مستقبل الجنوب واضح المعالم وقائم على أساس الهوية يضمن التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين مختلف التيارات الجنوبية.

    في ظل التحديات التي تواجه الهوية الجنوبية، تصبح الدعوة إلى الاعتراف بالمطالب الخاصة لشعب الجنوب ضرورة ملحّة. إذ لا يمكن للمنطقة أن تنعم بالاستقرار والسلم دون ضمان الحقوق الثقافية والاجتماعية للجميع، وهذا يتطلب إيقاف السياسات التي تؤدي إلى تغيير التركيبة السكانية على حساب الهوية الجنوبية والعمل على بناء دولة جنوبية عادلة توفر للجميع مواطنة فاعلة تحمي خصوصيات الفئات في الجنوب، وإقامة علاقة طبيعية بين الشعبين قائمة على الاحترام وتبادل المنافع بين الشعبين اليمني والجنوبي.

المزيد من مقالات (د. حسين لقور بن عيدان)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال