> كتبه: حسن علوي الكاف

يتم الإعداد لها قبل حلولها بعدة أسابيع
مدينة تريم في محافظة حضرموت من المدن التاريخية والإسلامية التي تحظى بسمعة كبيرة بين مدن العالم الإسلامي وغير الإسلامي، لِما تمتلك من حضارة وتاريخ مشرف لا يضاهيه تاريخ بلد.
تستقبل هذه المدينة وأهلها قدوم العام الهجري الجديد من كل عام استقبالاً في غاية الروعة والجمال، وذلك بإحياء عادة فريدة توارثها الأبناء من الآباء والأجداد بقراءة أدعية تودع عام هجري مضى وأدعية لاستقبال عام هجري جديد.
[img]استقبال العام الهجري  -5.jpg[/img]
وتشهد تريم حراكاً شعبياً بهذه المناسبة العظيمة إذ يتم الإعداد لها منذ أسابيع، ويتم في اليوم الأول من العام الجديد إعداد طبخ وجبة المحشي الشهيرة مع البرير، و(البرير): كلمة مأخوذة من حب البر بعد طحنه ومن ثم يعمل خبراً ومن ثم يتم دقه حتى يصبح بريراً، وأكلها في وجبة العشاء الأول من العام الهجري الجديد، والبعض يطبخه مع الرز ليصبح ذا مذاق ونكهة فريدة.

حفلاً تراثياً
كما يتم في نفس اليوم الإعداد لوجبة الشربة التي يشارك في طبخها كثير من الحاضرين بموقع الاحتفال، كما هو موضح بالصور في حفل تراثي، ابتهاجاً بهذه الذكرى الطيبة ويردد فيها الكبار والصغار والأطفال "مدخل السنة بركة" و "كبيده على راسي وجبته من الوادي وبعته بخمسية ولا جاب عشوية)، وهي كلمات من التراث.
والكبيدة عبارة عن مجموعة من أغصان الأشجار الخضراء تعصب مع بعض. وفي عصرية تلك الليلة يحيي أبناء تريم حفلاً تراثياً مثل لعبة (الرزيح والبني مغراه والزربادي) وغيرها من الألعاب.. ففي مدينة تريم بمنطقة النويدرة وفي ساحة مسجد الحداد التاريخي تقام هذه الفعالية، والتي سبق أن توقفت لسنوات وأهملت، ولكن أبناء تلك المنطقة أعادوا إحياء تلك العادة التراثية بإقامة هذه الحفلات من قبل اثني عشر عاماً، حيث يتوافد عدد كبير من أبناء هذه المدينة وزوارها لمشاهدة الحفل الكرنفالي المتنوع.
[img]استقبال العام الهجري  -3.jpg[/img]
توافد للشباب
هذا العام أحيا تلك الحفلة فنان الزربادي الرائع، محفوظ باني، وفرقته، وكذلك الفنان حسن علوي الكاف الذي غنى على وجبة المحشي بقصيدة مشهورة مطلعها "محشي لذيذ مطبوخ في وسط مخضه منفوخ.. زين أحسن من السلتة والموز والخوخ، محشي لذيذ مطبوخ". وكذلك أغنية الشربة وهي من كلمات الشاعر جيلاني علوي الكاف.
[img]استقبال العام الهجري  -6.jpg[/img]
كما كان لحبيب الكل سعيد بن عبيدون (الطويل) حضور لافت، وكذا المبدع عمر باغزال.
هذه الأهازيج أدخلت الفرحة في نفوس الأطفال، واتضح ذلك من خلال ملامح وجوههم وابتساماتهم، وتستمر حفلة العصر إلى قُبل أذان صلاة المغرب.
[img]استقبال العام الهجري  -7.jpg[/img]
وبعد صلاة العشاء يتوافد الشباب والأطفال وينطلقون من هذه الساحة ويمرون بشوارع حارة النويدرة مرددين شعارات مدخل السنة بركة ابتهاجاً وفرحاً بهذه المناسبة الغالية على أمتنا الإسلامية وعلى سيد الخلق سيدنا محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
بعد ذلك يعودون إلى نفس الساحة التي انطلقوا منها لتناول وجبة الشربة والتي سبق أن تم التجهيز لها من العصر ويتم توزيعها على الحاضرين وعلى كثير من البيوت المجاورة. وتنتهي مراسيم تلك الليلة الفرائحية بالدعوات بأن يحقق الله لأمتنا الإسلامية كل خير وأمن واستقرار، وأن يُطفئ نار الفتن ما ظهر منها وما بطن إن شاء الله.

وهنا لابد أن أتقدم بالشكر لرجال مخلصين عاهدوا الله لما قاموا به من جهود مضنية لإظهار هذا اليوم البهيج وزرع الابتسامة على وجوه الكبار والصغار، وأخص بالذكر المبدع سالم سركال، العمود الفقري لهذه المناسبة لِما يقوم به من جهود مضنية لرسم الفرحة على وجوه الصغار والكبار وكل الحاضرين، ولا ننسى محيي تلك الفعالية منذ أكثر من عشر سنوات، والذين توفاهم الله وهم حاضرون بيننا بأرواحهم، منهم أبناء أسرة الحرش (صالح وكرامة) وكذلك عبدالله سركال، رحمه الله، وكذلك المرحوم عوض عفيف، كذلك نشكر جهود أبناء المنطقة الداعمين لهذا الحفل والجماهير الحاضرة من كل مناطق مدينة تريم، وشكراً وتقديراً لكل مندوب عن بعض القنوات الفضائية والمصورين الفوتوغرافيين الذين واكبوا ذلك الحدث الرائع، من خلال نقل تلك الفعالية مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.. ربنا يعيدها عوايد على أمتنا وكل عام وأنتم بخير، ونقول لكم: مدخل السنة بركة.​