> الحوطة/ عدن «الأيام» هشام عطيري و عبدالقادر باراس وفردوس العلمي:

  • مسيرة تحوم ليل الجمعة وبلغنا بغارة لكن القيادة أمرتنا بالتجمع
  • اتهامات للقيادة بالمخاطرة بأرواح الجنود وتجاهل تحذيرات مسبقة
  • بدأ الهجوم بطائرة ثم صواريخ رأينا أحدها يمر أمامنا ويحط منفجرًا بالعنبر الساعة 8:30
  • 118 ضحايا التفجير الغادر بينهم 32 قتيلًا من أفراد اللواء الثالث عمالقة
قال مصدر طبي في مستشفى ابن خلدون بحوطة لحج أن الحصيلة النهائية لحادثة الاستهداف الصاروخي لجنود يتبعون ألوية العمالقة الجنوبية متواجدون في معسكر العند أمس الأول الأحد بلغ 118 بين قتيل وجريح موضحًا أن عدد القتلى 32 فيما الجرحى 86 جنديًا.
وتسود مدينة الحوطة حالة من الحزن على فقدان هؤلاء الشباب الذين راحوا ضحية استهداف صاروخي في عنابرهم بمعسكر العند التدريبي أثناء تنفيذهم لدورة تدريبية بدأت منذ أكثر من شهر.

وروى شهود عيان، وهم جنود من اللواء الثالث عمالقة، نجوا من حادثة الاستهداف الصاروخي لـ"الأيام" شهاداتهم على الحادثة.
الجندي هاشم صدقة أحد أفراد اللواء الثالث عمالقة دعا في بداية شهادته بالرحمة والمغفرة للشهداء والشفاء للجرحى معبرًا عن إدانته للحادثة مشيرًا إن تواجد أفراد اللواء الثالث عمالقة في معسكر العند التدريبي لتنفيذ دورة تدريبية مدتها شهرًا لم يتبقَ على انتهائها سوى عشرة أيام فقط.
جنود يرون لـ"الأيام" شهادات صادمة عن هجوم العند
جنود يرون لـ"الأيام" شهادات صادمة عن هجوم العند

يقول هاشم بعد صلاة الفجر "تم جمع القوة وتأدية التمارين الرياضية حتى وجبة الإفطار وتناولها من قبل الأفراد وبعد الانتهاء من تناولها يأخذ الفرد راحته في العنبر لحين الجمع أو الطابور الثاني الساعة التاسعة صباحا".

وأوضح الجندي صدقة أنه "عند الساعة الثامنة وعشرين دقيقة أو الثامنة والنصف استهدف صاروخ أحد عنابر المعسكر متسائلًا أين الدفاعات الجوية لماذا تم استهداف أفراد اللواء الثالث عمالقة".. مشيرًا أن الضربة الأولى استهدفت العنبر الأول الذي تتواجد فيه السرية الأولى يبلغ عدد أفرادها 80 فردًا فيما بقية السرايا أعداد أفرادها قليلة جدًا مرجحًا أن ما حدث نتيجة لخيانة من الداخل عمل على إجراء عملية المسح للسرايا قبل الاستهداف حيث أدت الضربة الأولى إلى استهداف السرية الأولى مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من الزملاء حيث أن بعض الجثث تعرضت للاحتراق والتمزق ولم نتمكن من نقلها.

وقال إن ما حدث يهدف إلى تشتيت اللواء الثالث عمالقة الذي سطر البطولات في الساحل الغربي ووصل إلى الكيلو 16 بالحديدة التي قدم فيها العديد من التضحيات.
وكشف الجندي هاشم أنه قبل الحادثة بيوم تم مطالبة جميع أفراد اللواء بالحضور يوم الحادثة للبصمة إلا أن تأخر الأفراد في الحضور ساهم في تقليل عدد القتلى والجرحى مشيرًا إلى أنه إذا كان عدد الأفراد مكتمل في اللواء لزاد أعداد الضحايا جراء الحادثة.

وتابع الجندي هاشم حديثه بالقول عشر دقائق تفصل ما بين الضربة الأولى والثانية حيث حاول العديد من الأفراد بعد الضربة الأولى إخراج الجرحى والقتلى من العنبر إلا أن الضربة الثانية استهدفت الموقع نفسه مما أدى إلى مقتل الأفراد المسعفين إلى جانب الضحايا السابقين من الضربة الأولى.

وكشف الجندي هاشم أن قيادات كانت متواجدة إلا أنها انصرفت قبل الضربة الصاروخية مشيرًا إلى أن الأفراد أبلغوا قيادات في المعسكر قبل الحادثة في وقت الليل بأن هناك طائرة نسمعها وهي فوق المعسكر.. فردت تلك القيادات "لا تتجمعوا"، وقبل الضربة الأولى كانت هناك قيادات مجتمعة في عنبر القيادة.. "كنا نسمع صواريخ تنفجر ونسمع طائرة تحوم حولنا وقت الحادثة نعتقد أنها طائرة استطلاع".

وأوضح الجندي هاشم أن القائد السابق للواء الثالث عمالقة الشيخ عبدالرحمن اللحجي تحمل تكاليف ومصاريف الدفن للشهداء والأدوية والعلاج للجرحى.
وطالب الجندي هاشم القيادات العسكرية والمختصين بالاهتمام بأسر الشهداء والجرحى من أفراد اللواء.

الجندي عبد الكافي جمال ناصر أحد أفراد اللواء الثالث عمالقة قال في شهادته أنه قبل الحادثة خرجنا من العنبر لتنفيذ تمرين تفكيك السلاح وتحركنا لنتفاجأ بدوي انفجار قوي في أحد العنابر التي كنا فيها مشيرًا أن بعض الأفراد كانوا في العنابر نيام بعد أن تناولوا وجبة الإفطار مشيرًا أنه تم استهداف العنبر الأول وهو خاص بالسرية الأولى بصاروخين.

وأضاف "بعد أن انفجرت تلك الصواريخ في العنبر قام عدد من الأفراد بإسعاف المصابين وإخراج القتلى إلا أنه تم استهدافهم بصاروخ آخر في العنبر رقم 3".. مشيرًا أنه تم استهداف السرية الأولى والسرية الثالثة فيما قامت حراسة المعسكر بعدها بإطلاق الرصاص في السماء لغرض استهداف أي طائرة كما تم إخراج دبابة لنفس الغرض.

وقال عبدالكافي: "في الأسبوع الأول قبل الحادثة كنا نسمع طيرانًا مسيرًا أبلغنا القيادة الذين طالبوا منا أن نعود إلى منازلنا هذا الأسبوع وتم إبلاغ عمليات اللواء حول الطائرة ولكن لم يتم اتخاذ أي تدابير".. وأضاف أنه كانت سوف تقع ضحايا أكثر في حال استكمال عدد الأفراد إلا أن غياب الكثير من الأفراد عن الحضور منع زيادة الضحايا.

وأشار أن "البلاغ حول الطائرة من ليل أمس الأول السبت لقد قتل الكثير من زملائنا وأصيب الكثير جراء الاستهداف وهناك لازال مفقودين حتى الآن".. وكشف الجندي عبدالكافي غياب قيادات كانت غير موجودة في المعسكر باستثناء المدربين وقايد السرايا وقت الاستهداف الصاروخي
وإثر الهجوم نقل كثير من الجرحى إلى مستشفى ابن خلدون إلى مدينة الحوطة بمحافظة لحج، ومستشفى النقيب بالعاصمة عدن.

وفي عدن أفادت إدارة مستشفى النقيب بعدن لـ "الأيام" أن الجرحى المصابين في الهجوم يتلقون الرعاية الطبية في المستشفى، منذ وصولهم إلى أقسامها المختلفة، فكان ثلاثون (30) جريحًا الدفعة الأولى من الجرحى الواصلين، من بينهم ستة (6) حالتهم حرجة تم نقلهم إلى غرفة العناية المركزة، فيما استقبل المستشفى حالتين متوفيتين من نفس الهجوم، وتم إدخالهم ثلاجة الموتى، وفي نفس اليوم (الأحد) خرج عشرة جرحى بعد تلقيهم العلاج.

< يتحدث الجريح في الهجوم على العند حسين فؤاد 28 عامًا، من اللواء الثامن عمالقة، "وقع الحادث في الثامنة والنصف صباحًا، ونحن جالسون في العنبر. كنا لحظتها متأهبون للخروج الصباحي للتدريب بعد الإفطار، وقدر الله أننا لم نخرج حتى أتت طائرة مسيرة لتنفجر، وبعد ثوانٍ، تلاها صواريخ، ورأينا آخر صاروخ أمامنا وهو يحط وينفجر في العنبر؛ ليشتعل المكان ويوقع دمارًا في العنبر على الجنود.
الجريح حسين فؤاد
الجريح حسين فؤاد

في الثواني الأولى من الانفجار كنا مرتبكين عندما أتت الطائرة المسيرة، فلم نستطع السيطرة على أنفسنا، فالجميع كان في حالة هلع وارتباك ويريد أن يفر بجلده".
< الجريح محمد صالح عمر 25 عامًا، تحدث عن واقعة التفجير قائلًا: "في الثامنة والنصف صباحًا تم ضربنا بثلاثة صواريخ، وكل منهم بفارق خمس ثوان وفيما بعد تلتها طائرة مسيرة، لكن نقول الحمد لله".

ووجه الجريح محمد رسالته إلى الجهات المسؤولة قائلًا: "عليكم تأمين المعسكر، فحرام أن يذهب في كل مرة ضحايا مثل هذا الهجوم، ولا بد من وجود التأمين حفاظًا على سلامة الجنود، فنحن في ذمتهم، ولا يتخلوا عنا".
الجريح محمد صالح عمر
الجريح محمد صالح عمر

< الجريح عاصم علي أحمد محمد، 21 عامًا، تعد إصابته متوسطة قال لـ "الأيام": "في أثناء الهجوم، كانت مجموعة منا في داخل العنبر، وآخرون خارجه. أخبرناهم في نفس اليوم بخصوص تجمعنا لأنه يشكل خطرًا علينا، لكنهم ظلوا يجمعوننا، وأوصلنا بلاغنا بمطالبتنا بأن نتفرق، لكنهم رفضوا، ولم يعيروا أي اهتمام بالخطر الذي سيقع علينا، وبسببه دخلنا في خلاف، حتى قائد سريتنا اختلف معهم على ألا يجمعونا، وكان لديهم بلاغ أن الطيران سيضرب، وكانوا عارفين، وكل واحد من القيادة يعرف ذلك، لكنهم لم يهتموا، ونحن لا نحمل الإثم أحدًا، على الرغم من كل ذلك كنا نرفض التجمعات لكنهم يجبروننا بالقوة، ولا معولين بحياة البشر".

أضاف: "ومن خلال "الأيام" أوجه رسالتي للقيادة وأقول لهم إن التجمعات لا داعي لها، وما حدث يكفي فهو ليس الأول، وسبقه مرات من نفس هذا المكان، وأنتم عارفون بذلك، والحمد الله على كل حال".
< ويتحدث الجندي فكري غالب يبلغ من العمر واحد وعشرون عامًا، أحد ضحايا حادث انفجار العند، متزوج وأب لبنتين. يعاني فكري من إصابة بالظهر، الجانب الأيمن، مع القدم واليدين، ويتحدث بصعوبة.
الجريح عاصم علي أحمد محمد
الجريح عاصم علي أحمد محمد

يروي الجندي فكري لـ"الأيام" اللحظات الأولى لوقوع الانفجار الذي استهدف قاعدة العند الشهيرة، حيث كان أحد عشرات الجنود من منتسبي اللواء الثالث عمالقة في ساحة التدريب، فقال: "فطرنا أنا والزملاء وخرجنا لكي نعبئ ماء، وانتهينا من تعبئة المياه، وجلسنا أنا والزملاء على جنب نتحدث في انتظار الراتب، ولا أدري بنفسي إلاّ وأنا مرمي على بعد مسافة، وفوق قدمي بردين "بلوك"، والنار حولي من كل جانب، حاولت بكل جهدي لكي أخرج، ولم استطيع، فقدمي لم تستطع حملي، حاولت الزحف، والنار كانت تأكل ملابسي، ولكن وجدت بأن قدمي ثقيلة، وبعد جهد رفعت رأسي فرأيت فوق قدمي الكثير من البردين(البلوك)، ربما سقط الجدار، وتناثر طوبه، ووقع بعضه فوق قدمي".

يتابع متذكرًا المشهد المروع الذي أحاط به فترة، قائلًا: "حاولت إبعاد البردين من على قدمي، وكان أحد الزملاء ينظر إلي محاولًا إنقاذي، ولكن لم يستطع الدخول والوصول لخطورة المنطقة التي كنت فيها، بذلت جهدًا، وكانت النار قد وصلت إلى جسدي، وأنا أحاول أزحزح البردين من على قدمي، فقد أعاق حركتي".

استرسل فكري حديثه وفي عينيه الموقف والمشهد الذي عاناه في لحظة بعدما لفظ شهادته لله يقول: "ولكن ربي كريم مكني من إزاحة كمية البردين التي كانت على جسدي، وزحفت بصعوبة على ظهري بين النيران، لم أبالِ بالحروق، ولا بالنار التي كانت تأكل جسدي، كان كل همي أن أخرج حيًا من وَسَط النيران، كانت الجثث المحروقة مرمية بجانبي، وأنا أحاول الخروج من هذا المكان، والحمد لله استطعت الزحف حتى وصلت إلى مكان آخر، وتم إنقاذي بحمد لله".

فكري في ختام حديثه مع "الأيام" قال حاليًا أنا هنا في المستشفى، مربطًا بالشاش، ولا ندري ماذا جنينا حتى يصبنا ما أصابنا، ولا أعلم عن زملائي الذين فطرنا أنا وهم، هل نجوا أو لقوا حتفهم حرقًا، كان الوضع مؤلمًا أن تموت حرقًا أو تشعر أنك تموت حرقًا".

طارق غالب شقيق الجريح فكري يقول: "لا نعلم ماذا حصل لهم، لكن بُلغنا بأن في العند حصل حادث، وراح ضحيته الشباب، تم إسعافهم أمس إلى المنصورة، محروقين ومشوهين، والكثير منهم متوفون، نرجو من الله الشفاء للجرحى، والرحمة لمن استشهد، كانوا موعودين باستلام رواتبهم، فحصدوا الموت حرقًا".