> «الأيام» أخبار اليوم:
- عبد الناصر زار صنعاء وتعز عام 64 وطالب الاحتلال البريطاني بالرحيل
- أخبار اليوم مدرسة الصحافة العربية ومنبر الأحداث الوطنية
- غزة سجلت أروع البطولات الفدائية في تاريخ الحروب والشعوب
> بدأ الرئيس اليمنى السابق على ناصر محمد، شبابه بالكفاح المسلح والثورة ضد الاحتلال البريطاني، حتى تحرير جنوب اليمن عام 1967 بعد 129 عاماً من الاحتلال الإنجليزي.
وانتقل بعدها إلى السلطة في الدولة المتحررة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، محافظاً للجزر ثم وزيراً للدفاع، ثم رئيساً لمجلس الوزراء، ثم نائباً لرئيس الدولة ثم رئيساً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لفترتين رئاسيتين والأمين العام للحزب الاشتراكي، حيث عمل كرئيس مجلس الرئاسة من 26 يونيو، 1978 حتى 27 ديسمبر، 1978م، وكرئيس للجمهورية في أبريل 1980م حتى عام 1986.
وفي عام 2015 أسس الرئيس ناصر، لجنة السلام اليمنية في محاولة لوقف الحرب اليمنية والنزاعات المسلحة في دولة اليمن شمالاً وجنوباً.
وفي عام 2022 تحولت الفكرة إلى مجموعة السلام العربي والتي عقدت اجتماعها التأسيسي بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وتحت رعاية أحمد أبو الغيط الأمين العام، للمساهمة بحل الصراعات العربية وإرساء السلام والاستقرار بالمنطقة العربية ونشر ثقافة السلام.
نص الحوار
في البداية كيف تصف لنا علاقتك بالصحافة المصرية وتأثير أخبار اليوم في نقل الأخبار اليمنية وأحداثها التاريخية؟
نحن نرتبط بأخبار اليوم بعلاقات تاريخية، فأخبار اليوم مدرسة للصحافة العربية ومنبراً للثوار والثورات الوطنية التحررية ضد الاحتلالات الاستعمارية البريطانية والفرنسية والايطالية.
وكذلك الصحافة المصرية صاحبة الجلالة، هي من دعمتنا وأرسلت المراسلين الحربيين لجبهات القتال لنقل أخبار الثورة والكفاح المسلح ضد المحتل الأجنبي بالرغم من المخاطر، لها منا كل تقدير لما قدمته لنا من دعم وتنوير، وأخص بالذكر نقيب الصحفيين الراحل مكرم محمد أحمد ، كونه أول صحفي أقابله في اليمن عندما كان مراسلاً للأهرام في اليمن لتغطية أخبار الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً فكان مراسلا حربيا في جبهات القتال.
* نود تقديم نبذة عن ثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني ومساندة مصر لها؟
بدأت الثورة في 14 أكتوبر 1963 بقيادة الجبهة القومية من جبال ردفان الشماء لمقاومة الاستعمار البريطاني الذى احتل فى22 يناير 1839، وقتها لم يكن العالم يعرف شيئا عن الثورة، إلى أن جاء الرئيس جمال عبد الناصر إلى اليمن في أبريل 1964 وزار صنعاء وتعز بالقرب من حدود الجنوب.
وطالب الزعيم عبد الناصر من تعز الاستعمار البريطاني بخطاب مشهور "أن على الاستعمار البريطاني أن يأخذ عصاه ويرحل من عدن"، واتخذ عبد الناصر قراراً حينها بدعم الثورة وتكليف مجموعة من الضباط المخلصين لتأسيس جهاز باسم عملية صلاح الدين، هذا الجهاز هو الذى أشرف على تدريب الفدائيين والذى كنت منهم، وأشرف على توزيع السلاح ونقله إلى جبهات القتال وأيضاً نشر الأخبار الحربية إلى الإعلام المصري في صوت العرب وإذاعة القاهرة والإذاعات اليمنية، فكان لمصر دور كبير في دعم الثورة حتى تحررت من الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر 1967م.
*هل استمرت مصر في دعم الدولة في الجنوب بعد التحرير؟
بالفعل بعد قيام الدولة في الجنوب، كانت مصر أول من اعترفت بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وأول من ساندت الدولة الوليدة التي قامت في الجنوب التي تتمتع بأهم موقع استراتيجي في عدن وباب المندب ولأهمية عدن فقد احتلها البريطانيون لمدة 129 عاماً، ولذلك نحن ندفع ثمن هذا الموقع وأحياناً أخرى ندفع ثمن الموقف، كتبعيات الطوبغرافيا السياسية.
* كيف تصف أهمية الموقع الاستراتيجي لليمن؟
لقد تحدثت مع اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات الراحل، وقال لي، "أنتم العمق الاستراتيجي لمصر"، وقد كان قرار عبد الناصر بدعم الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً قراراً استراتيجياً لأهمية الموقع الذي تتمع به اليمن في باب المندب والبحر الأحمر والمحيط الهندي وجزيرة العرب والقرن الأفريقي إضافة لما يمتلكه من ثروات هائلة لم تكتشف بعد فهناك 132 حقل نفط بكر لم يستثمروا بعد، فالصراع في اليمن على الموقع والثروة.
* وما أهمية الجزر اليمنية بالبحر الأحمر والمحيط الهندي؟
بعد قيام الدولة في الجنوب أصدر الرئيس قحطان الشعبي قراراً جمهورياً بتعييني محافظاً للجزر في البحر الأحمر والمحيط الهندي لإثبات حق اليمن بسيادة هذه الجزر، بعدما اختلف الوفد البريطاني في مفاوضات جنيف في نوفمبر 67، فحاول البريطانيين تدويل جزيرة بريم في باب المندب وجعلها تحت الوصاية الدولية، وكانوا يريدون جزيرة سقطرى أيضاً.
وطالبوا بالإبقاء على قاعدة عسكرية لهم في عدن ورفض رئيس الوفد المفاوض قحطان الشعبي هذه المطالب.
وأسلفت سابقاً عينت حينها محافظاً للجزر في المحيط الهندي والبحر الأحمر وذلك عام 68، وزرت الجزر وكتبت عن الجزر في مذكراتي بعنوان "الطريق إلى باب المندب".
* ماذا فعل الاحتلال البريطاني في التعليم في محاولة لتجهيل الشعب اليمنى؟
الاحتلال البريطاني طوال 129 سنة لم يؤسس جامعة واحدة في عدن والمحميات، وفي 10 سبتمبر 1975 أسسنا أول جامعة في عدن واعتبرنا ذلك اليوم عيداً للعلم يجري فيه تكريم أوائل الطلبة وعملنا على تغيير المناهج من رياض الأطفال حتى المرحلة الجامعية كما أطلقنا عام 84 برنامج محو الأمية وتعليم الكبار وتعليم البدو الرحل ونظمنا حملة شاملة بإشراف اليونسكو حتى أصبحت نسبة الأمية 2.5 % طبقاً لإحصائية اليونسكو وهو إنجاز لم يكن موجود في أي دولة حينها، وقد اهتمينا بالتعليم كونه أساس للتقدم والنهضة والنماء.
تلك الجهود التي قامت بها حكومة الثورة بعد التحرير جاءت رداً على سياسية التجهيل التي مارسها الاحتلال البريطاني في عدن والجنوب وكل المستعمرات البريطانية في العالم.
وقامت الكويت ببناء العديد من المدارس والمستشفيات والمنشآت الصحية ورعت الجانب التعليمي ولا ننسى دور الأخوة في سوريا والسودان والعراق في إيفاد المدرسين والقضاة.
* ماذا يحدث في اليمن الآن ولماذا وإلى أين يتجه اليمن؟
اليمن يدفع ثمن الموقع والموقف "الجيوسياسية" والثروات الهائلة البكر في الأرض والبحر، نفط، غاز، معادن، سياحة، أسماك، أن اليمن تعداده حوالي 40 مليون نسمة ويبلغ مساحته 550 ألف كيلو متر مربع، ولم تستثمر هذه الثروات بسبب الحروب والصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية.
ونحن نؤكد أن استقرار اليمن هو استقرار للمنطقة كلها، وقلت لإخواننا في الخليج عندما كنت رئيساً أن استقرار اليمن هو لمصلحتكم واستقراركم ، والصراعات والحروب لا تخدم دول المنطقة ولا تحقق الاستقرار والتنمية فيها.
عندما اندلعت الحرب في اليمن في مارس 2015 ، توقع البعض الدخول إلى صنعاء خلال 30 إلى 45 يوماً، وقلت لهم في ذلك الوقت الدخول إلى صنعاء صعب، وقد يأخذ أكثر من ثلاث سنوات، وها نحن في السنة العاشرة للحرب.
واتفقوا على سحب القوات المصرية من اليمن ووقف الدعم السياسي والعسكري والمالي عن الملكيين من اليمن، فالتضحيات التي قدمتها مصر أدت إلى الحفاظ على الجمهورية والثورة.
ونحن بحاجة اليوم إلى وقف الحرب وإرساء السلام والاستقرار، وقدمنا أكثر من مبادرة، وطالبنا بالاحتكام إلى لغة الحوار بدلاً عن السلاح.
وقد أصبح في اليمن اليوم أكثر من رئيس وأكثر من حكومة وأكثر من برلمان ومجلس شورى وإضافة إلى تفرق الجيش اليمني إلى ميليشيات مسلحة في كل من عدن وصنعاء.
نحن نبارك جهود سلطنة عمان والسعودية وأنصار الله لوقف الحرب.
* هل سياسة المحاور الإقليمية المختلفة تعرقل هذا الحل؟
هناك ثلاثة أطراف لثلاث عواصم عربية وإسلامية يتحكمون في اليمن اليوم، وقلت للمبعوث الأممي لليمن أنصح بالحوار مع ايران والسعودية والأمارات للوصول إلى حل دائم وشامل للسلام والاستقرار في اليمن، ونحن حريصون أن يشارك اليمنيين في صنع القرار والسلام.
* لماذا لم تقم بتقديم مبادرة للأطراف الخارجية والداخلية للوصول إلى اتفاق سلام خاصة وأنك على علاقة ومسافة واحدة من جميع الأطياف السياسية؟
نعم أنا على اتصال مع كل الأطراف سواء أنصار الله أو الانتقالي أو الإصلاح أو المؤتمر الشعبي العام أو القبائل، وكذلك على اتصال بالمحاور الإقليمية الفاعلة في اليمن السعودية والإمارات وإيران وأيضاً الوسطاء عمان وقطر وأنا انحيازي لليمن فقط،، فأنا لا أريد السلطة ولكن أبحث عن حل لمشكلة الوطن، لذلك أناشد جميع الأطراف وقف الحرب وإرساء السلام والاستقرار، لأننا عانينا من الحروب على مدار مائة سنة، فحان الوقت لهذا الشعب أن يستقر ويستثمر خيراته، وهذا لن يتحقق إلا بوقف الحرب بشكل دائم.
* هل التقيت الرئيس عبد الناصر وماذا دار بينكما؟
نعم التقيت الرئيس والزعيم جمال عبد الناصر في يونيو 1970 وكان لقاء تاريخي وشكرته وأشدت بدور مصر في دعم الثورة اليمنية في الشمال والجنوب والثورات العربية والأفريقية التحررية وفى مقدمتهم الثورة الفلسطينية.
* كيف ترى الجهود المصرية في دعم القضية الفلسطينية خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟
مصر ضحت بالكثير من أجل القضية الفلسطينية بدءاً من حرب 48 و56 و67 و73 حتى الآن، مصر الشقيقية الكبرى ليس للشعب الفلسطيني وحده وإنما تجاه الأمة العربية كلها، مصر تتحمل ثمن موقعها الاستراتيجي ومصر دعمت الشعب الفلسطيني سياسياً ودبلوماسياً وتفاوضياً بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم ومازالت تقوم بدورها القومي لحقن دماء الشعب الفلسطيني ودورها يشهد به العالم أجمع.
* ماذا عن العدوان الإسرائيلي على غزة؟
نحن مع غزة و صمود المقاومة الفلسطينية ، فقد سجلت غزة أروع البطولات الفدائية في تاريخ الحروب والشعوب ، 360 كيلو متر تصمد سبعة أشهر في أطول حرب في الصراع العربي الإسرائيلي، مع الأسف أن الدول الغربية منحازة لإسرائيل في حرب الإبادة ضد غزة وفي كل الحروب.
فيما مصر تحاول بذل الجهود المضنية من خلال المفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين ولازالت الجهود مستمرة.
* ما التحديات التي تواجه العالم العربي؟
الأمة العربية بحاجة إلى مشروع عربي قومي، لأن حالة التشرذم والانقسامات والحروب دمرت عدد من البلاد العربية.
نحمى الوطن بالشعب والدستور ونحميه بالعدل ، يروى أن الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز، جائه رسالة من أحد الحكام بأن هناك تمرد ويريد الإذن منه لبناء سور لتحصين المدينة من المتمردين ، فقال له عمرو بن عبد العزيز، سوروها بالعدل، فحيث ما وجد العدل وجد الاستقرار، واليمن جدير بالاستقرار حتى يعود اليمن السعيد كما كان يسمى.
ما أهداف مجموعة السلام العربي التي ترأسها؟
فكرة المجموعة بدأت بلجنة السلام اليمنية وكنا مجموعة تدعو إلى السلام باليمن، وتواصلنا في 2015 مع جميع الأطراف في محاولة لوقف الحرب وإرساء السلام، ثم طورنا الفكرة عندما اشتعلت الحروب في المنطقة كلها، إلى مجموعة السلام العربي وعقدنا أول اجتماع في أكتوبر 2022 برعاية أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وأكدنا في اجتماعنا الأخير في أول مايو الجاري على وقف الحرب في غزة وفى جميع البلاد العربية وإنهاء المشكلات المندلعة في ليبيا وسوريا واليمن والسودان والصومال، والجميع يؤكد على الاحتكام للحوار من أجل السلام وإنهاء الحروب التي لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة العربية وفي المقدمة القضية الفلسطينية.