> عدن "الأيام" محمد رائد محمد:
- نطرق أبواب الوزارات يوميًا لنطالب بحقوقنا المسلوبة
- المتقاعدون: الحكومة تعلن صرف مستحقاتنا ولكن التنفيذ متوقف
- متقاعدو الداخلية: رواتبنا لا تكفي لشراء كيس أرز
- متقاعد من شبوة: خدمت الوطن في الجبال والآن أطالب بحقي أمام الوزارات
- عقيد متقاعد: كيف أقسم راتبي الزهيد على أسرتي الكبيرة ومطالب البقالة؟
وحضرت "الأيام" الوقفة الاحتجاجية والتي نظمتها لجنة متقاعدي الأمن السياسي والداخلية، حيث طالبوا الحكومة بتنفيذ قرارات رئيس الجمهورية المرقمة بـ (19) و (20) و (21) لعام 2014م، وكذا التنفيذ الفوري لحكم المحكمة البات بصرف وتسوية المرتبات الشهرية لعدد (533) ضابط أمن.

وقفة احتجاجية للمسرحين أمام وزارة المالية في العاصمة عدن
يقول لـ "الأيام" المحامي سعيد علي العيسائي، رئيس لجنة المتقاعدين لوزارة الداخلية والأمن السياسي: "أتينا إلى أمام وزارة المالية للمطالبة بتنفيذ قرارات رئيس الجمهورية والأحكام القضائية وقرارات مجلس الوزراء بشأن التعزيز المالي".
وأضاف: "وزارتا المالية والداخلية ما زالتا تماطلان إلى هذه اللحظة ولم يصرفوا أي تسويات أو تعويضات رغم التوجيهات والتعزيز المالي، إلا أنهم يبحثون عن مبررات واهية، فأحيانا يقولون: "إن الوزير غير موجود، وأحيانًا يحدوثننا عن تشكيل لجنة".

وأوضح العيسائي بأنه عندما يتم تشكيل لجنة فإن هذا معناه ضياع للحقوق، ومنذ العام 2014م وحتى هذه اللحظة وهم يعدوننا (كذبًا) فأصبحوا كذابين أمام كل المتقاعدين، مشيرًا إلى أنه المتقاعدين جاؤوا إلى أمام وزارة المالية لانتزاع الحقوق بقوة القانون وبطرق سلمية وقانونية ولكن للأسف الشديد فإن الجهات المختصة لم يحترموا القرارات ولا التوجيهات ولم يقدروا نضال هؤلاء المتقاعدين القدامى الذين باتوا يترددون على أبواب الوزارات ولم يحصلوا على حقوقهم في آخر أعمارهم.
وأكد رئيس لجنة متقاعدي وزارة الداخلية والأمن السياسي أن (100) ضابط وافاهم الأجل منذ عام 2014م ولم يجدوا مستحقاتهم المالية، بل لم تقم الجهات الحكومية المعنية بنعيهم أو تعزية ذويهم أو تلمس حال أبنائهم وعائلاتهم من بعد وفاتهم، متسائلًا لماذا باتت قلوب المسؤولين قاسية ولا تحمل في ثناياها رحمة ولا شفقة تجاه رعيتهم ومتقاعديهم؟
ويقول لـ "الأيام" اللواء ناصر سند السقاف وهو أحد المتقاعدين قسرًا وكان يقف محتجًا على عدم صرف الرواتب المتأخرة والتسويات القانونية "تم تسريحي من الجيش في عام 2001م برتبة عميد واستلم راتب وقدره ستة وثلاثين ألف ريال، (36000) ريال فقط، ثم رفعوا الراتب إلى سبعين ألف ريال (70000) ريال فقط، وبالرغم من أن رتبتي العسكرية لواء فإنني من المفترض أن استلم راتبا شهريا مقداره مئتي ألف ريال"، لافتًا إلى أنه وبقرار جمهوري من رئيس الجمهورية السابق عبدربه منصور هادي في عام 2013م تم ترفيع رتبته العسكرية إلى لواء، وأمر بدفع جميع الرواتب المستحقة له وللعديد من الضباط والذين يُقدر عددهم بنحو خمسة ألف".

المتقاعدون: وعود معالجة قضية المحالين للتقاعد قسرا تبخرت
وأضاف اللواء السقاف أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي أصدر قرار بمنح حقوق (52000) من الضباط وصف ضباط، وعدد من رؤساء مجلس الوزراء السابقين يتجاهلون القرارات الرئاسية.
وأوضح أن وزير الدفاع في الحكومة الحالية الفريق الركن محسن محمد الداعري قام برفع توضيحات إلى مجلس القيادة الرئاسي حول كل التظلمات التي حدثت على المتقاعدين قسرًا، ليوافق بعدها الرئيس العليمي على دفع الرواتب لعدد (60000) واعتماد التسويات بما فيها علاوة الرتبة، ولكن لم تقوم الحكومة بتنفيذ هذه التوجيهات بالرغم من أن جميع الوزراء وافقوا بالإجماع في اجتماع ضمهم جميعا على دفع الرواتب المستحقة للمتقاعدين قسرا، وحددت الحكومة يوم الثلاثاء الرابع عشر من شهر مايو الجاري موعدا لدفع كل المستحقات كون السيولة متوفرة، وعند مجيئنا لاستلامها لم يصرفوا شيئا فقمنا بالاحتجاج أمام وزارة المالية اليوم الأربعاء (أمس).

ومن محافظة شبوة تحدث المتقاعد قسرا مبارك حسن ناصر الفقير وهو من متقاعدي محافظة أبين عن تسريحه في العهد السابق لنظام علي عبدالله صالح قبل سن التقاعد، ويستلم في الوقت الحالي مبلغا شهريًا يقدر بثلاثين ألف ريال يمني، متسائلًا ماذا سيعمل له هذا الراتب في ظل الأوضاع المعيشية البائسة التي تمر بها البلاد؟ مضيفًا أنه منذ 19 عامًا بدون تسوية.
ووجَّـه الفقير رسالة إلى المسؤولين الذين لديهم الصلاحيات باعتماد التسويات الخاصة بمتقاعدي الداخلية والجيش قائلًا لهم "أطلقوا تسوياتنا المعتمدة لنا بقرارات رئاسية وبأحكام قضائية، وللعلم أنا من العساكر الذين صعدوا إلى أعالي الجبال لحماية البلاد والذود عن عزته وكرامته وأفنيت عمري في خدمة الوطن، ولا أمتلك أي صرفيات شهرية ولا يومية بل حتى لا أجد بعض الدجاج لكي أتناوله مع قليل من الأرز، واليوم ستموت أسرنا من الجوع بينما المسؤولين يأكلون حقوقنا، حتى الأراضي التي صُـرِفت للمتقاعدين قاموا ببيعها لمصالحهم الشخصية".

من جهته بيَّـن العقيد هادي ناصر أحمد، أن جميع المتقاعدين قسرًا والمبعدين عن وظائفهم في الأمن السياسي ووزارة الداخلية جاؤوا للمطالبة بصرف التسويات وتنفيذ القرارات الرئاسية، فالرواتب التي يتقاضونها حاليا لا تغطي سعر كيس من الأرز، فالذي لديه أسرة مكونة من 12 فرد ماذا سيشتري لهم من راتب مقداره (27000) ريال يمني فقط؟ وماذا سيدفع لمالك البقالة الذي لديه كشف حساب بالمواد الغذائية التي استلفها المتقاعد طيلة الشهر؟
وطالب العقيد هادي ناصر كل من لديه ضمير حي من المسؤولين بمنح الحقوق للمتقاعدين المظلومين وسرعة صرف رواتبهم الشهرية وتسوياتهم بأثر رجعي.
وقال العميد صالح داؤود علي بـ "أنه جاء للمطالبة بحقوقه وحقوق زملائه المهدورة عنوة وبإصرار من الحكومة (المتمردة على حقوق الناس)، وتوجد لدينا أحكام قضائية وقرار رئاسي بصرف حقوقنا الشرعية المكتسبة، ولكن مع الأسف فإن كل تلك القرارات وضعت في سلة المهملات ولم يتم البت بشأنها، وصدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء باعتماد التسويات وتوفير المبالغ النقدية لها، وإلى الآن مرت نحو ثلاثة أشهر ولم يتم تنفيذ التوجيهات، كما أنه بأيدينا قرار صادر عن مجلس الوزراء ينص على أن تصرف التسوية من تاريخ 26 ديسمبر 2023م وإلى اليوم ونحن في شهر مايو 2024م لم تمنح لنا هذه التسوية ولم ينفذها وزير المالية، ونواجه عراقيل في سبيل تدمير نفسية هؤلاء الناس الذين قدموا أرواحهم وبذلوا جهودهم في خدمة الوطن، ويتفاجؤوا بأن الوطن أصبح متنكرًا لهم ممن يقودون البلاد الآن، فباتوا لا يمتلكون ضميرًا ولا إنسانية ولا رحمة، فحتى حقوق الناس لم يسلمونها لهم.

وقبل أيام كان قد أقرّ محضر رسمي أصدره اجتماع عقد برئاسة رئيس مجلس إدارة صندوق التقاعد بوزارة الداخلية العميد نايف الحميدي، إلى التلويح بالاحتجاجات والوقفات بدءًا من منتصف شهر مايو 2024م في جميع المحافظات المحررة.
وقال المحضر، الذي خاطب وزير الداخلية اللواء الركن إبراهيم حيدان، إن وزارة المالية رفضت صرف تسويات مرتبات متقاعدي الداخلية والأمن السياسي، من يناير 2024م، والإسراع في صرف مرتب شهر أبريل.
وطالب المحضر من وزير الداخلية مخاطبة وزارة المالية بتنفيذ قرارات التسوية التي تم تعزيزها خلال فترة 2017م - 2018م مع تنفيذ أحكام القضاء النافذة، وتنفيذ قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي بصرفها في أبريل 2024م واعتمادها من شهر يناير 2024م.
وأكد متقاعدو الداخلية والأمن السياسي في رسالة وجهوها إلى وزارة المالية بأنهم سيتخذون كل الإجراءات التصعيدية المشروعة من الاحتجاجات والوقفات لجميع المتقاعدين في المحافظات وأمام مكاتب محافظي المحافظات وبعدن أمام بوابة وزارة المالية التي أقرت لجنة المتقاعدين في رسالتها المرفوعة لوزارة المالية في حال عدم تلبية مطالبهم في صرف التسويات من يناير حتى أبريل على معاشات شهر أبريل في فترة أقصاها يوم الأربعاء القادم، لافتين إلى أنهم سيبدؤون برنامجهم التصعيدي اعتبارًا من يوم أمس، محملة الجهات المعنية والمعرقلة المسؤولية الكاملة إزاء ذلك.
وأكد المتقاعدون على ضرورة احترام التضحيات الجسام التي قدمها متقاعدو الداخلية والأمن السياسي باعتبارهم شريحة أفنت حياتها وأرواحها في سبيل وطنها وشعبها، داعية الحكومة إلى الوفاء بالتزاماتها ومنحهم حقوقهم المكتسبة والمستقطعة إبان خدمتهم في مشوار حياتهم، مشيرين إلى أن أسر متقاعدين الداخلية والأمن السياسي وفي مقدمتها أسر الشهداء يعانون من عدم حصولهم على أبسط مقومات الحياة، مشددين على ضرورة صرف المعاشات في وقتها دون أي تأخير أو مماطلة من قبل أي جهة كانت، مطالبين كل الحقوقيين والإعلاميين والمنظمات الإنسانية التدخل لمؤازرة المتقاعدين حتى حصولهم على حقوقهم المشروعية وتحسين ظروفهم المعيشية.
وفي تصريحات سابقة نقلتها "الأيام" أكد عبدالجبار سلام سعيد، رئيس نقابة المتقاعدين المدنيين في العاصمة عدن، إن الوضع الراهن "لم يعد يُحتمل سواءً في الجانب المعيشي أو الأمني أو الاجتماعي".
وأضاف عبدالجبار سلام في تصريح لـ "الأيام": أن "الشعب يعيش في ظروف صعبة جدًا، وتحت خط الفقر، ولكن نحن كنقابات يفترض أن يكون لها دور كبير، والنزول إلى الشارع من خلال جميع مرافق العمل والإنتاج، حتى تشعر الحكومة أن هناك صدى، وهناك من يتابع قضايا العمال".
وأوضح أن: "المتقاعدين المدنيين هم الشريحة (المهضومة) والتي تتعامل معها الحكومة بعكس الموظف، ونلاحظ أنه حتى العلاوات أو أي زيادة في الراتب يمنحون للمتقاعدين المدنيين 50 %، بالرغم من أن هذه الشريحة التي عملت على بناء الوطن، وأوصلت هؤلاء المسؤولين إلى وزراء ومديري عموم، هم المتقاعدون المدنيون".
وشدد رئيس نقابة المتقاعدين الجنوبيين في العاصمة عدن على أنه: "إن لم تعطَ هذه الفئة المهمة من المجتمع حقها، فنحن سيكون لدينا تصعيد بشكل غير عادي، مستطردًا أنه كل ما أتينا واجتمعنا مع رئيس مجلس الوزراء، أكان السابق أو الأسبق يكون ردهم لنا بأن الظروف المالية صعبة".
وقال محذرًا: "من أن المتقاعدين الجنوبيين لن يصمتوا، ولن نغفل نحن كنقابة عن المطالبة بحقوقهم، وبإمكاننا تجميعهم أمام بوابة المعاشيق (القصر الرئاسي ورئاسة مجلس الوزراء) في مديرية صيرة، وسنقعدهم على الأرض كما عمل (المهاتما غاندي) في دولة الهند، وسنرى هل ستسير جنازير الدبابات أمامهم؟"، مردفًا بقوله: "من الأفضل لنا الموت خير من أن نعيش بهذا الشكل المهين، الذي جعل من المتقاعد الباني لدولته ووطنه لا يجد حقه المكتسب".
واختتم سلام تصريحه قائلًا: "أنا أرى أن جميع منتسبي المرافق والإنتاج لا يجدون حقوقهم، ولكن المتقاعدين المدنيين هم الأكثر فقرًا".