> أحمد يسلم:
كان الكولونيل البريطاني M.S ليك أول أوربي كما قيل: يزور يافع الحيد والقارة على وجه الخصوص العاصمة الثانية لسلطنة العفيفي عام 1925م حين وصفها بسبب عظمتها كما قال: بكونها الأروع في كل البلاد العربية خصوصا في الصباح الباكر مع الانعكاسات الرائعة بين الضوء والظل. لن أخوض طويلا فيما قاله حضرة الكولونيل ليك عن زيارته لها مصطحبا معه هدية ثمينة آنذاك للسلطان عيدروس كانت عبارة عن مدفع Ten Pound محمولا على ظهور الجمال عبر وادي حطاط مثّل معلمًا من معالم القارة، لكنه ما لبث أن اختفى وبيع خردة كما يقال بفعل فاعل بعد 1994م!

وكان ليك فاتحة لزيارات عدة لضباط سياسيين إنجليز اقتفوا إثر "ليك" ومنهم المستر "تيرفي " والسير بوتمان هيكين عام 1951 الذي قال في مذكراته: (إن القارة هي المكان الأكثر استثنائية في أي مكان رأيته في العالم... إلخ) وآخرهم ميلين 1960م.
وتمتاز القارة بموقع فريد ومتميز من على حافتها يمكن لك أن تمتع النظر باتجاهات مختلفة جنوبا ما بين عدن وشقرة وشمالا إلى الظاهر والعر وشرقا إلى مكيراس والسيلة البيضاء وسلب وغربا إلى الضالع والشعيب خاصة في أجواء الصيف الممطرة والزراعية طبعا.

منظر عام للموقع الفريد للقارة
نأتي على المسمى والمهرجان التراثي الذي أسس له منذ سنتين خلت لا أكثر على طريقة الفزعة والحمية وربما الغيرة وهذا شي جيد، لكن الأجود من كل هذا أن تكون المهرجانات التراثية والثقافية تدار من قبل جهات رسمية متخصصة. وطبعا قد يلومني البعض على هذا خصوصا في ظروفنا الحالية التي نعيشها ولهم الحق في ذلك.
هناك من يعتقد في ذلك المهرجان الثقافي كما هو أسمه تخليدا للسلطنة العفيفية التي مثلت القارة مقرًا ثانيًا لسلطانها أو سلاطينها مع أن إنجازات السلطنة وما تبعها من الحكومات المتعاقبة -حتى اليوم - لم تفعل شيئا يذكر للموروث الثقافي ليافع على تنوعه وأهميته وتاريخه العريق وبالذات فن العمارة اليافعية وتشكيلاتها الإبداعية والهندسية فائقة الروعة والجمال ومعها اللونين الغنائيين اليافعي واللحجي وكذلك الإيقاع اليافعي الذي يعد الرابع عالميًا بحسب تصنيفات "دارا الأوبرا" القاهرية وهناك أيضا النقوش والمسميات والطرق التاريخية التجارية الهامة ومنها طريق بيحان - يافع- عدن و(درب أسعد الكامل) إلخ وكل هذه المعالم الثقافية والتراثية ما تزال غائبة عن الدراسات والأبحاث العلمية والانثربيولجية عدى ما أورده الأمير القمندان في كتابه "هدية الزمن" والدكتور محمود السالمي كأكاديمي تاريخي متخصص في سلسلة من كتبه وأبحاثه الهامة ونتف بسيطة متنعثرة في كتب ومخطوطات هنا وهناك.

جانب من المهرجان التراثي
عمومًا أتمنى أن يترجم هذا الحماس وتلك الرغبة الجامحة إلى منجزات وأبحاث يقوم بها متخصصون أو يتجه إليها دارسون بالذات وبالدرجة الأولى من أبناء المنطقة.
مع تأسيس مكتبة ثقافية علمية تاريخية كنت قد اقترحتها على السلطان فضل محمد عيدروس رحمه الله في لقاء في عدن ومعي صورة لنقش فريد نقش (أسعد الكامل) تعني بتوثيق وحفظ كل ماله علاقة بالموروث التراثي والثقافي والاجتماعي. ليس على نطاق يافع بل وإلى نطاقات أبعد عربية ودولية لتغدوا مرجعا لكل باحث ومهتم. وهذا ما تفعله العائلات والأسر العريقة في بلاد شتى.

النقش على الحجر
أعود مرة أخرى إلى موضوع العمارة اليافعية باعتبارها مفخرة عربية وعالمية ظلمت كثيرا ولم تنل حقها من الاهتمام والإشهار والتناول الإعلامي والرسمي. وفي العمارة اليافعية سر يافع وتاريخها وحضورها وشهرتها ومكانتها باعتبارها أي العمارة لأي أمة من الأمم رسالة يافع إلى العالم كما هي أهرامات مصر وسور الصين العظيم وحضارات الانكاوالمايا.. إلخ بل أن العمارة كما يصفها فقهاء الثقافات الإنسانية تجسيدا لكل الفنون وتتويجا لها من رقص وشعر ونحت ورسم وجماليات وفلسفات وأديان.

العمارة اليافعية
لهذا لا بد أن ينصب الاتجاه في تجسيد وإحياء الموروث الثقافي ليافع من بوابة العمارة اليافعية أولا وإشباعها بالدراسات والأبحاث والندوات والمعارض.