> «الأيام» إندبندنت عربية:
منذ بداية سبعينيات القرن الماضي ظهر تيار من الأدباء العبريين ذوي الأصول العربية تميزوا بانتقادهم للصهيونية وكشفهم حقيقة تفكك المجتمع القائم على التمييز العنصري ضد اليهود الشرقيين، وهذا ما تؤكده دراسة لأستاذ اللغة العبرية في جامعة حلوان المصرية أحمد كامل راوي، صدرت في كتاب عنوانه "العرب في الرواية العبرية: الأدباء ذوو الأصل العربي أنموذجاً" عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب".
كان من بين أهم ما ميز الروايات التي كتبها أدباء إسرائيليون من أصل عربي الشك في القوى الأسطورية للصهيونية، ومن أمثلة ذلك رواية "العاشق" 1977 للكاتب يهوشواع ورواية "ذكرى الأشياء" ليعقوب شيتاي وروايتا منير شاليف "رواية روسية 1988 و"عيسو" 1991م، وفي النصف الثاني من السبعينيات ظهرت جماعة "السلام الآن"، ومن رموزها عاموس عوز ودافيد غروسمان، إلا أن الساحة الأدبية العبرية في تلك الفترة شهدت بروزاً ملحوظاً لأدباء جماعة "الصحوة" التي ركزت على سلبيات المجتمع الإسرائيلي وعوامل ترديه، ومنهم يهوشواع وبنحاس ساديه وأهارون ميجد، قبل أن ينضم إليهم آخرون شكلوا ما سماها الناقد يوسف أورن "موجة الوعي"، وأهمهم يعقوب شبتاي وإسحاق بن نير وحاييم بينر ودافيد شايس ويسرائيل همنيري ومنير شاليف وايتمار ليفي.
وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ظهر جيل لاحق اتسمت رواياتهم بالاهتمام بالإنسان عموماً والتعامل بتحفظ مع الأهداف الصهيونية القائمة على التمييز العنصري ضد العرب والشرقيين عموماً.
وعكس الأدب الذي قدمه أدباء التيار الشرقي العربي أهدافاً عدة ومنها إبراز الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بينهم وبين الـ "أشكناز"، وإثبات وجودهم على الساحة الأدبية العبرية.
ويمكن القول إن أدبهم جزء لا يتجزأ من واقع حياة كل منهم الشخصية التي عاشها قبل الهجرة وبعدها، وهم اهتموا بتناول العلاقات العربية - اليهودية في إسرائيل، وكذلك العلاقات بين الأقلية العربية المضطهدة وبين اليهود، وبدلاً من تقييم النقد لهذا التيار تم تجاهله لينصب الاهتمام على أدباء يهود الغرب، ويقول راوي "لم يكن تجاهل هؤلاء الأدباء من ذوي الجذور العربية عفوياً، فقد كان عقاباً لهم على عدم ولائهم للصهيونية ومحاولتهم إحداث توازن بين الثقافة العربية التي نشأوا عليها وبين الثقافة الغربية التي تبناها الـ (أشكناز)".
ينقل المؤلف عن سامي ميخائيل قوله في هذا الصدد "كانت إسرائيل وقت الهجرة تطالبني بالانصهار التام، وهذا يعني التخلي عن موروثاتي الثقافية، وعندما جئت إلى إسرائيل وجدت نفسي أعيش في قلعة تعد نفسها كياناً أوروبياً يحمل بشائر التنوير إلى عالم متخلف وشعرت أنني كمثقف أذبل" (ص:57).
وبينما أخذت المراكز الأدبية العبرية في أوروبا في الانهيار توالى صدور الصحف العبرية في فلسطين، أما الموجة الثالثة من الهجرات فامتدت من 1919 إلى 1923، وضمت عدداً من الأدباء الذين رفعوا أيضاً راية تجنيد الأدب في خدمة أهداف الحركة الصهيونية وبينهم يعقوب فيخمان وأفراهام شلونسكي ويهودا يعري، وظهر بينهم أديب من أصل عربي هو يهودا بورلا (1886 - 1969) وهو من مواليد القدس، وقد كتب روايته الأولى "لونا" عام 1913 وتناول فيها حياة اليهود في البلاد العربية، وبذلك كان أول أديب يكتب عن حياة الـ "سفارديم" في الشرق الأوسط، وفي رواياته عموماً اتخذ بورلا عند وصفه للعرب في فلسطين شكلاً مغرقاً في السلبية، فالأنماط التي اختارها لقصصه تتسم بالفقر والتخلف وغياب التطلعات.
يتألف الكتاب من ثلاثة أبواب، تناول الباب الأول الإنتاج الأدبي لهؤلاء الأدباء في ثلاثة فصول، تعرض أولها لمكانتهم على خريطة الأدب العبري قبل السبعينيات، أما الفصل الثاني فقد عرض فيه المؤلف لهذه المكانة من بداية السبعينيات إلى 1995. استعرض في الفصل الثالث النتاج الروائي الذي يتناول الشخصية العربية، وأفرد الباب الثاني لدرس صورة العرب والمجتمع العربي عند الروائيين ذوي النشأة العربية، وقسمه إلى فصلين، الأول صورة الشخصية العربية بسلبياتها وإيجابياتها كما ظهرت في تلك الروايات. وخصص الفصل الثاني لصورة المجتمع العربي كما وردت في هذه الروايات، فعرض للجانب الاجتماعي الذي تمثل في عادات المجتمع العربي وتقاليده وموقف الأدباء منها ثم الوضع الاقتصادي، فالوضع الثقافي والتعليمي، ثم الوضع الديني.
أما الباب الثالث فتناول وضع الشخصية اليهودية في المجتمع العربي كما أظهرته تلك الروايات، وجاء في ثلاثة الفصول. وعرض الفصل الأول لأوضاع اليهود في البلدان العربية كما ظهرت في هذه الروايات، وكذلك علاقات اليهود بالعرب وتراوحها بين الإيجابية والسلبية داخل المجتمع العربي، وتناول الفصل الثاني نشاط الصهيونية بين يهود البلدان العربية، وأثر الفكر الصهيوني السلبي على علاقات اليهود بالعرب وكذلك علاقة اليهود بأوطانهم العربية القديمة، وأثر الصراع العربي الصهيوني على أرض فلسطين في هذه العلاقة.
أما الفصل الثالث فقد تضمن دراسة لموقف الأدباء ذوي الأصول العربية من الصراع العربي - الإسرائيلي في حروب ما بعد قيام الدولة، وكذلك الموقف من السلام، والموقف من حرب لبنان.
تنبغي الإشارة إلى أن عدداً من الباحثين العرب قد تصدوا لإظهار صورة الشخصية العربية في الأدب العبري الحديث عموماً، سواء عند الأدباء الغربيين أو الأدباء الشرقيين، إلا أن أحداً لم يول تلك الصورة عند الأدباء من أصل عربي اهتماماً خاصاً ومستقلاً، وهذه الدراسة، كما يؤكد المؤلف، تختلف عما سبقها في هذا المجال والذي انصب معظمه على الشخصية الفلسطينية دون سواها، لجهة اهتمامها بالشخصية العربية عموماً بسلبياتها وإيجابياتها، والكشف عن صورة المجتمع العربي وأوضاعه المختلفة كما ظهرت في روايات أدباء العبرية من أصل عربي، وأوضاع اليهود في المجتمعات العربية والموقف من الصراع العربي - الإسرائيلي خلال مراحله المختلفة.
كان من بين أهم ما ميز الروايات التي كتبها أدباء إسرائيليون من أصل عربي الشك في القوى الأسطورية للصهيونية، ومن أمثلة ذلك رواية "العاشق" 1977 للكاتب يهوشواع ورواية "ذكرى الأشياء" ليعقوب شيتاي وروايتا منير شاليف "رواية روسية 1988 و"عيسو" 1991م، وفي النصف الثاني من السبعينيات ظهرت جماعة "السلام الآن"، ومن رموزها عاموس عوز ودافيد غروسمان، إلا أن الساحة الأدبية العبرية في تلك الفترة شهدت بروزاً ملحوظاً لأدباء جماعة "الصحوة" التي ركزت على سلبيات المجتمع الإسرائيلي وعوامل ترديه، ومنهم يهوشواع وبنحاس ساديه وأهارون ميجد، قبل أن ينضم إليهم آخرون شكلوا ما سماها الناقد يوسف أورن "موجة الوعي"، وأهمهم يعقوب شبتاي وإسحاق بن نير وحاييم بينر ودافيد شايس ويسرائيل همنيري ومنير شاليف وايتمار ليفي.
وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ظهر جيل لاحق اتسمت رواياتهم بالاهتمام بالإنسان عموماً والتعامل بتحفظ مع الأهداف الصهيونية القائمة على التمييز العنصري ضد العرب والشرقيين عموماً.
وعكس الأدب الذي قدمه أدباء التيار الشرقي العربي أهدافاً عدة ومنها إبراز الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بينهم وبين الـ "أشكناز"، وإثبات وجودهم على الساحة الأدبية العبرية.
- قبل الهجرة وبعدها
ويمكن القول إن أدبهم جزء لا يتجزأ من واقع حياة كل منهم الشخصية التي عاشها قبل الهجرة وبعدها، وهم اهتموا بتناول العلاقات العربية - اليهودية في إسرائيل، وكذلك العلاقات بين الأقلية العربية المضطهدة وبين اليهود، وبدلاً من تقييم النقد لهذا التيار تم تجاهله لينصب الاهتمام على أدباء يهود الغرب، ويقول راوي "لم يكن تجاهل هؤلاء الأدباء من ذوي الجذور العربية عفوياً، فقد كان عقاباً لهم على عدم ولائهم للصهيونية ومحاولتهم إحداث توازن بين الثقافة العربية التي نشأوا عليها وبين الثقافة الغربية التي تبناها الـ (أشكناز)".
ينقل المؤلف عن سامي ميخائيل قوله في هذا الصدد "كانت إسرائيل وقت الهجرة تطالبني بالانصهار التام، وهذا يعني التخلي عن موروثاتي الثقافية، وعندما جئت إلى إسرائيل وجدت نفسي أعيش في قلعة تعد نفسها كياناً أوروبياً يحمل بشائر التنوير إلى عالم متخلف وشعرت أنني كمثقف أذبل" (ص:57).
- أهداف الصهيونية
وبينما أخذت المراكز الأدبية العبرية في أوروبا في الانهيار توالى صدور الصحف العبرية في فلسطين، أما الموجة الثالثة من الهجرات فامتدت من 1919 إلى 1923، وضمت عدداً من الأدباء الذين رفعوا أيضاً راية تجنيد الأدب في خدمة أهداف الحركة الصهيونية وبينهم يعقوب فيخمان وأفراهام شلونسكي ويهودا يعري، وظهر بينهم أديب من أصل عربي هو يهودا بورلا (1886 - 1969) وهو من مواليد القدس، وقد كتب روايته الأولى "لونا" عام 1913 وتناول فيها حياة اليهود في البلاد العربية، وبذلك كان أول أديب يكتب عن حياة الـ "سفارديم" في الشرق الأوسط، وفي رواياته عموماً اتخذ بورلا عند وصفه للعرب في فلسطين شكلاً مغرقاً في السلبية، فالأنماط التي اختارها لقصصه تتسم بالفقر والتخلف وغياب التطلعات.
- جيل 1948
يتألف الكتاب من ثلاثة أبواب، تناول الباب الأول الإنتاج الأدبي لهؤلاء الأدباء في ثلاثة فصول، تعرض أولها لمكانتهم على خريطة الأدب العبري قبل السبعينيات، أما الفصل الثاني فقد عرض فيه المؤلف لهذه المكانة من بداية السبعينيات إلى 1995. استعرض في الفصل الثالث النتاج الروائي الذي يتناول الشخصية العربية، وأفرد الباب الثاني لدرس صورة العرب والمجتمع العربي عند الروائيين ذوي النشأة العربية، وقسمه إلى فصلين، الأول صورة الشخصية العربية بسلبياتها وإيجابياتها كما ظهرت في تلك الروايات. وخصص الفصل الثاني لصورة المجتمع العربي كما وردت في هذه الروايات، فعرض للجانب الاجتماعي الذي تمثل في عادات المجتمع العربي وتقاليده وموقف الأدباء منها ثم الوضع الاقتصادي، فالوضع الثقافي والتعليمي، ثم الوضع الديني.
أما الباب الثالث فتناول وضع الشخصية اليهودية في المجتمع العربي كما أظهرته تلك الروايات، وجاء في ثلاثة الفصول. وعرض الفصل الأول لأوضاع اليهود في البلدان العربية كما ظهرت في هذه الروايات، وكذلك علاقات اليهود بالعرب وتراوحها بين الإيجابية والسلبية داخل المجتمع العربي، وتناول الفصل الثاني نشاط الصهيونية بين يهود البلدان العربية، وأثر الفكر الصهيوني السلبي على علاقات اليهود بالعرب وكذلك علاقة اليهود بأوطانهم العربية القديمة، وأثر الصراع العربي الصهيوني على أرض فلسطين في هذه العلاقة.
أما الفصل الثالث فقد تضمن دراسة لموقف الأدباء ذوي الأصول العربية من الصراع العربي - الإسرائيلي في حروب ما بعد قيام الدولة، وكذلك الموقف من السلام، والموقف من حرب لبنان.
- الشخصية العربية
تنبغي الإشارة إلى أن عدداً من الباحثين العرب قد تصدوا لإظهار صورة الشخصية العربية في الأدب العبري الحديث عموماً، سواء عند الأدباء الغربيين أو الأدباء الشرقيين، إلا أن أحداً لم يول تلك الصورة عند الأدباء من أصل عربي اهتماماً خاصاً ومستقلاً، وهذه الدراسة، كما يؤكد المؤلف، تختلف عما سبقها في هذا المجال والذي انصب معظمه على الشخصية الفلسطينية دون سواها، لجهة اهتمامها بالشخصية العربية عموماً بسلبياتها وإيجابياتها، والكشف عن صورة المجتمع العربي وأوضاعه المختلفة كما ظهرت في روايات أدباء العبرية من أصل عربي، وأوضاع اليهود في المجتمعات العربية والموقف من الصراع العربي - الإسرائيلي خلال مراحله المختلفة.