> زنجبار «الأيام» سالم حيدرة صالح:

صالح أبو الشباب: الأوضاع المعيشية غير قابلة للتحمل بعد الآن
نساء زنجبار يتصدرن المسيرة.. صوتهن يندد بسياسات الإفقار المتعمدة
رئيس ملتقى زنجبار: استمرارية الفقر قد تؤدي إلى تصعيد الموقف في أبين

> تعيش البلاد أزمة اقتصادية ومالية ومعيشية خانقة، باتت تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وأساسيات معيشتهم، نتيجة التماطل السياسي المستمر والصراعات التي أرهقت المؤسسات وأعاقت أي جهود للإصلاح والتنمية. فمع ارتفاع تكاليف الحياة وتراجع القدرة الشرائية، يجد المواطن نفسه عاجزًا عن تلبية احتياجاته الأساسية وسط انهيار العملة وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. ويعاني الموظفون من تأخر صرف الرواتب، مما زاد من معاناتهم وضاعف من عبء الحياة اليومية، في حين تتراكم الأزمات الصحية والتعليمية والخدمية في ظل غياب رؤية سياسية موحدة قادرة على إخراج البلاد من هذا الوضع.

​احتجاجات حاشدة في زنجبار وغضب شعبي تجاه تدهور الاقتصاد
​احتجاجات حاشدة في زنجبار وغضب شعبي تجاه تدهور الاقتصاد

شهدت مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، أمس الاثنين، مسيرة جماهيرية حاشدة وعصيانًا مدنيًا شارك فيه المئات من المواطنين، احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها السكان.

وجاءت هذه التحركات تلبيةً لدعوة لجنة الاحتجاجات الشعبية في دلتا أبين، للتعبير عن الغضب الشعبي تجاه ما وصفته بسياسات "التجويع والإفقار" التي فاقمت الأوضاع، في ظل ارتفاع الأسعار المستمر وانقطاع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين، وانهيار العملة المحلية.


وأدت الاستجابة الواسعة لدعوة العصيان إلى إغلاق المحال التجارية في المدينة، فيما أغلقت الشوارع وأوقف بعض السكان أنشطتهم اليومية، مما يعكس حجم المعاناة والاحتقان الشعبي في المحافظة بسبب التدهور الاقتصادي وتفاقم الأعباء المعيشية.


وانطلقت المسيرة الحاشدة من مختلف أحياء وشوارع مدينة زنجبار، حيث تدفق المشاركون من كل حدب وصوب تعبيرًا عن غضبهم من الأوضاع المعيشية المتدهورة التي باتت تثقل كاهل المواطن العادي. جابت المسيرة شوارع المدينة ذهابًا وإيابًا، حيث تعالت أصوات المحتجين بشعارات لاذعة مثل "يا للعار الشعب يموت من الأسعار"، في إشارة واضحة إلى مدى السخط الشعبي إزاء موجات الغلاء التي لم تترك متنفسًا للعائلات البسيطة.

وشهدت هذه المسيرة مشاركة بارزة للنساء، اللاتي عبّرن عن تضامنهن مع قضايا الشعب، وأكدن أن الأعباء الاقتصادية لا تستثني أحدًا. كانت أصواتهن قوية ومرتفعة، حيث نددن بما وصفنه بسياسات "التجويع والإفقار" المتعمدة التي أدت إلى تدهور حياة المواطن إلى هذا الحد.


وتواصلت المسيرة حتى وصلت إلى محيط المجمع الحكومي بمدينة زنجبار، حيث تجمع المحتجون أمام المبنى في وقفة احتجاجية حاشدة، مطالبين بتدخل فوري لمعالجة هذه الأوضاع. ألقى الأستاذ صالح سالم أبو الشباب، رئيس اللجنة التصعيدية للاحتجاجات الشعبية وعضو المجلس الاستشاري للمجلس الانتقالي الجنوبي، كلمة أمام الحشد أكد فيها على أهمية استمرار هذا الزخم الشعبي حتى تُلبى المطالب، مشدداً على ضرورة تخفيف الأسعار وإعادة العملة المحلية إلى مكانتها السابقة، قائلًا إن الشعب قد ذاق ويلات العذاب نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة للحكومات المتعاقبة، وأنه آن الأوان لإصلاحات جادة تعيد الأمل للناس.


وأشار أبو الشباب إلى أن "سياسة الإذلال والتجويع التي مارستها الحكومات المتعاقبة تجاه شعب الجنوب يجب أن تتوقف فورًا"، مؤكدًا ضرورة اتخاذ موقف جاد من قبل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعتبر شريكًا في حكومة المناصفة، وبالتالي يتحمل جزءًا من المسؤولية عن الوضع المأساوي الذي وصل إليه الشعب من جوع وفقر وإذلال.


كما لفت إلى أن الاحتجاجات الشعبية لن تتوقف حتى يتم تلبية مطالب الشعب وتخفيف المعاناة التي أثقلت كاهله. وأكد أن العديد من الأسر باتت على حافة الفقر وتعاني من الجوع والحرمان، في حين لم تظهر حكومة معين عبد الملك أي اكتراث لهذه الأوضاع المأساوية. واختتم حديثه بالمطالبة برحيل الحكومة فوراً، باعتبارها غير قادرة على توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة للشعب.

وألقت الناشطة نعمة أحمد كلمة في مستهلها حيت الجموع الحاضرة ودعت إلى مواصلة التصعيد والوقوف صفًا واحدًا ضد سياسات التجويع والإذلال التي تمارسها الحكومات الفاسدة. وأشارت إلى أن ما وصل إليه الشعب من معاناة نتيجة ارتفاع الأسعار وتدني الخدمات قد أصاب المجتمع في مقتل، مطالبة المجلس الانتقالي الجنوبي بأن يقوم بواجبه الأخلاقي تجاه الشعب الذي فوضه، وألا يكون شريكاً في هذه المعاناة. وأكدت أن سحب التفويض الشعبي من المجلس قد يصبح خيارًا متاحًا إذا استمرت الأوضاع على حالها، حيث عانت الناس من مرارة الظلم.


ومن جانبه، قال رئيس ملتقى أبناء زنجبار، العميد محمد عكف، إن خروج المواطنين في هذه التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية ليس سياسيًا بل هو تعبير عن مطالب حقوقية بسبب تردي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة المحلية، وارتفاع الأسعار التي أثقلت كاهل المواطن المغلوب على أمره. وأشار إلى أن الأوضاع أصبحت صعبة، ولا بد من اتخاذ معالجات ضرورية وفعالة بدلًا من الاكتفاء بالشعارات والتصريحات، مضيفًا أن الشعب يموت جوعًا بينما الحكومة تتفرج، دون أن يلوح في الأفق أي حلول.

ولفت إلى أن هذه التظاهرات هي رسالة واضحة للمجلس الرئاسي وحكومة معين عبد الملك للقيام بواجبهم الأخلاقي تجاه الشعب، محذرًا من أن تصعيد الموقف سيكون حتميًا إذا استمر الوضع على ما هو عليه، حيث يعاني الناس من مرارة العذاب والهوان والجوع.

وأكد بعض المشاركين في المسيرة والاحتجاجات الغاضبة أنهم خرجوا للتنديد بتدهور الأوضاع المعيشية والفقر الذي طال كل منزل، في ظل سكوت الحكومة الفاسدة التي لم تقم بواجبها الأخلاقي تجاه الشعب المطحون بلهيب الأسعار. وفي أحاديث متفرقة لـ "الأيام"، أوضح المشاركون أن الوضع مزري والظروف المعيشية صعبة، حيث تتغذى بعض الأسر من براميل القمامة، بينما يعيش المسؤولون في أبهى أيامهم، في حين يعاني المواطنون من الجوع وارتفاع الأسعار.