> محمد بن فضل:
تغيب التوعية بخطر الزواحف وأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي
فهم باسلم (56 عامًا)، لغة الثعابين، وأصبح يعيش حياة فريدة، فهو يحيط نفسه بمجموعة متنوعة منها، ويتعامل معها كأصدقاء، ويقدم عروضًا استعراضية مذهلة، حيث يروّض الأفاعي ويظهر مهاراته في التعامل معها.

لم تخلُ تجربة باسلم من مواقف محرجة، إذ يقول:” ذات مرة هربت أفعى شديدة السمية من قفصها داخل منزلنا، مما أثار حالة من الهلع بين أفراد الأسرة قبل أن أتمكن من الإمساك بها مجددًا”، لافتا أن ملاك سيارات الأجرة يرفضون صعوده قبل أن يقوموا بتفتيشه خوفا من الثعابين “إذ كنت لا أمشي إلا ولدي مجموعة من الثعابين”.
وتغيب التوعية التي تشمل التعريف بخطر الزواحف وأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي مع التركيز على طرق التعامل مع الأفاعي وكيفية التصرف في حالات الطوارئ والتمييز بين الأفاعي السامة وغير السامة.
وبحسب الصحة العالمية يُقدّر عدد الأشخاص الذي يتعرضون للدغات الثعابين حول العالم بنحو 5,4 مليون شخص سنويًّا، ينجم عنها ما يتراوح بين 1,8 و2,7 حالة تسمّم. يلقى ما بين 410 81 إلى 880 137 شخصًا مصرعهم كل عام بسبب لدغات الثعابين التي تسبب أيضًا نحو ثلاثة أضعاف ذلك من حالات بتر الأطراف وغيرها من حالات العجز الدائمة سنويًا.
> أثناء تجوله داخل إحدى المزارع، عثر إبراهيم باسلم على أفعى صغيرة محاصرة بين الأغصان، وبدلًا من الفرار، مد يده وأنقذها، في موقف غيّر مجرى حياته، وبدأ يشعر أن له صلة خاصة بهذا الكائن الغامض، الذي أصبح رفيقه الدائم.
- مغامر بين أنياب الثعابين
استطاع باسلم المنحدر من مديرية غيل باوزير بمحافظة حضرموت شرق اليمن، أن يكشف عن جوانب خفية من حياة الثعابين، مخالفًا كل القواعد التي تعوّد البشر عليها في نمط حياتهم بالخوف من الثعابين، وأصبح فارسًا أنقذ الكثيرين من مخاطر الزواحف السامة.
اعتاد سكان منطقة إبراهيم العيش وسط حقول خضراء تتناثر هنا وهناك، وفيها أظهر إبراهيم شجاعة فطرية وحبًا للحياة البرية، فقد كان ذلك الطفل الذي يتسلق الأشجار بمهارة، ويتأمل حركات الزواحف بدهشة، لكنه لم يكن يخشى الاقتراب منها كما يفعل أقرانه.
عشق إبراهيم للأفاعي يتجاوز مجرد هواية، فهو يرى في هذه المخلوقات سحرًا وجمالًا لا يضاهى، ويقول لمنصة ريف اليمن:” فهم سلوك الثعابين يمكن أن يعلمنا الكثير عن الحياة والتكيف”. ويضيف: “يتعجب الكثير عن سر لوعتي بحب الأفاعي والثعابين، هذه هي هوايتي ولم يعلمني أحد إياها وإنما نمت بالتجربة وخوض غمار المخاطرة”.
ويواصل حديثه قائلا:” أصبحت مغرمًا بهذه الزواحف لدرجة أنني كنت احتفظ بها داخل قميصي الداخلي وأضع الكوبرا كحزام حولي بطريقة خاصة ولي خبرتي الطويلة في طرق الإمساك بها”.
اعتمد إبراهيم في تربية الأفاعي على مبادئ دقيقة، حيث وفّر لها بيئة مشابهة لبيئتها الطبيعية، واهتم بتغذيتها بعناية، ويقول: “كنت أدرك أن لكل نوع من الأفاعي سلوكًا مختلفًا يتطلب تعاملًا خاصًا وعلى الأساس تمت التعامل معها”.

- شجاعة أم تهور؟
استثمر باسلم موهبته، وسخّرها في سبيل تخليص منازل السكان من الثعابين، ورغم ذلك تباينت نظرة المجتمع تجاهه حيث إن البعض اعتبره بطلًا شجاعًا بفضل خبرته ونجاحه في تجنيب الأهالي مخاطر هذه الزواحف، بينما رآه آخرون شخصًا غريب الأطوار يخاطر بحياته في هواية خطيرة.
الناشط المجتمعي عمر فاروق قال إن إبراهيم ليس مجرد شخص يهوى الأفاعي، وإنما بطل حقيقي يسعى لإنقاذ مجتمعه من المخاطر ويقدم خدمة إنسانية في مجتمع يتعامل بحذر مع هذه الكائنات”.
ويضيف فاروق لمنصة ريف اليمن:” ساهم إبراهيم بإنقاذ عشرات المنازل من أخطار الأفاعي السامة التي كانت تتسلل إليها، مستخدمًا خبرته الواسعة في الإمساك بها دون التسبب في أذى لأي طرف، وأصبح المنقذ من أي موقف يكون فيه الثعبان هو البطل.
- مخاطر وأرقام
توجد في حضرموت أنواع مختلفة من الأفاعي، ويقول إبراهيم إنه تعرّف على العديد من هذه الأنواع التي أمسك بها منها “الأفعى المقرنة، والثعبان الأسود، والأفعى الرملية، والكوبرا، وهي أكثر الأنواع انتشارًا وأكثرها خطورة” يضيف إبراهيم.
وكما يقول عنترة بن شداد “إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ”، فإن تربية الأفاعي والثعابين كهواية قد تحمل مخاطر صحية وبيئية متعددة، وسجلت حوادث وفاة للعديد من مروضي الثعابين في دول متعددة.
كما أن تربية الأفاعي والثعابين قد تحمل مخاطر صحية وبيئية، خاصةً عند التعامل مع الأنواع السامة، وتتواجد في اليمن أنواع مختلفة من هذه الثعابين، حيث أظهرت دراسة أجريت في مديرية حيفان بمحافظة تعز، إنه تم توثيق وجود 13 نوعًا من الثعابين، بعضها سام ويشكل خطرًا على الإنسان.