أنزلت هذه السورة على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في أوسط أيّام التشريق، فعرف من نزولها عليه، بأنّها الوداع، ثم قام في الناس، وخطب خطبة الوداع، وسبب نزولها أنّ الله أمر الرسول -صلى الله عليه وسلّم- بالتسبيح والاستغفار إذا ما رأى علامة النصر؛ وهي دخول الناس إلى الإسلام جماعات جماعات. متى نزلت سورة النصر؟ سورة مدنيّة نزلت في المدينة المنورة، بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وهي آخر سورة نزلت جميعًا.
- المقصود بالفتح في سورة النصر
يقصد بالنصر الوارد في السورة الكريمة حسب قول ابن عبّاس؛ بأن المقصود بالفتح هو أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، فإن السورة ما نزلت على رسول الله إلّا للاستعداد لذلك النصر بالتسبيح لله -تعالى- والاستغفار فهو التواب الغفور.
- موضوعات سورة النصر
احتوت سورة النصر على الرغم من قلة عدد آياتها على عدد من المواضيع والأفكار الّتي يستفيد منها المرء المسلم في حياته، ومنها ما ياتي:يدرك المسلم بأن الطريق إلى سبيل الله -تعالى-، والدعوة له، غالبًا ما تبتدئ ضعيفة، وعدد الأنصار قليل، وغالبًا ما تنتهي بالنصر من الله -تعالى-، وزيادة الأنصار والأتباع، فيسعى قدر إمكانه على الثبات على ما هو عليه من المسير في طريق الدعوة والحق.
يدرك المسلم بأن خير وسيلة لشكر الله -تعالى- على ما منحه إياه من النعم، والنصر والتأييد، يكون بالتسبيح، والاستغفار، وذكر الله عمومًا.
يطبّق المسلم ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بعدما نزلت السورة الكريمة عليه، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا ينتقل من مكان لمكان ومن حال إلى حال إلّا ان يسبّح الله -تعالى-، ويكثر من ذكره -سبحانه تعالى-.
- فوائد من سورة النصر
حيث وعده يوم الحديبية بفتح مكة، يقول تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)،وقد تحقق هذا الوعد وحصل الفتح وجاء النصر، فأنزل الله هذه السورة ممتنا بها على نبيه بتحقيق الوعد.
- شكر الله -تعالى- وتسبيحه عند حصول النعم
وأعظم هذه النعم نعمة النصر على العدو والفتح المبين، وقد كان دأب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد نزول هذه السورة كثرة حمد الله وتسبيحه، وقد كان هذا الفعل من النبي -صلى الله عليه وسلم- امتثالاً لأمر الله -تعالى-.
- التواضع والاستغفار على ما كان من التقصير ونسبة الفضل إلى الله -تعالى-
بعد أن امتن الله -تعالى- على رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى المؤمنين بفتح مكة ونصرهم يوم حنين، أمرهم بالاستغفار، فقال -تعالى-: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْه)،والاستغفار هو علامة التواضع مع الله -تعالى-، وقد ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في التواضع عند فتح مكة.
- قبول توبة التائبين
ومن أسماء الله الحسنى: التواب، يقول -تعالى-: (إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)،فهو الذي يقبل توبة التائبين، وقد تناسب هذا الحال مع دخول الناس للإسلام أفواجاً أفواجاً بعد فتح مكة، فقد قبل الله توبتهم وإسلامهم بعد أن كان كثير منهم قد عاند وعادى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي مضمون الآية حث لعباد الله على التوبة والرجوع إلى الله -تعالى-.
ملخص المقال:
يتضّح مما سبق، بأن سورة النصر نزلت في أواخر حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- فقد تنوّعت الأقوال في معنى النصر، الّذي به سمّيت السورة الكريمة، فمنهم من قال هو علامة انتهاء أجل رسول الله ، ومنهم من قال علامة انتشار الدين الإسلامي وفتح مكة، وازدياد أعداد الداخلين إلى الإسلام، بصورة غير معهودة.