> عدن «الأيام» محمد رائد محمد:

قال رئيس نقابة التعليم الفني والتدريب المهني في العاصمة عدن م. رائد سالم العفاري "إن ملايين المواطنين في الجنوب والمناطق المحررة يواجهون ظروفاً اقتصادية قاسية للغاية".
م. رائد العفاري
م. رائد العفاري


وأضاف العفاري أن "توفير لقمة العيش قد أصبح حلماً بعيد المنال، والرواتب مجرد أرقام لا قيمة لها ولا تُصرف"، مشيرًا إلى أن هذا الوضع المأساوي يتفاقم مع الارتفاع الجنوني للأسعار، مما يدفع بالأسر نحو الهاوية ويهدد بانهيار المجتمع بأكمله.

ومضى رائد العفاري قائلًا: "لم يعد الغلاء في المناطق المحررة مجرد زيادة في الأسعار، بل تحول إلى سكين يقطع أوصال الحياة الكريمة للمواطن الجنوبي، وتضاءلت القوة الشرائية بشكل كبير، بينما تتزايد قائمة الاحتياجات الأساسية"، لافتًا إلى أن "الأب يجد نفسه عاجزًا عن توفير الحليب لأطفاله، والأم في حيرة لتدبير وجبة واحدة، والخبز، الزيت، السكر، وحتى الماء الصالح للشرب، أصبحت سلعاً تتطلب ميزانيات تفوق بكثير ما يتقاضاه الفرد، إن تقاضى شيئًا أصلًا".


وبيَّن رئيس نقابة التعليم الفني والمهني في العاصمة عدن أن هذه الفجوة المتسعة بين الدخل والأسعار تصنع بيئة من البؤس واليأس، وتدفع الكثيرين للبحث عن طرق غير تقليدية، ومحفوفة بالمخاطر، لتأمين قوت يومهم.

وتابع رائد سالم العفاري حديثه: "إلى جانب الغلاء الطاحن تأتي كارثة انقطاع الرواتب لتزيد الوضع سوءًا في الجنوب الحبيب، فالموظفون الذين يعتمدون بشكل كلي على رواتبهم يجدون أنفسهم فجأة بلا مورد رزق، وهذا الانقطاع ليس مجرد تأخير، بل هو حكم بالإعدام البطيء لآلاف الأسر التي تعيش على الكفاف، لتتوقف عجلة الحياة، وتتراكم الديون، ويصبح المرض كابوسًا لا يُمكن التعامل معه لعدم توفر المال اللازم للعلاج"، مضيفًا أن المواطن الجنوبي يفقد كرامته وشعوره بالأمان، وتتآكل ثقته بالمؤسسات التي من المفترض أن ترعى مصالحه.


وقال رائد سالم: "ما يزيد من مرارة هذه الظروف في المناطق المحررة بالجنوب هو الشعور بأن هذه المعاناة ليست قدرًا محتومًا، بل هي نتيجة مباشرة لإهمال وتراخٍ حكومي، فلا مبالاة من المسؤولين تجاه صرخات الشعب، ولا اتخاذهم لخطوات جدية للتخفيف من حدة الأزمة، فهذا يمكن اعتباره "قتلًا عمدًا" مع فارق واحد أن هذا القتل لا يتم بطلقة رصاص، بل بتجويع وإفقار ممنهج، فعندما تصبح حياة المواطن الجنوبي بلا قيمة في نظر من يفترض بهم حمايته وتأمين رفاهيته، فإن الثقة تتهاوى، ويحل محلها الغضب والإحباط".

وذكر المسؤول النقابي أن غياب الرؤى الاقتصادية الواضحة، والفساد المستشري، وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، كلها عوامل تساهم في تفاقم الأزمة ودفع المواطن نحو هاوية لا قرار لها.

يقول العفاري "إن الاستمرار في هذا المسار لا يُنذر إلا بمزيد من التدهور والاضطراب الاجتماعي، فالقوت الأساسي ليس رفاهية، والراتب ليس مِنَّة، بل حق من حقوق الإنسان الأساسية والتي يجب على أي حكومة مسؤولة أن تضمنها لشعبها".

وشدد م. رائد العفاري على أن "إيجاد حلول جذرية لهذه المعضلات لم يعد خيارًا بل ضرورة مُلحِّة لوقف نزيف المعاناة وإنقاذ ما تبقى من كرامة هذا الشعب".