> عدن «الأيام» علاء بدر أحمد:

في سوق السيلة بمديرية صيرة وسط العاصمة عدن، تتحدث امرأة مطلقة لـ "الأيام" بنبرة دامعة، مؤكدة أن بسطة بسيطة فتحت لها باب الكرامة، وأمّنت لها قوت يومها بعد سنوات من الحاجة والحرمان.


السوق الذي بات ملاذًا لعشرات النساء هو "سوق النساء الشعبي"، مشروع وُلد من رحم الحاجة والظروف الاقتصادية القاسية، حيث اضطرت كثير من النساء العدنيات لدخول سوق العمل بحثًا عن لقمة العيش ومساحة آمنة لعرض منتجاتهن.
  • فكرة بدأت بالمناصرة وتحولت إلى تمكين
منى عباس
منى عباس
مشروع سوق النساء انطلق بمبادرة من مؤسسة "بديل للتنمية"، وبحسب منى عباس رئيسة المؤسسة، فإن الفكرة جاءت بعد شكاوى متكررة من نساء واجهن مضايقات في الأسواق العامة، فكان لا بد من خلق بيئة تراعي خصوصيتهن وتحمي كرامتهن، بتنسيق مباشر مع المجلس المحلي بمديرية صيرة.

تقول عباس: "بدأ السوق بأبسط الإمكانيات، كانت بعض البضائع لا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف ريال يمني، واليوم مضت تسعة أشهر على افتتاحه، حيث تتواجد النساء عند توفر البضاعة فقط، وبدأت مشاريعهن تنمو تدريجيًا".
  • زيارة مفاجئة أحدثت تحولًا جذريًا
التحوّل الأكبر في المشروع جاء بعد زيارة مفاجئة من السيدة دينا زوربا، الممثل المقيم لهيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women)، التي وصلت السوق بشكل عفوي وبدون إشعار مسبق. أعربت زوربا عن إعجابها بما رأت، وأبدت استعداد الهيئة لدعم السوق وتطويره.

  • تأهيل وتدريب وتمكين 40 امرأة
منسقة المشروع، شفاء سعيد باحميش، أوضحت أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة وقّعت مؤخرًا عقدًا مع المجلس المحلي في صيرة، بحضور مدير المديرية د. محمود بن جرادي، يلتزم بتدريب 60 امرأة في مجالات التسويق والإدارة المالية، إضافة إلى تمكين 40 منهن عبر توفير 20 كشكًا رسميًا، بحيث تتشارك كل امرأتين كشكًا واحدًا، إلى جانب تخصيص 10 أكشاك لرائدات تم تمكينهن سابقًا.

أشارت باحميش إلى أن الموقع اختير مسبقًا كمكان آمن من قبل منظمة "أوكسفام"، ليبتعد عن بيئة الأسواق العامة التي تعاني فيها النساء من التحرش والمضايقات.
  • آمال وتحديات
آزال مصطفى عبدالله، صاحبة مشروع بسيط داخل السوق، أكدت ارتياحها للموقع الذي وصفته بـ"الآمن"، خاصة في ظل غياب الرجال، لكنها أبدت مخاوف من ضعف القوة الشرائية، وعدم وجود مخازن لتخزين البضائع. وقالت: "أحيانًا نبيع بـ 500 ريال فقط، وفي بعض الأيام لا نبيع شيئًا.. لكننا نتمسّك بالأمل".

  • من الفاقة إلى الإنتاج
سارة علي محمد، من جانبها، أوضحت أنها أنشأت بسطة منذ ثمانية أشهر بعد أن ألمّت بها الحاجة. تبيع سلعًا يدوية ومحلية وأخرى مستوردة بأسعار زهيدة، وتهدف إلى تطوير مشروعها لتحسين وضعها المعيشي، قائلة: "أردت تغيير واقعي والاعتماد على نفسي".

  • قصة نجاة
أما "الحسين"، وهي مطلقة لم تنجب وتعيش بلا معيل منذ 22 عامًا، فتختزل المعاناة في دموعها، وتقول لـ "الأيام" بصوت مخنوق: "هذه البسطة أنقذتني من العوز وسؤال الناس.. وفرت لي كرامتي وطعامي اليومي".

  • المرأة العدنية تثبت حضورها
مشروع سوق النساء الشعبي يُعدّ تجربة ملهمة تعكس قدرة المرأة العدنية على مواجهة الظروف بكرامة، وتفتح آفاقًا جديدة لتمكين النساء اقتصاديًا واجتماعيًا، في خطوة يُأمل أن تتوسع إلى مديريات أخرى في عدن وخارجها.