> «الأيام» عن «الأناضول»
حين حلّقت الطائرة الإثيوبية في سماء صنعاء على متنها 50 جريحا حوثيا، متجهة إلى سلطنة عمان، بدا أن مشاورات السويد التي ترعاها الأمم المتحدة بين الأطراف اليمنية ممكنة، بعد تعثر مشاورات جنيف مطلع سبتمبر الماضي.
وكانت تلك الجولة «الفاشلة» هي الأولى منذ عامين، والرابعة بعد مشاورات جنيف وبيل (السويسريتين) عام 2015، ومشاورات الكويت 2016.
ويأمل اليمنيون بأن تكون مشاورات السويد بداية لإنهاء الحرب، إذ أن الصراع المستمر منذ أواخر 2014، خلّف أوضاعًا معيشية وصحية متردية للغاية، وبات معظم سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات، بحسب الأمم المتحدة.
مؤشرات إيجابية
وسبق انعقاد المشاورات مؤشرات إيجابية، حيث أجلت الأمم المتحدة جرحى الحوثيين من صنعاء، مساء الإثنين الماضي، لتحقق شرط الجماعة الأهم، والمقرون بمشاركتهم في المشاورات.
وقال مصدر في الحكومة اليمنية، للأناضول، مفضّلا عدم الكشف عن هويته، إن ملف الإفراج عن الأسرى لم يعد شائكا، وإن الطرفين اتفقا على أن تكون اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي الوسيط.
غير أن سفر وفد الحوثيين إلى السويد برفقة سفير الكويت على متن طائرة كويتية، ووصولهم إلى السويد مساء الثلاثاء، هي الخطوة التي عززت من عودة اليمنيين إلى طاولة المشاورات.
إيران المتهمة بدعم الحوثيين، أعلنت دعمها محادثات السلام، وقالت إنها على استعداد للمساعدة من أجل إيجاد حل سياسي.
وبحثت الحكومة السويدية مع الحكومة اليمنية الترتيبات اللوجستية لعقد جولة المشاورات، معبّرة عن آمالها في أن تتوصل الأطراف لاتفاق سلام.
ملفات متباينة
وحتى اللحظة يتحدث المبعوث الأممي حول المشاورات بصيغة عامة، وما تزال أجندة المشاورات غامضة.
وقال «سنبحث الإطار العام للمفاوضات المستقبلية وآليات بناء الثقة، ووقف الحرب ورئاسة البلاد، وتشكيل الحكومة اليمنية، والفترة الانتقالية والآليات المتصلة بها».
ويظهر أن مشاورات السويد أقل أهمية من سابقاتها، فالجولات الثلاث كانت تبحث عن وقف للحرب وحل الأزمة، بينما تبدو ملفات الأخيرة لا تتعدى معالجات إنسانية، كان من الممكن أن توجهها الأمم المتحدة لأطراف الصراع.
وأضافت الباحثة اليمنية «من الممكن أن الطرفين سيتفقان على بعض القضايا ذات أهداف سقفها منخفض، مثل الإفراج عن الأسرى ورواتب الموظفين، وهاتان القضيتان أعتقد أنه أيضاً من الصعوبة الاتفاق عليهما».
جهود جريفيثس
وبينما كان المبعوث الأممي السابق لليمن إسماعيل ولد الشيخ لا يتمتع بخبرة دبلوماسية كبيرة، حيث وصفه مراقبون بأنه موظف إغاثة لا أكثر، ترتفع حظوظ الدبلوماسي البريطاني مارتن جريفيثس، مع الضغوط التي تمارسها بلاده في اليمن.
تلك التحركات دفعت الكاتب والصحفي عبدالله صبري إلى التعويل على جهود جريفيثس لدفع كل الأطراف بما فيهم التحالف العربي للانخراط في إجراءات الثقة التي تمهد لمفاوضات جادة.
وأضاف «بالطبع وفد الحوثيين يرفض صيغة الحل بهذا الشكل، لكنه لن يمانع من تسليم الملف الأمني لحكومة توافقية، مع العلم أن المبعوث السابق كان قد توصل إلى ذلك، بحسب مبادرة كيري التي أطلقها في 2016».
سعى حينها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس إلى عودة ممثلي الحكومة اليمنية والإدارة الحوثية، لطاولة المشاورات، لكنه فشل مع غياب الحوثيين عن جنيف، إثر رفض التحالف العربي الذي تقوده السعودية، السماح بإجلاء جرحاهم إلى «مسقط».
لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفا، مع تزايد الضغوط على السعودية والإمارات لوقف الحرب، ومنع تفاقم المجاعة التي تضرب أفقر دولة بشبه الجزيرة العربية، فيما ألقت أزمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، بظلالها على حرب اليمن.
ومنذ عام 2015 ينفذ تحالف تقوده الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن، دعمًا للقوات الحكومية، في مواجهة انقلاب الحوثيين على حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وسيطرتهم على محافظات، بينها صنعاء منذ عام 2014.
وسبق انعقاد المشاورات مؤشرات إيجابية، حيث أجلت الأمم المتحدة جرحى الحوثيين من صنعاء، مساء الإثنين الماضي، لتحقق شرط الجماعة الأهم، والمقرون بمشاركتهم في المشاورات.
وبعدها بساعات، أعلن الحوثيون التوقيع على اتفاق مع الحكومة اليمنية والتحالف على تبادل للأسرى، وفق جدول زمني وعلى مراحل متعددة.
وأوضح أن قوائم الأسرى والمختطفين لدى الطرفين تحوي على قرابة 5 آلاف اسم.
وفضلا عن تصاعد المؤشرات الإيجابية لحلحلة الأزمة، فإن المشاورات لاقت ترحيبا من المجتمع الدولي، لينعكس في مطالبات للطرفين بضرورة التوصل لتفاهمات، تخفّض حدة التصعيد العسكري، وتعالج الوضعين الإنساني والاقتصادي.
ورحبت ألمانيا بالمشاورات، معربةً عن أملها في «محفزات أولية»، بينها تسهيلات إنسانية، قبيل انطلاقها.
الموقفان الأمريكي والبريطاني هما الأهم، والدولتان الفاعلتان في الملف اليمني شددتا - عبر تصريحات متكررة لمسؤوليهما - على إنهاء الحرب والتوصل إلى صيغة اتفاق تضمن التوصل إلى سلام دائم.
وحتى اللحظة يتحدث المبعوث الأممي حول المشاورات بصيغة عامة، وما تزال أجندة المشاورات غامضة.
ويبدو أن الأمم المتحدة قاصدة أن تعيد الطرفين إلى طاولة المشاورات دون تحفظ، لكن عضو فريق الحوثيين حميد عاصم، قال إن المشاورات ستبحث ملفين رئيسيين، الأول هو الإطار العام للمفاوضات، والآخر يتعلق بالشق الإنساني.
وأضاف: «الملف الآخر يتعلق بالشق الإنساني والملف الاقتصادي وفتح المطارات والمعابر والموانئ، والأسرى والمختطفين».
هذا الأمر جعل الباحثة والصحفية ميساء شجاع الدين تقول إن الحديث عن مشاورات حول إطار لجولات تفاوضية مقبلة ومعالجات إنسانية، لا يرقى إلى النقاش حول وقف الحرب والتوصل إلى سلام في بلد يعج بالتعقيدات.
وترى ميساء أن مشاورات السويد لن تحقق تقدما بارزا بين الطرفين.
وبينما كان المبعوث الأممي السابق لليمن إسماعيل ولد الشيخ لا يتمتع بخبرة دبلوماسية كبيرة، حيث وصفه مراقبون بأنه موظف إغاثة لا أكثر، ترتفع حظوظ الدبلوماسي البريطاني مارتن جريفيثس، مع الضغوط التي تمارسها بلاده في اليمن.
وتتسم تحركات جريفيثس بأنها أكثر جرأة، حيث أوقف هجوم القوات الحكومية والتحالف العربي لاستعادة مدينة الحديدة ، وزار مينائها الذي يستقبل نحو 75 % من واردات البلاد وشحنات الإغاثة الإنسانية.
ويقول «إن ثمة فرصة سانحة لنجاح المشاورات، لكنه يبدي خشيته في حال اشترط وفد الحكومة تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، وهو القرار الذي تعامل مع الحوثيين كطرف انقلابي، عليه أن يرضخ للحكومة اليمنية.